في أول تصريح له من المغرب عقب الإفراج عنه، تحدث الصحافي المغربي ومراسل قناة الجزيرة، محمد البقالي، عن تفاصيل تجربته على متن سفينة “حنظلة”، التي أبحرت في محاولة رمزية لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة، مشددًا على أن ما شهده وعاينه يرسّخ لديه قناعة بأن التضامن المغربي مع القضية الفلسطينية ليس طارئًا ولا ظرفيًا، بل هو شعور وجداني ضارب في الجذور.
وقال البقالي، خلال لقاء مباشر، إن اللحظة التي غادر فيها سجون الاحتلال كانت لحظة قطيعة تامة مع العالم، لكن سرعان ما أدرك عقب خروجه حجم التعاطف والتضامن الذي حظي به من أبناء وطنه، مضيفًا: “فهمت لماذا للمغاربة حيّ باسمهم في القدس، ولماذا هناك باب يُدعى باب المغاربة”.
واعتبر أن الالتفاف الشعبي حوله لم يكن في جوهره تضامنًا مع شخصه أو مع السفينة، بل تعبير عميق عن ارتباط المغاربة التاريخي والوجداني بالقضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن “حنظلة” لم تكن سوى حركة رمزية، هدفها كسر الحصار أو على الأقل محاصرته معنويًا، عبر فضح آلة الصمت العالمي تجاه ما يحدث في غزة.
وفي وصفه لتجربته، قال البقالي إنها لم تكن بطولة ولا شجاعة شخصية، بل رحلة إنسانية استثنائية دامت عشرة أيام بين السفينة والاعتقال والترحيل، تعلّم منها دروسًا تحتاج سنوات لفهمها، مؤكدًا أن القضية الفلسطينية لا تحتاج إلى اصطفاف سياسي أو إيديولوجي، بل فقط إلى إنسانية.
وأبرز أن السفينة جمعت أشخاصًا من 10 جنسيات وديانات وأعراق مختلفة، بينهم يهود، من ضمنهم إسرائيلي احتفظ بجواز سفره عمداً لإحراج سلطات بلاده، وكان يرتدي قميصًا كُتب عليه: “Not in my name” (ليس باسمي)، معلقًا: “هؤلاء لم يعرفوا بعضهم، لكنهم عرفوا فلسطين فركبوا السفينة”.
ووصف البقالي تعامل الاحتلال مع النشطاء بالفظيع، مؤكداً أن السلطات الإسرائيلية تعمّدت إذلالهم لفظيًا ونفسيًا، باستخدام عبارات عنصرية مثل “أنتم جرذان” و”أنتم مثل الذباب”، إلى جانب التهديد بتكييف تهم إرهابية ضدهم، قبل أن تُفرج عنهم لاحقًا دون تقديمهم للمحاكمة، في ما وصفه بـ”مسرحية قانونية”.
وشدد على أن بعض المشاركين في الرحلة تحملوا تبعات اجتماعية ونفسية قاسية داخل بلدانهم بسبب دعمهم لفلسطين، قائلًا: “أنا حين أعود إلى المغرب أجد الدعم، لكن هم يعودون إلى عائلات تقاطعهم، وأصدقاء ينبذونهم، ويضطرون للبحث عن دوائر عربية بديلة”.
في ختام تصريحه، وجّه البقالي نداءً للمغاربة قائلاً: “ارتباطكم بفلسطين ليس وليد اللحظة، بل هو ضارب في التاريخ، وهذا ما يجب أن نفتخر به، لأن القضية الفلسطينية ليست صراعًا سياسيًا فحسب، بل قضية إنسانية تتجاوز كل الحسابات”.