كشفت مصادر مطلعة لقناة "الجزيرة" تفاصيل مثيرة عن الإعلان الدستوري المرتقب في سوريا، والذي سيشكل حجر الأساس للمرحلة الانتقالية بعد عقود من حكم نظام البعث وعائلة الأسد. هذه الوثيقة التاريخية المكونة من 48 بنداً تستلهم روح دستور 1950، وتضع الفقه الإسلامي في موقع مصدر أساسي للتشريع.
وفقاً للمصادر، قدمت لجنة الخبراء المكلفة مسودة الإعلان إلى الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، حيث حددت فترة الحكم الانتقالية بين 3 و5 سنوات. وتبرز الوثيقة أهمية حصر السلاح بيد الدولة، وتشدد على مبدأ العدالة الانتقالية كركيزة أساسية، مع تأكيدها على ضرورة محاسبة النظام السابق على جرائمه.
ومن اللافت أن النظام السياسي المقترح يتبنى النموذج الرئاسي، حيث لن تتضمن الحكومة منصب رئيس وزراء. كما يعيد الإعلان تعريف دور الجيش ليكون حامياً للوطن والمواطن والسلم الأهلي، مع تجريم واضح للدعوات والاتصالات الخارجية التي تهدد أمن واستقرار ووحدة البلاد.
تنتظر البلاد الموافقة الرسمية على هذا الإعلان الدستوري من قبل الرئيس الشرع، الذي كان قد قرر مطلع مارس الجاري تشكيل لجنة خبراء مكونة من سبعة أعضاء لصياغة المسودة.
وجاء هذا القرار، بحسب الرئاسة السورية، "انطلاقاً من تطلعات الشعب السوري في بناء دولته على أسس سيادة القانون، وبناء على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني السوري، وبهدف إعداد الإطار القانوني الناظم للمرحلة الانتقالية".
لقد شهدت سوريا تحولاً تاريخياً في الثامن من ديسمبر الماضي، عندما دخلت فصائل المعارضة إلى العاصمة دمشق وسيطرت عليها بعد انسحاب قوات النظام، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاماً من حكم نظام حزب البعث، و53 عاماً من حكم عائلة الأسد. وفي خطوة لاحقة، تم تعيين قائد قوات التحرير أحمد الشرع رئيساً للبلاد في المرحلة الانتقالية في 29 يناير، مع اتخاذ قرارات ثورية شملت حل حزب البعث العربي الاشتراكي ودستور عام 2012 والبرلمان التابع للنظام المخلوع.
هذا الإعلان الدستوري الجديد، الذي يضع حجر الأساس لنظام يقوم على الفصل بين السلطات واستقلال القضاء وحريات الإنسان، يُمثل خطوة محورية في مسار سوريا نحو بناء دولة ديمقراطية تقطع مع إرث الماضي وتؤسس لعهد جديد من العدالة والحرية.