د. ميلود بلقاضي
تستمر الادارة الامريكية في تفعيل مضمون المرسوم الرئاسي الأمريكي المتعلق بالسيادة المغربية على صحراءه ،وذلك برعايتها مع المغرب لمؤتمر دولي وزاري هام يؤسس لمنظور واضح وواقعي لتسوية النزاع الإقليمي حول الصحراء تحت السيادة المغربية خمسة أيام قبل تبادل السلطة بالبيت الأبيض بين الرئيس ترامب والرئيس بايدن.
هذا المؤتمر الذي ترأسه مساعد كاتب الدولة الأمريكي المكلف بقضايا الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ديفيد شينكر الى جانب وزير الخارجية الأمريكي ناصر بوريطة ، بمشاركة 40 دولة، منها 27 ممثلة على المستوى الوزاري. والأكيد ان تنظيم هذا المؤتمر الدولي ليس بريئا في سياقه او في رسائله اوفي ابعاده او في أهدافه.
- سياق المؤتمر الدولي حول مشروع الحكم الذاتي : نظم هذا المؤتمر الوزاري في سياق يعرف فيه النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية منعطفا تاريخيا لطيه نهائيا بعد اصدار القرار الرئاسي الأمريكي المؤكد لسيادة المغرب على صحراءه، وفتح 20 دولة قنصلياتها بالداخلة وبالعيون وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية ،وفي ظل استمرار الموت البطئ للكيان الوهمي الذي تحتضنه الجزائر التي تمر بفراغ مؤسساتي خطير على مستوى هرم السلطة.
- دلالات رعاية الإدارة الامريكية للمؤتمر الدولي الوزاري حول مشروع الحكم الذاتي : يوحي ترؤس مساعد كاتب الدولة الأمريكي المكلف بقضايا الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ديفيد شينكر الى جانب وزير الخارجية الأمريكي ناصر بوريطة ، بمشاركة 40 دولة، منها 27 ممثلة على المستوى الوزاري هذا المؤتمر الدولي بعدة دلالات أهمها عزم والتزام واستمرار الإدارة الامريكية تفعيل مضمون المرسوم الرئاسي الأمريكي،فبعد افتتاح قنصلية أمريكية بالداخلة ، هي الولايات المتحدة الامريكية تنظم مؤتمرا دوليا هاما بمشاركة 40 دولة حول جدية ومصداقية مشروع الحكم الذاتي كاطار وحيد للحل النهائي للنزاع المفتعل، مما يعنى وأد كل الشعارات الفارغة التي ترددها جبهة الكيان الوهمي وحاضنتها الجزائر، واعتبار الحكم الذاتي الاطار الوحيد لطي هذا الملف نهائيا.
- نوعية ووزن الدول المشاركة في اللقاء : شارك عدد كبير من وزراء الخارجية في هذا اللقاء الذي رعته الولايات المتحدة الامريكية والمغرب وبمشاركة فرنسا الدولة العضو بمجلس الامن الدولي وهذا مؤشر كبير على استدراك فرنسا لخطئها في عدم الاعتراف الفرنسي بالسيادة المغربية على صحراءه كما فعلت الولايات المتحدة الامريكية ،وبمشاركتها هذه ب“المؤتمر الوزاري لدعم مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية”، بعثت فرنسا رسائل إيجابية للمغرب ويأتي مشاركتها في هذا المؤتمر الدولي عن مؤشر عن قرب افتتاح فرنسا قنصلية عامة له بالأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية وهي من الدول /الاعضاء بمجلس الامن الدولي المؤيدة دائما لمشروع الحكم الذاتي كاطار للحل النهائي لنزاع الصحراء.
والدول المشاركة في هذا المؤتمر هي: زامبيا، والغابون، وجمهورية غينيا، وجزر القمر، وغامبيا، وغينيا بيساو، وغينيا الاستوائية، وملاوي، والطوغو، وليبيريا، وساو تومي وبرينسيب، وبنين، والبحرين، والإمارات، وسانت لوسيا، وأنتيغوا بربودا، وهايتي، وغواتيمالا، والدومينيكان، وباربادوس، وجامايكا، والمالديف، والسلفادور، والسنغال، وقطر، والسعودية، وكوت ديفوار، وجيبوتي، واسواتيني، والكونغو، والأردن، وعمان، وفرنسا، ومصر، وبابوا غينيا الجديدة، وتونغا، والكويت، واليمن، وبوركينا فاسو.
- سرعة تنظيم المؤتمر الدولي حول مشروع الحكم الذاتي واهدافه : أوضح بوريطة أن هذا الاجتماع الوزاري الدولي تقرر قبل أيام فقط،ورغم ذلك فقد شهد مكثفة من مختلف قارات العالم، مشيرا إلى أن المؤتمر يعزز دينامية الصحراء بعد الموقف الأمريكي الأخير، ومضيفا:’’ إن مواقف الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ بداية القرن الحالي حتى الآن تدعم كلها الحكم الذاتي كحل عملي وواقعي وذي مصداقية’’.
