زوم على المونديال: القارة الأوروبية تستحوذ على المونديال طولا وعرضا

محمد الشنتوف*

مما لا شك فيه أن عدسات كاميرات القنوات الإعلامية الرياضية العالمية، وأقلام الصحفيين الرياضيين، ومعدات المشجعين في كل بقاع العالم، وصفحات الجرائد الورقية منها والالكترونية، وترددات القنوات في المقاهي الشعبية، لن تجدهم مشغلون في هذه الأيام بموضوع غير ما استجد وما سيستجد في مونديال روسيا 2018، خاصة وأننا نعيش أيامه الأخيرة.

 ولإرضاء عشاق المستديرة نقترح عليكم زوارنا الكرام فقرة ” زوم على المونديال” التي نقدم لكم فيها ما جد وما سيستجد بمونديال روسيا على “جريدة بلبريس الالكترونية”، من خلال البحث والتقصي وتقديم لب ما يدور في هذا العرس الكروي العالمي.

في هذا العدد اخترنا أن نتحدث عن هيمنة واستحواذ القارة الأوروبية على المونديال، "فبالطول" تأهل 14 منتخب من أوروبا من أصل 32 منتخب مشارك إلى المنافسة على اللقب، "وبالعرض" وصل 6 منتخبات إلى الدور ربع النهائي، وأربع منتخبات إلى الدور نصف النهائي، فيما سيكون اللقب أوروبيا للمرة السادسة على التوالي.

المنتخبات التي وصلت لهذه المنافسة لديها تاريخ لا يستهان به في البطولة، فالبلد المنظم روسيا سبق له أن وصل إلى الدور النصف النهائي في نسخة 1966، ونفس المعطى ينطبق على بلجيكا التي وصلت إلى الدور نصف النهائي للمرة الثانية في هذه النسخة بعد نسخة 1986، بينما يجتمع المنتخبين الإنجليزي والفرنسي في كونهما حاصلين على اللقب العالمي في سنة 1966 بالنسبة لإنجلترا، و1968 بالنسبة لفرنسا، وفي هذه النسخة يلعبان في المربع الذهبي للبطولة، أما ألمانيا فاحتفظت بحصة الأسد أوروبيا بأربع ألقاب عالمية -1954-1974-1990-2014)،وتحل في وصافة المتوجين بعد المنتخب البرازيلي على المستوى العالمي.

وافتتح المنتخب الأيسلندي سجل مشاركاته للمرة الأولى في هذا المونديال ولم يتجاوز الدور الأول، في حين تمكن المنتخب البرازيلي من الحصول على المركز الثالث في سنة 1966، وتأهلوا للدور الثمن نهائي في هذه النسخة، ويشترك منتخبي بولندا-1974،1982- وصربيا-1930،1962-في وصولهما مرتين للمربع الذهبي سابقا، ورغم خروجه مبكرا أمام منتخب البلد المنظم سبق لإسبانيا أن فاز باللقب في نسخة 2010، في حين يطمح المنتخب الكرواتي لكتابة تاريخ جديد بعد توديع البطولة ثالثا في سنة 1998، أما السويد التي غادرت في الدور ربع النهائي، كان وصيفا في نسخة 1958، وأعاد المنتخبين الدنماركي والسويسري إحياء ذكريات الزمن الجميل، سواء في سنوات 1934 و1938 و1958، بالنسبة لسويسرا التي ودعت فيها البطولة من دور ربع النهائي، أو 1998 بالنسبة للدنمارك الذي ودع فيه من نفس الدور.

في هذه النسخة وعلى مستوى العرض الكروي المقدم، بعدما تحدثنا عن "الطول الزمني" لمشتاركة هذه المنتخبات، كشرت القارة الأوروبية عن أنيابها، واستعرضت عضلاتها ولم تترك إلا كرسيين في دور الربع النهائي لقارة أمريكا الجنوبية لكل من البرازيل والأوروغواي، لكن طموح بلجيكا أزاح عراقة البرازيل، وتكتيك فرنسا أقبر أحلام أصدقاء كافاني، أما الدور النصف نهائي فيحاكي ويكرر نصف نهائي مونديال 2006 الذي كان أوروبيا بامتياز، أما الفائز باللقب فسيكون أوروبيا للمرة الرابعة على التوالي، وهذا يؤكد أن هده القارة حكمت كرة القدم وسيطرت عليها بالطول وبالعرض.

استنادا إلى لغة الأرقام، ومنطق الهيمنة الأوروبية، يمكن أن نرجع هذا التألق الملفت إلى التطور الكبير الذي تشهده هذه الدول على مختلف المستويات، تعليميا واقتصاديا، إلى غير ذلك من المجالات، ومن الطبيعي أن ينعكس ذلك على كرة القدم.

وعلى مستوى كرة القدم فأوروبا تهتم كثيرا بمراكز التكوين، ففي بلجيكا مثلا أكدت صحيفة بلجيكية في 2002 على أن مجموعة من الأطفال سيكونون مستقبلا للمنتخب البلجيكي، وهم اليوم من نراهم يصلون إلى نصف النهائي، في فرنسا وإسبانيا، بل وحتى في تلك الدول التي لا علاقة لها بكرة القدم من باب الاهتمام، فانهم يحدون حدو المنتخبات الكبيرة على مستوى السياسة الكروية والاهتمام بالمواهب الصاعدة.

جاز لنا حقا أن نقول الآن أن أوروبا تجني ثمار ما زعته في السنوات الماضية، في حين أن أمريكا الجنوبية وبمنتخباتها الكبيرة كالبرازيل والمكسيك أهملت شيئا ما هذا المعطى بحيث لا تجد المنتخب البرازيلي يمزج ما بين الخبرة والمواهب الجديدة مقارنة مع فرنسا، رغم تواجد مراكز التدريب على أعلى مستوى في دول أمريكا الجنوبية، أما إفريقيا فحدث ولا حرج، وجاز لنا أن نقول أن هذه القارة إلى جانب الدول العربية، والقارة الأسيوية، بعيدون كل البعد عن ما يمكن أن يسمى تقدما في كرة القدم، وربما لأن أغلبها دول متخلفة في مجالات أخرى، تلقي بضلالها على كرة القدم.

*صحفي متدرب