"الهيدروكلوروكين" في مواجهة "كوفيد19".. بين "الفعالية" والاستنجاد بالمناعة

بين مؤيد ومعارض، لا يزال الجدل قائما في العالم حول مدى نجاعة "الهيدروكلوروكين"لعلاج فيروس "كورونا" المستجد .

مد وجزر في المواقف بين مساندين لهذا الدواء "المعجزة"، الذي يستخدم في علاج وباء "الملاريا" منذ أكثر من خمسين سنة، داعمين لموقف الدكتور "ديدييه راوول" بمعهد المستشفى الجامعي للأمراض المعدية بمرسيليا، وبين رافضين لاستعماله مستدلين بأعراضه الجانبية، وضعف نجاعته، كما هو الأمر بالسويد التي قررت الامتناع عن استعماله في وقت سابق.

وبعيدا عن الموقفين، قرر المغرب اعتماد علاج "الكلوروكين" ولكن تحت إشراف طبي لمعالجة المصابين بالفيروس المستجد.
مديرية الأوبئة بوزارة الصحة، التي أنيط لها هذا المجال، يقول مديرها محمد اليوبي، أن البروتوكول العلاجي الذي اعتمده المغرب، "يضم علاجين الكلوروكين ومضاد حيوي آخر ساهم في ارتفاع نسبة الشفاء من فيروس كورونا، وكذلك في انخفاض مدة التكفل بالحالات المصابة".
ويربط المدافعون عن استعمال هيدروكسي كلوروكين في علاج المصابين بالفيروس التاجي، بين "ارتفاع حالات الشفاء في المغرب وانخفاض حالات الوفيات"، كدليل لنجاعة دواء الملاريات في التصدي للفيروس المستجد.
وزير الصحة خالد أيت طالب وفي لقاء تلفزي، دافع بـ"شراسة" عن استعمال الكلوروكين، قائلا "كان لدينا تتبع لمادة الكلوروكين، وهي لوحدها ليست لديها فائدة وهذا ما تم إثباته علميا إذ هناك أيضا مادة (أزيثرومايسين)".

"وعندما يتم الجمع بينهما نلاحظ أنه بعد 6 أيام فإن حمولة الفيروس تتقلص داخل جسم الإنسان، وهناك مجموعة من الدراسات الدولية التي أثبتت ذلك" يضيف أيت الطالب.
ويؤكد على أن "الحالات الأولى التي تم تسجيلها قبل استعمال الكلوروكين لم تكن تتماثل للشفاء بسرعة، و ليس هذا العلاج وحده من يعطي النتيجة".

 

تأثيرات جانبية

 

في مقابل هذا، يرى عزيز الغالي رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن لـ"الكلوروكين" "مجموعة من التأثيرات الجانبية على صحة متناوليه"، وأن هناك مجموعة من "الاختلالات شابت عملية اعتماده كبروتكول طبي"، يستعمل في معالجة فيروس "كورونا" المستجد في المغرب.
عزيز غالي، وفي تصريح لـ"بلبريس" يوضح، أن إشكالية "الهيدروكسي كلوروروكين"، هنا في المغرب تكمن في وجود من "لا يعرف مكونات الهيدروكسي كلوروكين بحد ذاته، لكنه يخرج ليتحدث عنه وينظر فيه".

من أقره بالمغرب؟

 

وفي رأي غالي، الحقوقي والمستشار السابق لمنظمة الصحة العالمية، أننا اليوم أمام ثلاثة أسئلة مهمة، "يلزمنا جواب عليها".
ويوضح غالي، أن السؤال الأول يطرح علامة استفهامه حول اللجنة العلمية التي أقرت اعتماد الهيدروكسي كلوروكين في المغرب، "من هي؟ ممن تتكون؟".
وبدد على أنه "يجب أن نعرف أسماء الخبراء الذين تتضمنهم هذه اللجنة، ولماذا لم نسمع عنهم من قبل؟ وما هو القانون المنظم لهذه اللجنة، بما أنها تتحدث عن صحة المغاربة".
غالي في حديثه لـ"بلبريس"، يؤكد على أن السؤال اليوم "ليس هو مدى فعالية "الكلوروكين" في خفض عدد الوفيات جراء كورونا، أو ارتفاع المتشافين، لكن يجب على الوزارة الوصية التي أنزلت قرار اعتماد هذا الدواء -قائلةً "بعد استشارة اللجنة العلمية قررنا"-، أن توضح أساسا من هي هذه اللجنة وما القانون المنظم لعملها، وتحت أي إطار تشتغل، وهذا للأسف لم تحدده وزارة الصحة".
ويضيف غالي، أن اللجنة العلمية ليست سوى "4 أساتذة جامعين ينظرون في صحة المواطنين ويحددون الدواء الذي وجب فحصه''.
ويزيد متسائلا عن هذه اللجنة "التي يسمونها علمية، أين كانت مثلا عندما كان مشكل قطاع الأدوية في قلب مشكل كبير بالمغرب، أو عندما لم يكن دواء "ليفوتيروكس (المتعلق بالغدة الدرقية)" موجودا في المغرب، عندما فرنسا سحبت "بيوطالميك" من الأسواق والمغرب بقي لما يزيد عن السنة يبيعه للمواطنين".

