أنعش العمل التعاوني.."أزير الشرق" مشروع تنموي مستدام

نجح مشروع «أزير الشرق» كمشروع يستجيب لأهداف التنمية المستدامة، في الجمع بين البعد الاقتصادي والبيئي، والحد من استنزاف الثروة الغابوية من لدن الساكنة، من خلال دعم تأطير وتوسيع قاعدة المستغلين لنبتة إكليل الجبل عبر تشجيع التشبيك، والتجميع، والتحسيس بأهمية ترميز المنتوج، مما مكن من تطوير حجم صادرات الجهة الشرقية الـ"أزير" ومشتقاته.

المعطيات الرسمية تفيد بأن المغرب يحتل المركز الثاني عشر عالميا في تصدير النباتات العطرية والطبية، بفضل تنوع المناخات البيولوجية، التي تسمح بزراعة أصناف غنية ومتنوعة من النباتات، يصل عددها الى 4200 من النباتات المتنوعة من ضمنها 800  مستوطن و400 معروف للاستخدام  العطري والطبي ويتيح إمكانية التصدير.

الترميز منعش للشغل بالتعاونيات 

مكن نظام الترميز، الذي تعتمدها مصالح وزارة الفلاحة، لعشرات المنتوجات الفلاحية والبحرية والمواد الغذائية، في إطار إستراتيجية مخطط المغرب الأخضر، منذ دخول القانون 06-25 حيز التنفيذ، (مكن) من دعم تطوير القدرة التنافسية للتعاونيات المنتجة عبر ربوع المملكة، ومن بينها تعاونيات "أزير" بالجهة الشرقية.

فبالإضافة إلى مختلف المنتوجات الوطنية التي تعرف إقبالا عالميا متزايدا، من قبيل زيت الأركان وزيت الزيتون والفواكه والتمور والمنتوجات الحيوانية، مكنت الاسترتيجيات القطاعية الخاصة بالنباتات الطبية والعطرية ومشتقاتها من إعطاء هذا القطاع مكانة متميزة في السوق العالمية، إذ يحقق تصدير النباتات العطرية والطبية، وفق المعطيات الرسمية، ما يقارب 620 مليون درهم، موزعة بين 250 مليون درهم تخص النباتات العطرية والطبية المزروعة، و370 مليون درهم تشمل النباتات البرية، أي مايعادل 4 بالمائة من السوق الدولي.

المرأة والشباب دعم للتنافسية

ويعتبر الترميز وتجميع التعاونيات المنتجة وإشراك الساكنة المحلية، خاصة فئتي النساء والشباب، من أهم أركان تطوير القدرة التنافسية للعمل التعاوني، كما هو الشأن بالنسبة لإكليل الجبل، الذي تمكنت المصالح الجهوية للمياه والغابات ومحاربة التصحر بالمنطقة الشرقية من الحصول على ترميز  « أوراق أزير المجففة »، وكذلك «  الزيوت الأساسية لأزير المنطقة الشرقية »، مما حول المنطقة، عبر  مجموعات التعاونيات،  إلى أول مشغل في مجال النباتات الطبية والعطرية على المستوى الوطني.

وإذا كان الترميز  يهدف إلى تثمين التنوع وإنعاش المنتوجات وتقوية قدرات المتعاونين وتحسين دخلهم، وفق مقابرات إيكولوجية صديقة للبيئة، تساهم في التخفيف والتكيف مع التغير المناخي، فإن مشروع « أزير الشرق »، لدعم وتحسين التنافسية لسلسلة الإنتاج الخاصة بنبتة إكليل الجبل بجهة الشرق، الذي كشف عن نتائجه مؤخرا في ورشة وطنية بالرباط، نجح في  تقديم نموذج مشروع ميداني مستدام في أقاليم فيجيج وجرادة وتاوريرت وكرسيف.

دور الشراكات في تنمية التعاونيات

"أزير الشرق" مشروع، يندرج في إطار استرتيجية المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، التي ساهمت بميزانية تقدر بـسبعة ملايين و500 ألف درهم، وأنجز بشراكة وتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، بدعم من لدن والتعاون السويسري في المغرب، بمبلغ يقدر  بـ 25 مليون درهم، بهدف المحافظة على النباتات العطرية والطبية، ساهم في إعداد القطاع للانتقال من مورد قطاع المواد الأولية غير المصنعة إلى قطاع صناعي حقيقي يقدم مجموعة من المنتجات للأسواق الوطنية والدولية بقيمة مضافة عالية خاصة لصالح المستعملين المحليين.

 ثرات محلي ومورد رزق مستدام

ركز مشروع "أزير الشرق"، الذي امتد لثلاث سنوات وتلاثة أشهر، حسب ما تم الإعلان عنه خلال الورشة، على إشراك السكان المحليين وقاطفي هذه النبتة في تعاونيات، وكذلك تحسين استدامة هذا المورد الطبيعي، وتطوير القدرة التنافسية للتعاونيات المحلية، في إطار تعزيز النمو الاقتصادي مع العدالة الاجتماعية واحترام البيئة.

وأكد مختلف المتدخلين على أن ترميز المنتوج واعتماد المقاربات الانتاجية الجديدة، وفق إرشادات وتوجيهات المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتوجات الغذائية، وتكثيف التكوين حول مختلف مراحل سلسة الانتاج، مكنت من تثمين « إكليل الجبل »، وساهمت في خلق قيمة مضافة من خلال تزايد ولوج هذا المنتوج  ومشتقاته إلى الأسواق الوطنية والدولية، وارتفاع وعي الساكنة المحلية بضرورة الحفاظ على غابات « أزير »، من جهة كثرات محلي، ومن جهة أخرى كمورد رزق مستدام لألاف الأسر، التي تعمل في القطف والتجميع والتجفيف والتقطير  والتسويق..

وخلصت جل الشهادات التي إستقتها "بلبريس" من مختلف المتدخلين، خاصة من مسؤولي التعاونيات المحلية واتحاد التعاونيات، أن برنامج "أزير الشرق" أهل عشرات التعاونيات على مستوى الوعي بأهمية الحفاظ على التنوع البيولوجي والموارد الطبيعية، وعزز الروابط بين الساكنة والمجال الغابوي المحيط بها ضمانا لتنمية في هذه المناطق التي بطء التنمية وصعوبات الظروف الطبيعية.

تطور إنخراط الساكنة

عرف عدد التعاونيات العاملة في مجال استغلال إكليل الجبل بالجهة الشرقية تطورا واضحا، إذ أكد عبد الرحيم بوطالب المنسق الوطني لمشروع "أزير الشرق"، ارتفاع عدد التعاونيات من ست تعاونيات فقط سنة 2014 إلى أزيد من 20 تعاونية نشيطة سنة 2018، تمكنت خلال نفس الفترة من عقد أزيد من 14 اتفاقية للتعاون مع مختلف المتدخلين

وحسب المصدر ذاته، تطور عدد المنخرطين في هذه التعاونيات، من حوالي 360 منخرط من بينهم 77 إمرأة فقط سنة 2014 إلى أزيد من 3740 منخرط من بينهم أزيد من 1050 امرأة سنة 2018. وتمكنت 17 تعاونية منها، في إطار مشروع "أزير الشرق"، من الاستفادة من ست دورات تكوينية في مجال  التسيير الإداري والمالي  للتعاونيات وتقينات الترويج والتسويق.

ووفق المعطيات التي كشف عنها  المنسق الوطني للمشروع استفاد ما مجموعه 17 تعاونية من 47 لقاء في مجال تنمية القدرات وتكوين المكونين، اختتمت بإعداد دليل للتكوين باللغتين العربية والفرنسية يعتمد عليه في تكوين منخرطي التعاونيات من أجل ضمان الاستدامة في طرق قطف ومعالجة المنتوج، بالإضافة إلى استفادتها من لقاء تواصلية مع تعاونيات مماثلة خارج الجهة بالمغرب وبالخارج.

التجميع شراكة مربحة للطرفين

إذا كان التجميع وتشبيك التعاونيات ضمن فدرياليات واتحادات  محلية وإقليمية، يمثل أحد ركائز مخطط المغرب الأخضر، ونموذجا مبتكرا لتنظيم الفلاحين حول فاعلين خواص أو مجموعات مهنية ذات قدرات تدبيرية قوية، و يعتبر بمثابة شراكة مربحة للطرفين بين الفعلين في مختلف المراحل انطلاقا من الإنتاج إلى التسويق، مرورا بالتصنيع، فإن دعم هذا التجميع من خلال عشرات التعاونيات، في تجربة مشروع "أزير الشرق "، بأزيد من خمسة أقاليم بجهة الشرق، مكنت هذه التعاونيات، على الخصوص من التغلب على المعيقات المرتبطة بتجزيء البنيات العقارية، مع ضمان استفادة الاستغلاليات المجمعة من التقنيات الحديثة للإنتاج والتمويل والولوج إلى السوق الداخلي والدولي.

عباوبو: واعون بضرورة اعتماد مقاربات مستدامة 

قال صالح عبابو رئيس اتحاد "أزير تلدينت" في تصرح لـ "بلبريس" إن مشروع "أزير الشرق"، الذي تتقاطع أهدافه مع استراتيجيات باقي القطاعات الوزارية، سواء منها مخطط المغرب الأخضر، واسترتيجية المياه والغابات 2015-2024، وكل البرامج المرتبطة بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وضع قطار التنمية بالجهة الشرقية على السكة الصحية، ولا يمكن سوى ضمان تحقيق النجاح في ما تبقى من خطوات.

ونوه عبابو بباقي الشركاء الذين قدموا "كل الدعم المادي والتقني واللوجيستي، لهذا المشروع الذي أسس لرؤية جماعية بدأت تشكل الحل الأنسب للتنافسية وتوسيع مجال الإنتاج والعرض  لمواكبة الطلب المتزايد على المنتوجات التعاونية، سواء من لدن الساكنة، وكذلك من لدن زبناء هذه التعاونيات، مضيفا أن عشرات التعاونيات العاملة حاليا في « إكليل الجبل » أصبحت مستوعبة للمقاربات المستدامة لاستغلال الموارد الطبيعية، وتحرص على الحفاظ عليها كمورد رزق ينبغي ضمان استدامته كحق لهم وللأجيال القادمة.

وأكد عبابو على ضرورة تعميم التقنيات الجيدة في وحدات الانتاج وتكثيف التكوين في مجالات الانتاج والترويج والتسويق، لتوسيع دائرة التعاونيات التي تستجيب وحداثها لشروط المكتب الوطني للسلامة الصحية للمواد الغذائية، مشيرا إلى أن احتلال تعاونيات "إكليل الجبل" للمرتبة الاولى من حيث توفير مناصب الشغل ببعض المناطق النائية من قبيل منطقة تالسينت، لا يمكن سوى مواكبته من لدن كافة المتدخلين والشركاء، خاصة أن مشروع "أزير الشرق" مكن الجميع من مسايرة أهداف البرامج الحكومية في مجال الاستثمار في النباتات الطبية والعطرية بما في ذلك المرتبطة بالتكيف والتخفيف من آثار التغير المناخي.