أحمد العماري
تجري منذ شهور حرب صامتة بين فئة الأحزاب الكبرى بالمغرب، واقصد التجمع الوطني للأحرار والاستقلال والعدالة والتنمية والاصالة المعاصرة لرئاسة الحكومة المقبلة. حرب من المنتظر ان ستصبح علانية وشرسة مع قرب فترة الحملة الانتخابية.
دستوريا الحلم برئاسة الحكومة حق دستوري. لكن سياسيا الامر ليس بالهين خصوصا في ظل القوانين التنظيمية المؤطرة للاستحقاقات المقبلة والتي كانت مفاجأتها الكبرى احتساب القاسم الانتخابي على اساس المسجلين بدل المصوتين.
قاسم انتخابي زلزل الأغلبية الحكومية وعزل حزب العدالة والتنمية بعد رفض التصويت عليه مقابل تصويت أحزاب الأغلبية الحكومية والأحزاب المعارضة .
وتؤكد نظريات علم السياسة ان نوعية القوانين المؤطرة لأي انتخابات هي مؤشر على الخريطة السياسية المنتظرة ،لذى أقول ان مدونة الانتخابات للاستحقاقات المقبلة ستفرز خريطة سياسية جديدة سيكون حزب العدالة والتنمية من اكبر المتضررين فيها ، كما انها يمكن ان تخلق مفاجآت.
الاستحقاقات المقبلة والأحزاب الأكثر تأهيلا لقيادة الحكومة المقبلة:توحي عدة مؤشرات بأن هناك اربع أحزاب تتنافس على رئاسة الحكومة المقبلة ، لكن لكل حزب استراتيجيته وآلياته، مع فارق في نسب حظوظ الفوز.
التجمع الوطني للأحرار: يعرف هذا الحزب ثورة هادئة منذ مجيئ عزيز اخنوش الذي عمل على هيكلة وتنظيم الحزب ، ومأسسة اجهزته وهياكله ،والاستثمار في منهجية القرب والتواصل مع المواطن، والاستعداد القبلي للاستحقاقات المقبلة، وضبط الخريطة الانتخابية للحزب منذ شهور.
الاستعداد القبلي للانتخابات اختتمها عزيز اخنوش بتقديم برنامج انتخابي بشكل مغاير وبأرقام وبأجندات زمنية محددة وبموارد مالية مضبوطة تأخذ بعين الاعتبار مضمون تقرير النموذج التنموي الجديد.
لكن،رغم ‘’الثورة’’الهادئة التي أحدثها اخنوش داخل حزب الحمامة ، فهو واع كل الوعي بثقل المسؤولية وبمخاطر التحديات ،خصوصا وعيه ان مصير مستقبله السياسي يبقى مرتبطا بنتائج هذه الانتخابات.
فاذا ما توفق في هزم البيجيدي الذي فشل حزب فؤاد الهمة سابقا في هزمه وترأس الحكومة المقبلة فانه سيدخل التاريخ من ابوابه الكبرى ،واذا فشل في هاتين المهمتين فستكون نهاية لمساره السياسي وانهيار حزب التجمع الوطني للأحرار الذي هو في الأصل حزب الشخص اكثرمنه الحزب / المؤسسة.
وعليه، فعزيز اخنوش يدرك جيدا ان المعركة حول رئاسة الحكومة لن تكون سهلة ،وتقدم حزبه نتائج الانتخابات المقبلة ليس بالامر الهين، لكنه واع -أيضا- بأن كل ذلك ليس بالمستحيل للأسباب التالية:
× عزيز اخنوش رجل اعمال ناجح وجاء للسياسة ليدبرها بشكل آخر انطلاقا من الاستثمار في العنصر البشري ،والاعتماد على خطاب سياسي مغاير، ونهج سياقة القرب واعتماد مقاربة تواصلية جديدة مع المواطنين.
× عزيز اخنوش رئيس حزب الحمامة فهم جيدا تحديات مغرب ما بعد كورونا وتطلعات وانتظارات المواطن،لذلك اعلن عن برنامج انتخابي يجمع بين المقاربة الواقعية والبراكماتية السياسية والمعرفة الميدانية والتجربة التدبيرية للواقع المعيشي للمغاربة .
