المعجزة الإفريقية: نموذج المغرب في مكافحة الجائحة والتلقيح
سعيد لمرابط
سلط العديد من المراقبين الدوليين، وكذلك مختلف وسائل الإعلام الأوروبية وأمريكا اللاتينية وإفريقيا والعالم العربي؛ الضوء على الطريقة الناجحة التي واجه بها المغرب جائكة فيروس كورونا.
وطبقت الدولة المغاربية، منذ ظهور الحالة الأولى، الحجر الصارم، ووفرت الكمامات وأجهزة تنفس، كما قامت البلاد بحملة تلقيح مبكرة جماعية ومجانية ليس المغاربة فحسب، بل حتى الأجانب المقيمين أيضًا، حسب ما قالته جريدة "إِلْ إِنْفُورمي" اللاتينية، في تقرير خصصته لتجربة المغرب في تدبير أزمة كوفيد-19.
نموذج عالمي في إدارة حملة التطعيم
تحركت حكومة المملكة المغربية بسرعة لحماية نظامها الصحي من الانهيار، وبعد تحقيق هذا الهدف، ركزت على ضمان مناعة القطيع من خلال التطعيم.
ولتجنب خروج الوباء عن السيطرة، أصدر المغرب مرسومًا بحالة الطوارئ الصحية في 22 مارس 2020، وفي الشهر التالي، بدأت الحكومة مفاوضات متزامنة مع العديد من مصنعي اللقاحات لضمان الحصول عليها في سوق دولية تعاني من نقص كبير في الإنتاج.
واتخذ المغرب عدة إجراءات، في وقت مبكر جدًا، لوقف انتشار الفيروس، لا سيما الاستخدام الإجباري للكمامات، وزيادة معدل إنتاجه إلى 8 ملايين وحدة في اليوم وبيعها بسعر منخفض، كما كفل المغرب تجهيز مراكزه الصحية بأجهزة تنفس وأسرّة إنعاش.
بعد نجاح هذه الإجراءات، بدأت المملكة المغربية حملتها التطعيمية في 29 يناير الماضي، والمستمرة حتى الآن، وقامت بالفعل بتلقيح 4.3 مليون شخص، وأضفت للتو لقاح سبوتنيك V الروسي إلى لقاح أسترازينيكا وسينوفارم، بالإضافة إلى الإعلان عن استيراد اللقاح من شركتي أميركان جونسون، المعتمدة من منظمة الصحة العالمية.
وبهذه الطريقة، لم يصبح المغرب الدولة الإفريقية الأكثر تقدمًا في حملة التطعيم فحسب، بل برز أيضًا كأمة "معجزة".
وأعطت خطة التطعيم الأولوية لكبار السن (من 60 عامًا) والعاملين في المجال الطبي وعناصر الأمن وهيئة التدريس، حيث كانت الحقن مجانية تمامًا.
وتلقى أكثر من 1.471.000 شخص الجرعة الثانية من اللقاح، ويزداد هذا الرقم يوميًا بأكثر من 100 ألف شخص تم تطعيمهم.
وبينما تتقدم حملة التطعيم في العالم ببطء، يظهر المغرب على شكل "المعجزة" الإقليمية والإفريقية، حيث يبلغ عدد سكانه أكثر من 37 مليون نسمة، وهو يقود عمليات التطعيم ضد كوفيد-19 في إفريقيا، حيث أنا من الدول الـ12 فقط التي أطلقت حملات من هذا النوع.
ويمكن اعتبار المغرب أحد النماذج العالمية في إدارة الأزمة الصحية المتعلقة بـ كوفيد-19 وعملية التطعيم ضد هذا الوباء.
و”تحتل البلاد المرتبة العاشرة في العالم والأولى في إفريقيا من حيث عدد ونسبة الأشخاص الملقحين” حسب الصحافة الدولية.
ولمواجهة التحدي، اشترت الدولة المغاربية 66 مليون جرعة من مختلف الموردين العالميين، والتي سلمت بالفعل 8.5 مليون، معظمها من سينوفارم الصينية ومختبرات أسترازينيكا البريطانية.
