صادق مجلس النواب، مساء اليوم الاثنين، على مشروع القانون التنظيمي رقم 53.25 القاضي بتغيير وتتميم القانون 27.11 المتعلق بمجلس النواب، وذلك خلال جلسة عامة اتسمت بنقاش واسع شمل عشرات التعديلات التي تقدمت بها الفرق البرلمانية، وقد جاءت نتيجة التصويت بـ164 صوتا لصالح المشروع، مقابل 50 ممتنعا، ومن دون أي معارضة.
وعرف المشروع الذي يشكل أحد أهم حلقات المراجعة التشريعية المرتبطة باستحقاقات 2026، تقديم مقترحات متعددة تمحورت حول جوانب تنظيمية ومسطرية متعلقة بأهلية الترشح، وضبط الشروط القانونية المؤطرة للعملية الانتخابية، حيث شكلت المادة 6 أحد الأمثلة البارزة التي أثارت نقاشا دستوريا داخل الجلسة.
فقد دافعت مجموعة العدالة والتنمية عن تعديل يتعلق بحذف المقتضى الذي يمنع الترشح عن الأشخاص المضبوطين في حالة تلبس، معتبرة أن هذا الحرمان يتعارض مع الضمانات الدستورية الأساسية، وعلى رأسها قرينة البراءة المنصوص عليها في الفصل 23، والحق في الترشح والتصويت المكرس في الفصل 30 من الدستور.
وأكدت المجموعة أن مجرد الاشتباه أو التلبس لا يشكل حكما بالإدانة، وأن عددا من الأشخاص الذين تتم متابعتهم يتمتعون لاحقا بالبراءة، مما يجعل ربط فقدان الأهلية الانتخابية بمجرد الشبهة أمرا غير دستوري ويمكن أن يفتح الباب أمام توظيف سياسي أو انتخابي ضيق.
واستندت المجموعة إلى قرارات سابقة للمجلس الدستوري من بينها القرارات 449/2001 و780/2009 و813/2010 التي شددت على أن سقوط الأهلية الانتخابية لا يتم إلا بصدور حكم نهائي، واقترحت في المقابل أن يترك موضوع الامتناع عن تزكية المرشحين المشتبه بهم للأحزاب نفسها، في إطار التزامات سياسية وأخلاقية، لا في شكل مقتضيات قانونية ملزمة.
ورغم هذه الدفوعات، اختار مجلس النواب الإبقاء على الصيغة الحكومية، في حين مرت تعديلات أخرى، أبرزها خفض العتبة المطلوبة لترشح لوائح الشباب المستقلة من 5% إلى 2%، وهي خطوة اعتبرت أكثر واقعية بعد المحاكاة الرقمية التي أظهرت أن النسبة السابقة قد تتحول إلى شرط تعجيزي، خصوصاً في الدوائر الكبرى.
وفي سياق هذا النقاش التشريعي، تجدر الإشارة إلى أن وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت كان قد قدم، قبل جلسة التصويت، عرضا مفصلا أمام المجلس حول الإطار العام لمراجعة المنظومة الانتخابية.
وأوضح حينها أن هذه الإصلاحات تأتي تنفيذا للتوجيهات الملكية الرامية إلى ضبط قواعد العملية الانتخابية قبل نهاية السنة الجارية، وفي إطار مقاربة تشاركية مع الأحزاب السياسية.
كما أكد أن هذه التعديلات جزء من مسار أوسع يهدف إلى تعزيز نزاهة الاستحقاقات المقبلة، وتوسيع مشاركة الشباب والنساء، وخلق مناخ انتخابي يعكس الإرادة الحقيقية للناخبين، في ظل سياق سياسي ودبلوماسي يعرف تحولات مهمة على الصعيد الدولي.