× عودة اخنوش القوية للساحة السياسية جاءت بسبب اقتناعه بأن مغرب التغيير ممكن، لكن شرط ممارسة السياسة بشكل آخر بعيدا عن الشعبوية والسياسوية.
× اعتماده على جلب فئات البرجوازية الصناعية والتجارية والمهنية الى جانب أطر ادارية شابة جديدة في الميدان السياسي وأعيان محليين ورجال أعمال .
× العمل على تقوية البيت الداخلي للحزب، وضبط هياكله وابعاد الفاسدين والانتهازيين وصقور الحزب التقليديين الذين استفادوا من الحزب في عهد الرؤساء السابقين.
× استفادته من الأزمات الداخلية التي واجهتها الأحزاب القوية، سواء الصراع داخل حزب العدالة والتنمية بعد المصادقة على القانون الاطار والتصويت على قانون القنب الهندي وتطبيع العلاقات مع اسرائيل، أو الصراع داخل الأصالة والمعاصرة خصوصا مع مجيئ وهبي الذي افرغ الحزب من
كثير من الأطر والاعيان والكائنات الانتخابية،او من الأزمة الداخلية التي يمر منها حزب الاستقلال نتيجة تضارب المصالح بين بركة وولد الرشيد المتحكم بدواليب الحزب .
× استثماره في الجانب التنظيمي لهياكل ولأجهزة الحزب داخل المغرب وخارجه.
× استقطاب رجال الأعمال من كل جهات المملكة بل حتى من أحزاب أخرى من العدالة والتنمية والاستقلال والاصالة والمعاصرة والحركة الشعبية مما منح الحزب ثقلا محليا وجهويا ووطنيا.
× استعراضه لتعاقد سياسي مع المغاربة معززا بالأرقام بكيفية محكمة، تعاقد يحمل بين طياته كل مقومات التغيير التي يتطلبها مغرب ما بعد كورونا، وان كان في ذلك مغامرة سياسية . انطلاقا من هاته النقط ، نقول ان الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2021 ستشكل أول اختبار حقيقي لعزيز اخنوش رئيس لحزب التجمع الوطني للأحرار أمام حزب العدالة والتنمية الذي تصدر الانتخابات البرلمانية لسنة 2011 و2016، محققا نتائج لم تحقق قط في تاريخ المغرب الانتخابي ب 125 مقعدا برلمانيا منتصرا بذلك على حزب الأصالة والمعاصرة الذي أسس للإطاحة بالإسلاميين.
لذلك ،سيكون حزب التجمع الوطني للاحرار في مواجهة قوية حزبي العدالة والتنمية والاستقلال خلال انتخابات2021 بالدرجة الأولى والاصالة والمعاصرة بالدرجة الثانية.
وعليه، يراهن عزيز اخنوش على اخراج التجمع الوطني للاحرار من لعب دور الحزب المحافظ على التوازن بالمشهد السياسي بالبلاد منذ تأسيسه سنة 1977،الى تصدر المشهد السياسي في الانتخابات المقبلة وترأس الحكومة القاد في ظروف استثنائية تتطلب رئيس حكومة استثنائي يقود حكومة استثنائية قادرة على الالتزام والمساهمة في انجاز المحاور الاستراتيجية للتحول الواردة في التقرير العام للنموذج التنموي الجديد وهي:
× ينــدرج المحــور الاستراتيجي الأول ضمــن تطويــر الاقتصــاد مــن اقتصــاد يتســم بقيمــة مضافــة ضعيفـة، وإنتاجية منخفضـة مـع أنشطة ريعيـة ومحميـة، إلـى اقتصـاد يتميـز بتعدد الأنشـطة وبالتنافسـية قائم علــى نســيج مكثــف مــن المقــاولات قــادرة علــى الابتــكار والمرونــة. ويجــب أن يكــون هــذا التحــول الاقتصـادي مصـدرا لنمـو اكبر وقـادرا علـى خلـق مناصـب شـغل ذات جـودة، قصـد تنويـع مصـادر خلـق القيمـة المضافـة وضمـان إدماج السـاكنة النشـيطة، خصوصـا الشـباب والنسـاء، فـي سـوق الشـغل.