وأكد الدبلوماسي المغربي أن الهدف من وراء هذا الاجتماع هو تبيان قوة دعم مقترح الحكم الذاتي، مشيرا إلى أنه “كان من الممكن حضور 60 دولة في هذا المؤتمر الوزاري، علما أن أكثر من 100 دولة لديها هذا التوجه، أي دعم المبادرة المغربية”.
وجدد بوريطة التأكيد على أنه: “لا حل لقضية الصحراء إلا في إطار الحكم الذاتي، وفي إطار السيادة المغربية”، مضيفا أن أي مفاوضات سياسية يجب أن تكون بحضور الفاعلين الحقيقيين، بمن فيهم الجزائر.
- توقعات تغير موقف ادارة جون بايدن من المرسوم الرئاسي لترامب : اكد عد من الوزراء في هذا اللقاء وفي مقدمتهم ناصر بوريطة في شأن بعض التوقعات بخصوص تغير موقف إدارة جو بايدن، إن رسائل وقرارات الكونغرس الأمريكي، بجناحيه الديمقراطي والجمهوري، كانت دائما تذهب في اتجاه دعم المبادرة المغربية، مضيفا في نفس السياق أن علاقات المغرب بالدول الصديقة لا تحكمها الانتخابات أو تغير الرؤساء، مشيرا إلى أن المغرب اختار صداقاته وعلاقاته مع الأنظمة الديمقراطية وليس الأنظمة الشمولية، وأن الدول المساندة للمغرب في ملف الصحراء تنتمي إلى الديمقراطيات، مضيفا أن عدة دول منها مرت فيها انتخابات، من قبيل فرنسا وإسبانيا، وظلت علاقات المغرب بهذه الدول جيدة. وأوضح أن الدخول في منطق التناوب على السلطة في هذه الدول يقتضي عدم توقيع أي اتفاقيات معها إلى حين اتضاح الخارطة الانتخابية.
ويرى وزير الخارجية أن العلاقات مع الدول لديها ثوابت، وأن عدة دول صديقة للمغرب تغيرت فيها الخريطة الانتخابية وبقيت مواقفها كما هي ولم تتبدل، مؤكدا أن العلاقات مع أمريكا لها أيضا ثوابت وقوية جدا، وذات ابعاد مختلفة، سياسية واقتصادية وعسكرية وإنسانية واستراتيجية.
والمطلع على الدستور الأمريكي ومصير المراسيم الرئاسية الأمريكية بعد تغيير هرم السلطة بالولايات المتحدة الامريكية بان جل هذه المراسيم تبقى ثابتة وهو ما يتعلق بالمرسوم الرئاسي الأمريكي حول سيادة المغرب على صحرائه الذي قبل توقيعه من طرف الرئيس ترامب المغادر للبيت الأبيض فقد حظي بالموافقة من الكونكريس الأمريكي الذي يهيمن عليه حزب بايدن الرئيس المنتخب والمنتمي للحزب الديمقراطي الذي هو الأقرب الى المغرب من الحزب الجمهوري.
- الاعلام الرسمي المغربي خارج التغطية لنقل هذا المؤتمر الدولي الهام : يشعر المغربي العادي بالغبن وبالحسرة وهو يتابع نقل هذا المؤتمر الدولي الهام حول مشروع الحكم الذاتي على قنوات عربية بدل نقلها على القنوات المغربية ، وكأن موضوع المؤتمر ليس ذو أهمية وطنية ،ونؤكد في نفس السياق استمرار الاعلام الرسمي والقنوات المغربية في نهج مقارباتها التقليدية والبئيسة لموضوع الصحراء المغربية مع الاستثناء النسبي لقناة ميدي1 تيفي ، وهو ما يتطلب من الجهات الوصية إعادة النظر جوهريا في كيفية جعل الاعلام الوطني الرسمي في الواجهة بدل ان يبقى اعلاما خارج التحولات العميقة التي يعرفها المغرب والمحيط الإقليمي والدولي خصوصا في ظل قرن يوصف بقرن المعرفة والاعلام .
وعليه ، صحيح حقق المغرب انتصارا تاريخيا في النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية بعد المرسوم الرئاسي الامريكي الذي وقعه ترامب الذي سيغادر السلطة هذا الاسبوع ، لكن اكيد ان هناك واجهات اخرى ستفتح من طرف نفس اعداء الوحدة الترابية الامر الذي سيفرض على المغرب اتخاذ احترازات ووضع استراتيجيات ومقاربات جديدة حتى يطوى ملف الصحراء المغربية نهائيا .