د. ميلود بلقاضي
يتفق الكثير من الخبراء والباحثين والعديد من مراكز الابحاث والدراسات العربية والافريقية والأوروبية والدولية ان براغماتية وعقلانية وحكمة جلالة الملك محمد السادس، وتبصره وبعد نظره حولوا المغرب الى دولة قوية ومحترمة عربيا وافريقيا ودوليا خصوصا بعد مفاجأة العالم بمقاربته إعادة فتح معبر الكركرات ،وبكيفية تعامله مع المرسوم الرئاسي الأمريكي المتعلق بالسيادة المغربية على كل الصحراء المغربية.
العاهل المغربي لا يتحدث كثيرا بل يعمل كثيرا على أساس قناعة مفادها ان من يغير الواقع هي الأفعال والإنجازات والوقائع وليس الخطابات والكلمات،وان يبايع مدير الامن القومي لإسرائيل القوة التكنولوجية والاقتصادية العالمية امام كوشنير ممثل رئيس الولايات المتحدة الأمريكية قائدة النظام الدولي الجديد والقوة الأولى عالميا جلالة الملك بقوله : ‘’الله يبارك في عمر سيدي’’ ليس بالأمر العادي، ولا يمكن ان يحدث الا امام ملك استثنائي له مكانة استثنائية دوليا.
لذلك فالقرار الرئاسي الأمريكي حول سيادة المغرب على اقاليمه الجنوبية لم يأت اعتباطبا او عبثا او مجانا بل كان نتيجة قناعة هذه الدول بأهمية مكانة المغرب ودوره الجيو سياسي مغاربيا وعربيا وافريقيا ، حيث يقود جلالة الملك محمد السادس المغرب بحكمة وبتبصر وباستراتيجية تؤكد بان المغرب دولة قوية ومحورية وصاعدة وتسير بخطى ثابتة نحو تموقع إقليمي ودولي،ومواقفه الإقليمية والدولية تتوافق مع الشرعية الدولية والقانون الدولي ومع مواقف الدول العظمى خصوصا الولايات المتحدة الامريكية.
سياق ودلالات افتتاح القنصلية الامريكية بالداخلة: علمنا الدرس السياسي ان السياسة ليست اقوالا او خطابات فقط بل هي التزامات ووقائع واحدث وانجازات على ارض الواقع، وهذا ما ينطبق اليوم على تدشين دافيد شينكر مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا القنصلية الامريكية بالداخلة بحضور السفير الأمريكي ووزير الخارجية المغربي الذي قال إن: “العلاقات الأميركية المغربية قوية ومستقرة”. مضيفا:’’ أن المغرب شريك استراتيجي في تحقيق الاستقرار في المنطقة’’ وأن “الولايات المتحدة ملتزمة بتعميق العلاقة مع المغرب حكومة وشعبا” ، مشيداً بالإصلاحات التي قادها الملك محمد السادس طيلة عقدين من الزمن في المغرب عامة و الصحراء تحديدا.
معتبرا “المغرب شريك محوري للاستقرار الإقليمي، وهو البلد الوحيد في إفريقيا الذي أبرمنا معه اتفاقية التبادل الحر ، والتي ضاعفت الصادرات المغربية إلى الولايات المتحدة منذ دخول الاتفاقية حيز التنفيذ في عام 2006 وقد نمت قيمة تجارتنا الثنائية خمسة أضعاف في نفس الإطار زمني”.مبرزا انه “في الشهر الماضي، أعلن الرئيس دونالد ترمب أن الولايات المتحدة تعترف بالسيادة المغربية على الصحراء وأن إسرائيل والمغرب، وهما من أقرب حلفائنا، يعززان علاقاتهما الدبلوماسية. كانت هذه بعضًا من أهم التطورات على مدى قرنين من الصداقة بين الولايات المتحدة والمغرب
ويتبين من خلال افتتاح دافيد شينكر مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا القنصلية الامريكية بالداخلة بحضور السفير الأمريكي ووزير الخارجية المغربي ان الإدارة الامريكية ذاهبة في تفعيل المرسوم الرئاسي الأمريكي رغم انتخاب رئيس امريكي جديد له علاقات متميزة مع المغرب.
