التصويت عن بعد يثير الجدل بين المستشارين..منار اسليمي:خطأ دستوري

قاطعت المجموعة البرلمانية للكنفدرالية الديمقراطية للشغل، التصويت عن بعد على مشروع قانون يتعلق بسن أحكام جديدة على حالة الطوارئ الصحية، ورفضت الانخراط في التجربة الجديدة التي دشنها مجلس المستشارين، القاضية بالتصويت عن طريق آليات إلكترونية من داخل المنازل.
ورغم الإمكانيات المالية الضخمة التي وفرها مكتب مجلس المستشارين من أجل اقتناء آليات إلكترونية قصد وضعها رهن إشارة 120 مستشارا برلمانيا، قصد التصويت عن بعد، نظرا للإجراءات الاحترازية التي وضعها مكتب مجلس المستشارين، قصد ضمان صحة البرلمانيين، فإن أكثر من 50 مستشارا، رسب في أول اختبار لاستعمال التقنية نفسها.
وإذا كان بعض المستشارين البرلمانيين العالقين خارج ارض الوطن، قد انخرطوا في التجربة التي دشنها مجلس المستشارين، تماما كما حدث مع مستشارين عالقين، واحد في روسيا، والثاني في تركيا، فإن نصف أعضاء المجلس نفسه، رفضوا التصويت، إما بسبب جهلهم لاستعمال التكنولوجيا الرقمية، أو بسبب لا مبالاتهم، رغم وجودهم في منازلهم.
وفي سابقة، قرر حكيم بنشماش، رئيس مجلس المستشارين، رغم اعتراض بعض أعضاء مكتبه، تفعيل مقتضيات القانون الداخلي للمجلس، والاقتطاع من تعويضات المستشارين البرلمانيين الذين تخلفوا عن التصويت عن بعد على مرسوم بمثابة قانون بطرق تكنولوجية صرفت عليها الملايين، وهم في منازلهم وفيلاتهم الفاخرة.
ودشن مجلس المستشارين، تجربة جديدة في العمل التشريعي، عكس مجلس النواب، تقضي بالتصويت عن بعد بسبب الحجر الصحي المفروض على البرلمانيين، إجراء وقائيا واحترازيا، وهو ما جعل عبد اللطيف وهبي، الأمين العام للأصالة والمعاصرة، يتقدم بمذكرة طعن لدى المحكمة الدستورية، بسبب عدم دستورية الجلسات التي يتم فيها تغييب النواب، واحتساب أصواتهم أثناء التصويت، رغم عدم حضورهم، وإن كان عليه اللجوء إلى القضاء العادي، بدل الدستوري، لأن الأخير سبق له أن حكم بعدم الاختصاص في حالات طبق فيها مجلس النواب فصول قانونه الداخلي.
ورغم عدم تنقل المستشارين من مدنهم إلى الرباط، ومكوثهم في منازلهم، وتوفير إدارة المجلس كل شروط التصويت عن بعد، فإن أكثر من 50 مستشارا برلمانيا، لم يشاركوا في التصويت خلال جلسة الثلاثاء الماضي، وهو ما سيعرضهم لعقوبة الاقتطاع من تعويضاتهم الشهرية الدسمة، وتلاوة أسمائهم قبل بدء الجلسة الدستورية المقبلة الخاصة بمساءلة الحكومة..وتخلف مستشارو مجموعة الكنفدرالية الديمقراطية للشغل عن التصويت بأكملهم، وعددهم 4، وصوت 3 مستشارين من فريق الأصالة والمعاصرة من أصل 24 مستشارا ، وصوت 10 مستشارين من أصل 23 من الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، وصوت 10مستشارين من أصل 15من فريق العدالة والتنمية، وصوت 9 مستشارين من أصل12من الفريق الحركي، وصوت 6 من أصل 9 في فريق التجمع الوطني للأحرار، وصوت 4 من أصل 7في فريق الاتحاد العام لمقاولات المغرب، وصوت 5 من أصل 7 في الفريق الاشتراكي، وصوت 4 من أصل 6 في فريق الاتحاد المغربي للشغل، وصوت 3 من أصل 6 في الفريق الدستوري الديمقراطي . وبخصوص غير المنتمين لأي فريق، وعددهم ثلاثة، صوت واحد.
ورفض العديد من المستشارين الذين وضع رهن إشارتهم تطبيق إلكتروني وبريد إلكتروني مؤمن، من أجل الانخراط في التصويت عن بعد، احتراما لروح الدستور، واحتراما للقانون الداخلي للمجلس نفسه، الاقتطاع من تعويضاتهم، بعلة أنهم تخلفوا عن التصويت.

في هذا السياق قال عبد الرحيم منار اسليمي، استاد جامعي ومحلل سياسي:أعتقد أن مجلس المستشارين ارتكب خطأ دستوريا أكبر مما قام به مجلس النواب في عملية التصويت؛ فإذا كان مجلس النواب يحول تصويت 15 نائب إلى 394 في خرق واضح لمقتضيات الحق الشخصي في التصويت ، فإن مجلس المستشارين خرق الدستور لما اعتمد التصويت الإلكترونى وذلك لسببين اثنين :
اولا ؛ أن التصويت الإلكتروني ولكي يكون حقا شخصيا يجب أن يكون داخل الجلسة العامة وليس تصويتا عن بعد ،لأننا لانعرف من يصوت ، فالتصويت الالكتروني إذا لم يكن داخل الجلسة العامة فانه خرق لحق التصويت الشخصي ونصبح بذلك أمام خرق لمقتضيات الدستور ، المسألة الثانية هي حول المستشار الذي لايتقن التصويت الإلكتروني، مالعمل؟ فهو قد يلجأ لابنه أو ابنته أو زوجته أو صهره ليصوت مكانه وهنا يكون حق التصويت الشخصي قد انتفى وتم خرق الدستور ، أو أنه لم يتمكن من التصويت بسبب الصعوبة التقنية فهو لم يمارس حقه كباقي المستشارين ، لقد قلنا منذ البداية انه يجب فتح الدورة البرلمانية ومنح الحكومة صلاحية التشريع بمقتضى مراسيم تدابير بتحديد مدة معينة تنتهي مع نهاية الحجر ، ولكن مجلس النواب والمستشارين اختارا الاجتهاد بخرق الدستور وبخرق مقتضيات الأنظمة الداخلية غير القابلة للتاويل والتي لا تتضمن تنظيم الظروف الاستثنائية غير العادية.