يتجدد اهتمام الرأي العام بمدينة مراكش، نهاية هذا الأسبوع، بقضايا الفساد المالي المعروضة أمام القضاء، وذلك على ضوء معطيات كشف عنها المحامي والفاعل الحقوقي محمد الغلوسي في تدوينة مطولة على صفحته بموقع فايسبوك.
وحسب تدوينته، يرتقب أن تنظر غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بمراكش، يوم غد الجمعة 5 دجنبر 2025، في ملفين وصفا بالثقيلين، يتابع فيهما منتخبون ومسؤولون عموميون ومنعشون عقاريون وموظفون، على خلفية شبهات تبديد أموال عمومية واستغلال النفوذ والتزوير وغسل الأموال.
وحسب ما أورده الغلوسي، فإن الملف الأول مرتبط بما يعرف بقضية تبديد أملاك الدولة ضمن مشروع “مراكش الحاضرة المتجددة”، الذي رصدت له ميزانية تناهز 600 مليار سنتيم.
ويشير إلى أن هذا المشروع تحول إلى أرضية لتمرير صفقات تحوم حولها شبهات فساد وتأسيس شركات من طرف منتخبين ومسؤولين بغرض الاستفادة من الصفقات العمومية وتفويت عقارات عمومية بطرق غير قانونية.
ويضيف الغلوسي أن التحقيقات التي باشرتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية انتهت إلى متابعة المتهمين بجنايات تبديد المال العام وتلقي فائدة في عقد والتزوير والمشاركة فيه، مع استمرار تدابير سحب جوازات السفر وإغلاق الحدود.
ويؤكد الغلوسي أن هذه القضية تشكل، في نظر عدد من المتابعين، واحدة من أكبر فضائح الفساد التي عرفتها المدينة، مبرزا أنها تعكس استغلالا خطيرا للسلطة وانحرافا عن المصلحة العامة.
كما يشير إلى أن وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية أمر بإجراء أبحاث إضافية حول شبهات غسل الأموال وعقل ممتلكات المتهمين، وهو ما أحدث ارتباكا في صفوف البعض ممن وصفهم بـ “الذين يرقصون رقصة الديك المذبوح”.
كما سجل الغلوسي تأخر الملف مرات عديدة بسبب عدم حضور المندوب الجهوي السابق لأملاك الدولة، ما يثير مخاوف من إطالة أمد المحاكمة وهدر الزمن القضائي.
أما الملف الثاني، وفق التدوينة ذاتها، فيتعلق بشبهات فساد صفقات مؤتمر “كوب 22″، حيث كانت الخبرة القضائية المنجزة موضوع طعن من طرف الوكيل العام للملك الذي اعتبرها غير موضوعية ولم تحترم مقتضيات القرار التمهيدي للمحكمة، وتم الاستماع إلى الخبيرين خلال الجلسة السابقة قبل أن تأمر المحكمة بإنجاز تقرير تكميلي ينتظر تقديمه خلال جلسة الجمعة.
ويبرز الغلوسي أن الجمعية المغربية لحماية المال العام، ومعها مكونات واسعة من المجتمع المدني، تتابع الملفين باهتمام بالغ، معتبرا أن هذه القضايا تمثل اختبارا لدور القضاء في محاربة الفساد وترسيخ مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
وأضاف أن الجمعية تنسق مع منظمات حقوقية وطنية لاتخاذ خطوات نضالية وقانونية خلال الأيام المقبلة، دفاعا عن المال العام ومواجهة ما وصفه بـ “الإفلات من العقاب” في جرائم الفساد التي باتت، حسب تعبيره، تهدد الدولة والمجتمع وتقوض التنمية والثقة في المؤسسات.
واختتم الغلوسي تدوينته بالتأكيد على أن الرأي العام ينتظر أحكاما حازمة تعيد الاعتبار لدور القضاء في حماية المال العام، وتبعث رسائل واضحة لكل من يسيء استعمال السلطة أو يعبث بالثروة العمومية.