رسائل كلمة دافيد شينكر مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: الكلمة سلطة يحدد دلالاتها السياق ويضبط رسائلها منتج الكلمة ،وهذا ما ينطبق على كلمة الدبلوماسي الأمريكي التي القاها بالداخلة، كلمة مليئة بالرسائل وغنية بالدلالات لمن يهمه الامر مفادها ان الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على صحراءه ليس ترفا سياسيا او قرارا اعتباطيا بل انه نتيجة سنوات من العمل ومن التفاوض ومن التفكير والاعتراف بمنطق التاريخ وواقع الجغرافية..
فافتتاح شينكر وهو أول مسؤول أميركي يقوم بزيارة للصحراء المغربية لافتتاح القنصلية الأميركية بالداخلة هو رسالة قوية ، وحدث تاريخي يدشن لمرحلة جديدة في العلاقات المغربية الامريكية ويفتح آفاق تاريخية امام الدولتين المغربية والأمريكية.
الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على صحراءه تكريس لسنوات من الترتيبات: الجميل في الامر هو الرسائل القوية التي جاءت في كلمة السفير الأمريكي بالداخلة هي تأكيد لما قاله دافيد شينكر مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالجزائر وهي ان الصحراء مغربية، وبأن المملكة المغربية تملك الحل الوحيد للنزاع، انها رسائل قوية من قلب الصحراء المغربية إلى خصوم الوحدة الترابية، مؤكدا أن مغربية الصحراء أمر لا مفر منه، وأن الرباط تملك الحل الوحيد والعادل والدائم لحل هذا النزاع
وأضاف السفير فيشر، وهو أول سفير أمريكي يزور الصحراء المغربية، أن المرسوم الرئاسي الامريكي شكل نتيجة نهائية لأشهر عدة من المفاوضات وكرّس بالفعل سنوات من الترتيبات، مشيرا إلى أن “كل الإدارات الأمريكية دعمت منذ الرئيس بيل كلينتون مخطط الحكم الذاتي المغربي كحل ناجع لتحقيق السلام”.
وأورد الدبلوماسي الأمريكي أن الولايات المتحدة دأبت على “الاستثمار في مستقبل الأقاليم الجنوبية منذ إدارة أوباما، بشكل أساسي من خلال التمويل عبر مبادرة الشراكة في الشرق الأوسط التابعة لوزارة الخارجية، التي ركزت على خلق فرص الشغل وتعزيز كفاءات المجتمع المدن.”.
وأثناء حديث السفير الأمريكي تعرض للعلاقات التاريخية بين واشنطن والرباط،مؤكدا أن الولايات المتحدة عملت أيضا على “مدى عقود مع الأمم المتحدة، حيث سعينا إلى حل سلمي لإخراج الصراع من حالة الركود الشهر الماضي، وهو ما جعل الرئيس ترامب يقر بان الصحراء مغربية، والمغرب يملك الحل الوحيد العادل والدائم لحل مصير الإقليم”
مضيفا :’’ أن زيارة الوفد الأمريكي إلى الأقاليم الجنوبية تأتي “لتحقيق إعلان الرئيس ترامب على أرض الواقع، من خلال توسيع نطاق وجود حكومة الولايات المتحدة بشكل كبير في الأقاليم الجنوبية”.
وفي ختام كلمته قال السفير الأمريكي في المغرب ديفيد فيشر ، أنه اعجب بمدينة الداخلة التي وصفها بالرائعة. مضيفا أنه: ‘’سيشتري منزلاً في مدينة الداخلة، وسينتقل للعيش هنا و أطلب من وزارة الخارجية ترحيل جميع السفارات إلى الداخلة”.
ومن الصدف ان يتزامن فتح قنصلية أمريكية بالداخلة سنة 2021 مع مرور 200 عاما على فتح الولايات المتحدة الامريكية أول بعثة دبلوماسية لها في المغرب، أقدم منشأة دبلوماسية امريكية في أي مكان في العالم، وهو ما يعني ان رؤساء وأحزاب الولايات المتحدة متغيرون وراحلون اما العلاقات المغربية الامريكية والمواقف الامريكية اتجاه المغرب فهي تابثة.