"أين كانت في الوقت الذي منعت الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا دواء "ميدياتور"، الخاص بأمراض القلب وبقي في الصيدليات المغربية في متناول الجميع، أين كانت هذه اللجنة العلمية وقتها؟ لماذا لم يحركوا ساكنا وقتها؟ ولماذا يقررون اليوم؟"، يقول غالي متأسفاً.

 

لجنة دواء لا وباء

 

النقطة الثانية، وفق غالي، تكمن في سؤاله حول "قوة هذه اللجنة وتأثيرها على قرارات الدولة اقتنينا مخزون "هيدروكسي كلوروكين" من الشركة قبل أن تقرر فرنسا بحد ذاته التي تقول أنه فعال، نحن أعلنت وزارة شرائها للدواء السبت أما فرنسا فلم تفعل حتى الثلاثاء، إذن كيف خرجت الوزارة بهذا القرار الكبير في وقت لا زالت الأبحاث جارية حول مدى نجاعة هذا الدواء.

وأوضح المتحدث أن فرنسا من أجل اعتماد دواء الكلوروكين، سارت بتدرج ولم تنزل الامر دفعة واحدة، في الاول استعملوه قيد التجربة بتدخل اللجنة العلمية، وهي لجنة تقرر في الدواء طيلة السنة، وليس مع الوباء فقط .

تحت المراقبة الطبية

ويرى الحقوقي، ورئيس واحدة من أكبر المنظمات غير الحكومية بالبلاد، أن من "المفروض ألا يأخد الجميع "الهيدروكسي كلوروكين"، بما فيهم المخالطين، وممكن أن يكون بينهم من هو مريض بالقلب ولا يعلم، أو غيرها من الأمراض أيضا، هذا الدواء لديه أعراض جانبية مهمة وأخده وجب أن يكون تحت المراقبة الطبية، ووفق متابعة صحية".
ويوضح رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن هنالك "فرق بين أن تأخد ''الهيدروكسي كلوروكين" وأنت تتمتع بصحة جيدة، وبين تناوله وأنت تعاني مرضا مزمنا"، مؤكداً على أنه "عندما تأخد هذا الدواء الخاص بالملاريا يكون من أجل حمايتك، ولكن عندما تأخده وأنت عندما تكون مريض بالقلب أو غيره فأنت تزيد من احتمالية إضعاف جسدك".
ويخلص غالي، إلى أنه للكلوروكين، أربعة أعراض "جانبية خطيرة"، هذه الأعراض؛ "تخفض من نسبة السكر في الدم بشكل حاد أولا، وثانيا تسبب في أزمة قلبية ودقات القلب لا تكون منتظمة، والثالثة، تتجلى في التأثير على البصر، والرابعة تكمن في تسببه للأرق أو في صعوبات النوم".

"الكلوروكين" أعراض جانبية

من جانبها تروي إكرام متعافية من فيروس "كورونا" المستجد، أنه بالرغم من عدم ظهور أعراض المرض عليها، ولكنها كانت تعاني الأمرين مع دواء "الكلوروكين" .

وتقول إكرام، في العشرينيات من العمر، أنها كانت تعاني من قلة النوم وضعف في البصر بالإضافة للإسهال والإرهاق وصعوبة التنفس .

"لم أكن أحس بطعم الحياة إرهاق وقيئ بعدما تناولت الدواء" هكذا تكشف إكرام في تصريح لـ"بلبريس" كيف تعاملت مع الهيدروكلوروكين .

هل أنقذ دواء "الملاريا" المغرب من "الكارثة" ؟

في مقابل الأعراض الجانبية، يتضح من خلال النتائج الأخيرة أن المغرب ومنذ اعتماده الكلوروكين، بات يعرف ارتفاعا ملحوظا لحالات الشفاء وانخفاض لنسبة الوفيات .

ولكن يرى البعض الاخر أن العامل الأساسي، لحالات الشفاء في المغرب ليس فقط الكلوروكين بل كذلك المناعة للأشخاص المصابين ولاسيما نحن أمام معدل عمر المصابين بالفيروس التاجي لا يتجاوز الواحد والأربعين سنة .

 

وتقول منظمة الصحة العالمية في موقعها الرسمي "يتعافى معظم الأشخاص (نحو 80%) من المرض دون الحاجة إلى علاج خاص. وتشتد حدة المرض لدى شخص واحد تقريباً من كل 6 أشخاص يصابون بعدوى كوفيد-19 حيث يعانون من صعوبة التنفس".

وتزداد احتمالات إصابة المسنين والأشخاص المصابين بمشكلات طبية أساسية مثل ارتفاع ضغط الدم أو أمراض القلب أو داء السكري، بأمراض وخيمة.

وقد توفى نحو 2% من الأشخاص الذين أُصيبوا بالمرض.