كيف قضت المحكمة بغرامة 3 مليارات و350 مليون سنتيم في حق بارون مخدرات

 

 

 

حكاية جريمة

المال القذر للمخدرات...الحلقة التاسعة

بعد المداولة التي استغرقت سبعة عشر ساعة ساد فيها صمت رهيب، نطقت محكمة العدل الخاصة بالرباط بالأحكام، وسط ترقب أسر المتابعين في الملف وهيئة الدفاع، لتقضي بإدانة  مسؤولين بالأمن والدرك والجمارك إلى جانب مجموعة من القضاة بعقوبات سجينة نافدة تراوحت ما بين سنة وسنتين بتهم استغلال النفوذ وتلقي الرشاوى.

المحكمة تعاملت أيضا بسخاء كبير مع منير الرماش بعد أن أصدرت في حقه  عقوبة  بثلاث سنوات سجنا نافدا، أضيفت إلى عقوبة 20سنة سجنا التي قضت بها محكمة الجنايات بتهم الاتجار الدولي في المخدرات، واحتجاز شخص  ضدا على القانون واستعمال ناقلة ذات محرك.

كما أن العقوبات الصادرة في حق بارون المخدرات الرماش لم تقتصر على قضائه عقدين من الزمن داخل أسوار السجن، بل أمرت المحكمة أيضا بغرامة ثقيلة لفائدة الجمارك قدرها 3 مليارات و350 مليون سنتيم.

غريم الرماش والذي كانت عصابته الطرف الثاني في المواجهة بالأسلحة النارية التي فجرت هذه القضية، كان حظه أسوأ، حيث قضت محكمة الجنايات  في حقه بالمؤبد، وهي نفس العقوبة التي طاردت عنصرا آخر ضمن نفس العصابة ظل في حال فرار، وذلك بعد مؤاخذتهما من أجل محاولة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد واستعمال السلاح والاتجار في المخدرات والتزوير في محرر إداري وحيازة  سلاح ناري، في حين صدرت في حق باقي العناصر عقوبات سجنية وصلت إلى 20 سنة سجنا نافذا.

ورغم أن العقوبات التي صدرت في مواجهة الرماش ومن معه، تم استيعابها بالنظر إلى خطورة الأفعال المنسوبة  إليهم، فان الأحكام في حق عدد من المسؤوليين والقضاة أثارت  ضجة لاحقت القضية في مرحلتها الاستئنافية بعد أن وجه حوالي 120 قاض رسالة لوزير العدل يستنكرون فيها متابعة زملائهم رغم عدم  وجود أدلة، ليشهد ملفهم تحولا لافتا مع صدر قرار عن المجلس الأعلى والذي قضى بنقض وإبطال الحكم الصادر عن محكمة العدل الخاصة بالرباط سنة 2004 بإدانة سبعة متهمين،مع إحالة القضية للمناقشة من جديد على محكمة الاستئناف بطنجة.

نقض الحكم اعتبر منعطفا في هذه القضية التي شغلت الرأي العام وأثارت جدلا سياسيا وقانونيا، وهو ما تأكد بعد أن حسمت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف  بطنجة في الأمر، وقضت ببراءة ضباط الأمن والدرك  وأيضا القضاة المتابعين في إطار قضية "منير الرماش ومن معه" من التهم المنسوبة إليهم.

صدور الأحكام في الملف لم يشكل حسب عدد من المتتبعين النهاية الحقيقية للقضية بعد أن رصدت عدة ثقوب تسللت منها أسئلة حارقة وعلامات استفهام كبيرة، حول هوية  الرأس المدبر و العراب الكبير الذي يدور في فلكه باقي بارونات المخدرات، وهي الأسئلة التي سربت لأجلها  بعض الأجوبة المنقوصة لقطع الطريق على محاولات النبش في خبايا عالم المخدرات بالشمال، من خلال رمي المزيد من بارونات المخدرات في طريق العدالة وسحقهم بعقوبات ثقيلة.

ورغم إيداع الرماش بالسجن لقضاء عقوبته،فان اسمه ونشاطه في التهريب الدولي للمخدرات  سيعود للواجهة، بعد أن وجد نفسه في قلب قضية كبيرة مرتبطة أيضا بالاتجار الدولي للمخدرات، لكن حضوره هذه المرة سيكون باعتباره شاهدا، أما المتهم فكان بارونا للمخدرات من العيار الثقيل، يعرف ب"الشريف بين الويدان" الذي تطلب اعتقاله تسخير أزيد من 30 عنصرا لمحاصرته  بإحدى مقاهي مدينة طنجة، قبل اقتياده للتحقيق لتنكشف فصول قضية أخرى أسقطت بدورها مسؤولين كبار قدموا للمحاكمة من بينهم عبد العزيز إيزو، مدير أمن القصور الملكية السابق.