الأغلبية تعترف بالقصور والمعارضة تتهم بالفشل

في سياق النقاش المتصاعد حول الوضع الاجتماعي والتعبيرات الاحتجاجية المتنامية في المغرب، خاصة من طرف فئة الشباب، خرج عدد من رؤساء الفرق البرلمانية بمواقف تعكس قراءات مختلفة للوضع الراهن، وتضع الأصبع على مكامن الخلل في علاقة المواطن، وخصوصًا الشباب، بالمؤسسات والأحزاب.

وبين دفاع الأغلبية عن منجزات الحكومة، واعتراف بضعف التواصل السياسي، وتنديد بعدم تفعيل البرامج والوعود، تباينت التصريحات، لكن الخلاصة كانت واحدة: هناك أزمة ثقة، وشباب غاضب، ومؤسسات مطالبة بإعادة النظر في أدائها وتواصلها.

محمد شوكي :“اعتراف وتأمل”

قال محمد شوكي، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب، إن الأغلبية الحكومية “مستعدة للدفاع عن منجزاتها”، لكن هذا الدفاع يجب أن يتم عبر ثلاث مستويات أساسية: أولاً، التواصل الفعّال مع المجتمع المدني والنخب والمواطنين، وهو توجه دعا إليه الملك محمد السادس؛ ثانيًا، تحديد الإكراهات المرتبطة بتراكمات سلبية في قطاعات مختلفة؛ وثالثًا، الاعتراف بالقصور وتحديد أسبابه سواء تعلق الأمر بالحكامة أو بالكفاءة أو بضيق الزمن السياسي.

وتوقف شوكي عند ظاهرة التعبيرات الشبابية الأخيرة، معتبرًا أنها “تطرح علينا جميعًا أسئلة عميقة على المستويين السياسي والاجتماعي”.

وأشار إلى وجود فجوة بين الأجيال، حيث نشأ جيل جديد بطرق تعبير مختلفة عن السائد، وذهب إلى أن هذه الاحتجاجات، رغم أنها دليل على ارتفاع منسوب الديمقراطية، إلا أنها تبتعد عن المؤسسات، وهو ما اعتبره غير ديمقراطي في حد ذاته.

واعترف بأن هناك توترًا حقيقيًا بين المؤسسات الحزبية وهذه الفئات من الشباب، مؤكدًا أن الحوار يجب أن يستمر، وأن الأحزاب مطالبة بمراجعة أساليب تواصلها. وأضاف: “لا نعرف من هؤلاء الشباب، لكننا دعوناهم للحوار، ولسنا خجلين من القول إن هناك خصاصًا في التواصل، والثقة تُبنى بالتنفيذ الواقعي للبرامج وشرح الإكراهات بشفافية”.

علال العمروي :“نهاية الشعبوية”

من جهته، شدد علال العمروي، رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب، على أن خطاب العرش الأخير كان استباقيًا للنقاش العمومي الدائر اليوم، حينما دعا إلى اعتماد جيل جديد من السياسات والبرامج، والقطع مع مغرب يسير بسرعتين.

وأكد العمروي أن اللحظة السياسية الحالية تقتضي تحمل المسؤولية بجدية، والابتعاد عن تبادل التهم بين الأطراف السياسية، مشيرًا إلى أن السياسات العمومية يجب أن تكون عابرة للحكومات، لا رهينة لحسابات ظرفية.

وأضاف أن “الخطاب السياسي يجب أن يتسم بالمسؤولية، لا بالشعبوية”، لأن الأخيرة تؤدي إلى زعزعة ثقة المواطنين، خصوصًا فئة الشباب، في المؤسسات السياسية. وقال إن الأغلبية الحالية، مثل سابقاتها، ترتكز على برنامج حكومي واضح، ويجب أن تتحلى بالشجاعة للاعتراف بما تحقق وما لم يتحقق

عبد الرحيم شهيد : “الاحتجاج يُلخّص كل شيء”

أما عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية، فكان أكثر حدة في تشخيصه، حيث اعتبر أن الاحتجاجات الشبابية الأخيرة تلخص كل ما يمكن قوله عن أداء الحكومة، خاصة وأنها استهدفت بشكل مباشر الركيزتين الأساسيتين لبرنامجها: الصحة والتعليم.

وقال شهيد إن الوضع الحالي يعكس “فشلًا في الوفاء بالوعود الانتخابية”، مثل توفير مليون منصب شغل، و”قتل الطبقة المتوسطة”، وتثبيت الفقر بدل محاربته من خلال سياسات الدعم المباشر. وأوضح أن الثقة في السياسة تتأسس على العلاقة بين الناخب والمنتخب، والتي تهتز حين لا يتم احترام سقف الوعود.

وشدد على أن المعارضة قامت بدورها كاملاً داخل البرلمان، عبر إثارة جميع المواضيع التي خرج لأجلها الناس إلى الشارع، لكن “لا أحد أصغى داخل المؤسسات الدستورية”، معتبراً أن ما يُعمّق الإحباط هو رؤية سياسيين “يقولون ولا يفعلون”.

رشيد الحموني :“معارضة الصوت والبدائل”

من جانبه، قدّم رشيد الحموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية، رؤية متوازنة حول طبيعة المعارضة ومهامها، مميزًا بين المعارضة المؤسساتية التي تستمد شرعيتها من الدستور وتمارس الرقابة والتشريع، والمعارضة الشعبية التي تمثل المجتمع المدني والنقابات والمواطنين، والتي يضمن لها الدستور الحق في الاحتجاج السلمي.

وأشار الحموني إلى أن المعارضة داخل البرلمان تقوم بدورها كاملاً، مستشهدًا بإشادة الملك محمد السادس في خطابه بالمؤسسة التشريعية، لكنه نبه إلى أن الحكومة ترد على الأسئلة البرلمانية بإجابات فضفاضة، وترفض مقترحات القوانين، ما يُكرس صورة سلبية عن البرلمانيين في نظر المواطنين، ويزيد من اتساع فجوة الثقة.

وختم الحموني بالقول إن الشباب لا يجدون أنفسهم في البرامج الحكومية الحالية، وأن الحكومة والأحزاب يجب أن تستوعب التحولات الثقافية العميقة في المجتمع المغربي، مؤكدًا أن على الجميع – أغلبية ومعارضة – احترام المؤسسات ومراجعة طرق تواصله مع الشعب.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *