بعد أشهر من التعافي.. الاقتصاد العالمي مقبل على أزمة تضخم مجددا
لا تزال تداعيات الحرب في البحر الأحمر معتدلة بالنسبة للعالم كما هو الحال بالنسبة للمغرب، حيث أن الدراسات التي كشفت عنها "Allianz Trade"، أشارت إلى أنه على الرغم من ارتفاع تكاليف الشحن بنسبة %240 منذ نونبر الماضي؛ إلاّ أن التأثير لا يزال محدودا.
وأضافت "Allianz Trade" إلى أن امتداد الأزمة إلى منتصف عام 2024، من شأنه الرفع من معدل التضخم عالمي بـ0.5 نقطة، أي بنسبة %0.5 نقطة مئوية، ما يعني انخفاض النمو بـ0.4 نقطة مع تراجع التجارة العالمية بـ1.1 نقطة عام 2024.
ويأتي هذا المؤشر السلبي، بعد تفاقم الأزمة في البحر الأحمر، نتيجة للاضطرابات الكبيرة في حركة النقل البحري، مما أجبر شركات الشحن على اختيار طرق أطول بتكلفة أكبر.
وجاء ذلك في تقرير صادر عن "Allianz Trade"، والمختصة في تحليل الأثار المترتبة على التضخم والتجارة العالمية والنمو الاقتصادي، من خلال تسليطها الضوء على أهمية البحر الأحمر في التجارة العالمية، والذي يمر عبره ثلث حركة الحاويات العالمية، و%40 من التجارة بين الدول "اليورو-اَسيوية".
وأضاف نفس التقرير أن التأثير الحالي لا يزال معتدلا، دون أن يشكل قلقا كبيرا للاقتصاد العالمي، بالرغم من ارتفاع تكاليف الشحن، إلاّ أنه لا يزال الطلب على السلع ثابتا والمخزون مرتفعا، حيث تم رفع الطاقة الاستيعابية للشحن البحري في سفن الحاويات الجديدة؛ لكنه شدد على خطورة الوضع على سلاسل الإنتاج، إذا ما استمرت الأزمة بعد منتصف عام 2024.
وقد أوضح التقرير إلى أن تضاعف تكاليف الشحن البحري، سيؤدي إلى إرتفاع التضخم العالمي إلى %5.1 في عام 2024، حيث أن معدل نمو العالمي سيقف عند 2%؛ مع إلحاق ضرر كبير بأوروبا والولايات المتحدة، مما سيؤدي إلى خسارة نسبة %0.9 من نمو الناتج الإجمالي الخام في أوروبا، و %-0.6 في الولايات المتحدة الأمريكية.
أما فيما يتعلق بالتجارة العالمية، فقد عادت لأوقات إلى وضعها الطبيعي الأقل من المتوسط لما قبل جائحة كورونا؛ إلاّ أن استمرار الاضطرابات المطولة في البحر الأحمر، سيودي إلى انخفاضها بمقدار -1.1 نقطة من نمو حجمها، مما يحد من نموها في %1.9 في عام 2024.
وبخصوص أسعار الطاقة تشير "Allianz Trade" إلى أن أسعار الطاقة هي التي تؤثر بشكل رئيسي في تفاقم الأزمة المتعلفة بالاقتصاد العالمي، خاصة في أوروبا بعد بداية أزمة البحر الأحمر خلال نونبر الماضي، حيث ارتفع سعر النفط بنحو %2، بينما ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا بنسبة %3.6.
وأوضحت الدراسة إلى أن الوضع لم يصل بعد إلى المرحلة حرجة، بينما تشهد أسعار النفط عموما اتجاها هبوطيا مع تخلف الطلب عن العرض واستمرار سفن النفط في الإبحار في البحر الأحمر، أما بالنسبة للغاز الطبيعي، فإن الاحتياطيات الأوروبية تظل كبيرة، وعلى الرغم من موجة البرد الأخيرة، فإن نهاية موسم التدفئة تقترب، الأمر الذي يخفف من المخاوف المحتملة.
وقد أدت مخاوف التجارة البحرية بفعل الأزمة، إلى انخفاض بنسبة %-15 على أساس سنوي في قناة السويس المصرية، وزيادة بنسبة%66 في رأس الرجاء الصالح بجنوب أفريقيا.
وتفاقمت تلك التداعيات بعد انخفاض عدد السفن التجارية العابرة لقناة السويس بنسبة %-30، والناقلات بنسبة %-19؛ فيما تضاغفت في الوقت نفسه الملاحة التجارية عبر رأس الرجاء الصالح، بزيادة قدرها %66 للسفن التجارية، و%65 للناقلات.
وبينما يستمر الوضع في التعقد، فإن المراقبون في حالة تأهب لتقييم تطور هذه الأزمة البحرية وتداعياتها المحتملة؛ إذا أن البنك الدول أكد على تعقد الوضع الاقتصادي بمصر في نشرته الأخيرة بداية 2024، فيما قدم مؤشرات إبجابية حول المغرب، مفادها الاستمرار في تحقيق معدل النمو في أفق 2025، بفضل عامل الأمن والاستقرار، والسياسات المالية والنقدية لمواجهة الصدمات.