كما أقامت 3037 مركزًا للتحصين في جميع أنحاء البلاد (أكثر من نصفها في المناطق الريفية)، و700 وحدة تطعيم متنقلة أخرى في المدن المختلفة للوصول إلى المناطق النائية أو حتى الذهاب من باب إلى باب، عند الضرورة، لإعطاء اللقاحات لكبار السن.
مع هذا الانتشار الهائل، يرغب المغرب في تطعيم 80 بالمئة من سكانه (بمن فيهم الأجانب) الذين تزيد أعمارهم عن 17 عامًا مجانًا.
الأجانب المقيمين بالمغرب
تتواصل عملية تطعيم الأجانب المقيمين في المغرب في مختلف مناطق المملكة في ظروف جيدة، بالاعتماد على تنظيم لا تشوبه شائبة، وتنسيق رفيع المستوى بين مختلف الجهات المحلية والإقليمية والإدارية.
وكان لهذه الحملة المجانية صدى إيجابي بين الأجانب المقيمين في المغرب، الذين أعربوا عن تقديرهم وامتنانهم لهذه اللفتة الكريمة من جانب الملك محمد السادس، الذي أتاح لهم الاستفادة من اللقاح مجانًا، وكذلك جميع المواطنين المغاربة، بين 17 وأكثر من 75 عامًا.
كما أعربوا عن تقديرهم للتطور الجيد للمراحل المختلفة لهذه العملية التي أطلقها الملك، بدءًا من إرسال الرسالة القصيرة إلى الرقم 1717 وجدولة الموعد، مروراً بشروط الاستقبال الممتازة وإدارة جرعات اللقاح، وتحت إشراف طاقم الصحة والتمريض.
وهكذا تلخص المشاهد على مستوى مراكز التطعيم بالرباط الظروف التي تتم فيها هذه العملية في مختلف مناطق المملكة، حيث يضمن المستفيدون الأجانب تحديد مواعيدهم مسبقًا لتجنب الازدحام، وفقًا لبروتوكول الرعاية الصحية. ويتم الاعتناء بهم، منذ لحظة وصولهم إلى مراكزهم، من قبل فريق صحي وإداري تم حشده لخدمتهم، مثل جميع المواطنين المغاربة.
وفي هذا السياق، أكد رئيس الاتحاد الفرنسي للرباط فريديريك باور، في تصريح للصحافة، أن عملية التطعيم ضد فيروس كورونا "تجري في ظروف جيدة للغاية"، مرحباً بالالتزام والتعبئة القوية للأشخاص الذين يضمنون تنظيم هذه الحملة.
وأوضح أن "السلطات طرقت أبوابنا لإبلاغنا عن مواعيد وأماكن الجرعة الأولى حسب الفئات العمرية"، مضيفاً أنه بعد الحقن بالجرعة الأولى “تم إخطارنا بموعد للجرعة الثانية”.
وبعد التطعيم، يخضع المستفيدون لفحص طبي في غرفة محددة لمدة نصف ساعة قبل العودة إلى منازلهم، وفقًا لتعليمات وزارة الصحة.
ورداً على سؤال صحفي، أبدت ماريون فوسورييه، وهي أجنبية مقيمة في المغرب منذ 30 عامًا، إعجابها بجودة تنظيم حملة التطعيم ضد كوفيد-19، التي تجري في ظروف ممتازة.
“في أقل من 48 ساعة، قمت بالتسجيل عبر الإنترنت وحصلت على الموعد"، تقول فوسورييه مهنئة نفسها، ومشيرة إلى أنه بمجرد وصولها إلى المركز، استقبلت بترحيب حار من قبل الطاقم الطبي الذي طرح عليها بعض الأسئلة حول صحتها.
وبمجرد انطلاق الحملة الوطنية للتلقيح، تواصلت مختلف الممثليات الدبلوماسية مع مواطنيها المقيمين في المغرب عبر البوابات المختلفة لتشجيعهم على الاستفادة من الحملة، مرحبة بهذه المبادرة النبيلة والرائدة. وبالمثل، فإن موظفي البعثات الدبلوماسية والقنصلية والدولية الأجنبية المعتمدين في المغرب يتلقون التطعيم بالمجان.
جدير بالذكر أن مكتب منظمة الصحة العالمية (WHO)، صنف المغرب كواحد من أفضل عشر دول نجحت في مواجهة تحدي التطعيم ضد كوفيد-19.