× يرتكـز المحـور الاستراتيجي الثانـي علـى تعزيـز الرأسمال البشـري لبلادنا بهـدف منـح كل المواطنين القــدرات التــي تمكنهــم، بــكل استقلالية، مــن الأخــذ بزمــام أمورهم وتحقيــق طموحاتهــم والمسـاهمة فـي تنميـة البـلاد واندماجهـا فـي اقتصـاد المعرفـة والاقتصـاد اللامادي اسـتنادا إلـى الكفــاءات، ويتضمــن هــذا المحــور إنجاز إصلاحات أساسية، ضروريــة وعاجلــة لــكل مــن أنظمة الصحــة والتربيـة والتعليـم العالـي والتكويـن المهنـي.
× يهـدف المحـور الاستراتيجي الثالـث، المتمثـل في الإدمـاج، إلى مسـاهمة كل المواطنـات والمواطنين فـي الديناميـة الوطنيـة للتنميـة، الأمـر الـذي يسـتوجب إدماج كافـة المواطنيـن وكل المجـالات الترابيـة فـي المجهـود التنمـوي الجماعـي مـن خلال المشـاركة والولـوج المتكافئ الـى الفـرص الاقتصاديـة، ومـن خـلال الحمايـة الاجتماعيـة، ومـن خـلال الانفتـاح علـى الغيـر وتقبـل التنـوع الـذي يميـز المجتمـع المغربـي. لـذا، يجـب محـو كل المعاييـر الاجتماعيـة التمييزيـة وتجـاوز النقائص المرتبطـة بالمؤهـلات والقـدرات، والتـي تتسـبب فـي الإقصـاء الاجتماعـي، لفسـح المجـال لديناميـة الإدمـاج بواسـطة النمـو الاقتصـادي والعمـل وتعبئة المواطنيـن وتقويـة الرابـط الاجتماعـي.
× ويتعلــق المحــور الاســتراتيجي الرابــع بالمجــالات الترابيــة وتعزيــز مكانتهــا فــي صلــب العمليــة التنمويـة. ويسـتدعي هـذا التوجـه الانتقـال بالمجـالات الترابيـة مـن مجـرد وعـاء نهائي لتفعيـل سياسـات عموميـة، مقـررة علـى المسـتوى المركـزي، إلـى فاعـل رئيسي فـي إعـداد السياسـيات العموميـة وإرسائها وإنجازها. ومـن شان ذلـك أن يمثـل رافعـة أساسية تضمـن الولـوج العـادل إلـى الخدمـات العموميـة وإطارا ســليما وجيــدا للعيــش، مــع الحفــاظ علــى المــوارد واحتــرام كل روافــد الهويــة الوطنيــة وضمــان كرامــة كل المغاربــة داخــل كل الأوســاط، آخــذا بعيــن الاعتبــار الإنتظــارات والإمكانــات علــى حــد ســواء.
تنبثــق مــن المحــاور الأربــع للتحــول المشــار إليهــا أعــلاه، مجموعــة مــن الأولويــات الاســتراتيجية، مــن بينهــا أولويات جديـدة تشـكل قطيعـة مـع الوضـع الراهـن، مـن قبيـل المكانـة المركزيـة للثقافـة، وتعميـم التغطيـة الاجتماعيـة علـى كافـة السـاكنة الهشـة تطبيقـا لتعليمـات جالـة الملـك، التـي تضمنهـا خطـاب العـرش لسـنة 2020، كمـا تشـمل أولويات أخـرى يتعيـن التأكيد عليهـا مـن جديد وبقـوة، بالنظر لاسـتعجاليتها، منهـا التعليم الأساسـي والجهويـة المتقدمـة وتقويـة نسـيج المقـاولات الصغـرى والمتوسـطة.
فهل سيساهم عزيز اخنوش اذا ما قاد الحكومة المقبلة في تحقيق المحاورالاستراتيجية للتحول الواردة في التقرير العام للنموذج التنموي الجديد في ظروف اقتصادية واجتماعية مأزومة؟
للصور كلهم وانا شخصيا لن اصوت