تؤكد المملكة المغربية عزمها على التموقع بين دول الريادة في قطاع الطاقات المتجددة والنظيفة، مقدمة تصورا ورؤية استراتيجية طموحة حتى أنها أصبحت بمثابة “إلدورادو” جديد في هذا القطاع، فقد قطعت المملكة أشواطا مهمة في مسار الانتقال الطاقي ابتداء بالطاقة الريحية والطاقة الشمسية والآن مع مشروع الهيدروجين الأخضر الذي هو قيد التفعيل بعد إصدار الحكومة لمنشور "عرض المغرب".
هذا الموضوع الراهني تناوله برنامج ملفات في الواجهة يوم الثلاثاء 19 مارس 2024، عبر أثير الإذاعة الوطنية الذي يقدمه الزميل إبراهيم لفضيلي، وشارك فيه عبد الإله بن يوسف عضو دائم في أكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات وعبد الصمد ملاوي أستاذ جامعي وخبير في تكنولوجيا الطاقات المتجددة.
قدم في البداية الأستاذ عبد الإله بن يوسف توطئة للتعريف بالهيدروجين والهيدروجين الأخضر لتبسيط الموضوع على المغاربة، موضحا أن الهيدروجين بديل أفضل للطاقات الأحفورية لأنها سواء كانت غازا طبيعيا أو بيترولا أو فحما فهي تصدر انبعاثات لغاز ثاني أكسيد الكربون وغازات أخرى تتسبب في الانحباس الحراري الذي يرفع درجة حرارة الأرض.
وأضاف عضو أكاديمية الحسن الثاني أن الهدرجين هو العنصر الأكثر وفر على سطح الأرض واحتراق لا ينتج عنه انبعاث غازي وإنما ينتج ماء فقط، وكذلك هو الأفضل من حيث كثافة الطاقة حيث يمثل ثلاثة أضعاف طاقة البنزين، مبرزا أن الهيدروجين له عدة أشكال أخضر وأبيض ورمادي، فالأبيض هو الذي يستخرج من جوف الأرض لكن غير متوفر بكثرة أما الأخضر فهو الذي يستخرج من الماء وهو أكثر وفرة.
وعن سؤال حول دوافع المغرب للرهان على الهيدروجين الأخضر، يقول الخبير في تكنولوجيا الطاقات المتجددة عبد الصمد ملاوي المغرب سطر منذ سنوات استراتيجية واضحة في قطاع الطاقات المتجددة وقد تعهد في عدد من المناسبات الدولية فيما يخص الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة وإنتاج طاقة الكهرباء الخضراء وكذلك أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستديمة.
وأبرز أن التحديات المستجدة وأبرزها الجفاف الذي أثر على إنتاج الكهرباء انطلاقا من السدود المائية وانعكاس أزمة جائحة كورونا على توريد تكنولوجيا الطاقات المتجددة، سرعت وتيرة انتقال المغرب نحو الهيدروجين الأخضر.
ومن جهة ثاني يؤكد عبد الصمد ملاوي، أنه هنالك مجموعة من المؤهلات التي يتوفر عليها المغرب ولا تتمتع بها دول أخرى، أهمها الموقع الاستراتيجي وقرب المغرب من أوروبا التي هي في حاجة للهيدروجين كبديل عن الوقود الأحفوري، فأوروبا التي تعتبر من أقل المناطق تعرضا للإشعاع الشمسي والطاقة الحرارية ترى في المغرب أفضل شريك في هذا المجال.
ثم يؤكد الأستاذ الجامعي الخبير في تكنولوجيا الطاقات المتجددة، أن الهيدروجين يمكن استعماله كبديل عن غاز البوتان وفي بعض المحطات الحرارية التي كانت تستعمل المصادر الأحفورية.
أما بخصوص توجه المغرب نحو اقتصاد الهيدروجين، يقول عبد الإله بن يوسف إنه يرتكز على خمسة عناصر " العنصر الأول إنتاج طاقة الهيدروجين الأخضر والعنصر الثاني هو كيف يمكننا تخزين الهدرجين بجودة عالية وكيف يمكن توزيعه ثم كيف يمكن تحويله وهذا العنصر أيضاً وارد في عرض المغرب، والتحويل بمعنى إنتاج الهدرجين الأخضر وتحويله إلى ميثانول أو أمونياك إلى وقود صناعي لاستعمالات مختلف، ثم العنصر الخامس هو استعمالات وتطبيقات من التدفئة والطهي إلى النقل والصناعة".
وفي نفس الاتجاه أبرز عبد الصمد ملاوي الأرقام التي سطرها المغرب وأهمها هدف إنتاج ثلاثة ملايين طن سنويا من الهيدروجين الأخضر في أفق 2030 ومن خلال هذا الإنتاج سيحاول تلبية 5 في المئة من حاجيات الاتحاد الأوروبي كمرحلة أولى، وخلق فرص شغل تتراوح بين 10 آلاف و25 ألف منصب شغل، فالاستثمار في هذا القطاع يفرض تطوير مجموعة من القطاعات الموزاية بالإضافة إلى البنية التحتية والتجهيز.