تقرير غوتيريش يرسخ دعم الحكم الذاتي ويضع الجزائر في قلب النزاع

أكد التقرير السنوي للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بشأن قضية الصحراء المغربية على تنامي الدعم الدولي لمخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، باعتباره الأساس الأكثر جدية وواقعية وبراغماتية للتوصل إلى حل نهائي ودائم للنزاع، مع تثبيت مسؤولية الجزائر كطرف رئيسي فيه، وتسجيل خروقات ميدانية متكررة لجبهة البوليساريو تعرقل مهام بعثة المينورسو وتزيد من منسوب التوتر في المنطقة.

وأشار التقرير إلى البيان المشترك الصادر في فاتح يونيو 2025 بين المغرب والمملكة المتحدة، الذي عبّرت فيه لندن عن دعم صريح لمخطط الحكم الذاتي واعتباره الإطار الأنسب للتسوية، معلنة استعدادها لتقديم دعم فعلي للمبعوث الشخصي للأمين العام ولجهود الأمم المتحدة، ما أثار استياء الجزائر التي عبرت عن «أسفها» رغم استمرارها في الادعاء بأنها مجرد «مراقب»، في الوقت الذي تسجل فيه الأمم المتحدة حضورها المكثف في الملف ودورها المحوري في توجيه مواقف جبهة البوليساريو.

كما توقف التقرير عند خطاب الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش، الذي دعا فيه إلى بناء علاقات مغربية جزائرية على أساس حوار صريح وأخوي يفضي إلى حل «لا غالب فيه ولا مغلوب»، في خطوة جديدة لتجديد اليد الممدودة نحو الجزائر، كما وأعرب غوتيريش عن أسفه لغياب أي تحسن في العلاقات بين البلدين، مؤكدا أن الدول المجاورة تتحمل دورا أساسيا في إيجاد حل للنزاع وفي ضمان الاستقرار والتنمية الإقليمية، داعيا المغرب والجزائر إلى مضاعفة جهودهما لبناء تعاون حقيقي.

وقد ورد ذكر الجزائر في التقرير سبع عشرة مرة، في مؤشر واضح على تثبيت موقعها كطرف رئيسي في النزاع وليس مجرد جار قلق، إذ واصل وزير خارجيتها دعم مواقف البوليساريو، وانتقاد مواقف الدول الداعمة لمقترح المغرب، والتحدث مع بعثة المينورسو نيابة عن الجبهة، مع الاستمرار في توظيف الوضع الإنساني في مخيمات تندوف لتأجيج النزاع.

ورصد التقرير استمرار التوترات العسكرية منذ استئناف الأعمال العدائية في نونبر 2020، محذرا من مخاطر التصعيد على استقرار المنطقة المغاربية بأكملها. وأشار إلى عدة حوادث ميدانية خطيرة، من بينها إطلاق صواريخ قرب مواقع بعثة المينورسو في السمارة والمحبس دون تسجيل إصابات، لكنها شكلت أقرب الهجمات إلى منشآت البعثة منذ اندلاع المواجهات. كما سجّل رفض جبهة البوليساريو السماح للبعثة بالتحقيق الميداني، واستمرارها في منع الاتصالات المباشرة مع قيادتها العسكرية، وفرضها قيودا على تحركات المروحيات الاستطلاعية، وهو ما اعتبره الأمين العام عرقلة مباشرة لمهام المينورسو، داعيا الجبهة إلى رفع جميع القيود المفروضة واستئناف التنسيق وفق الممارسات السابقة.

ولفت التقرير إلى إنجاز المغرب بين يناير ومارس 2025 لطريق جديد بطول 93 كيلومترا يربط السمارة بموريتانيا عبر الجدار الدفاعي، ليشكّل ممرا بريا ثانيا إلى جانب معبر الكركرات. وأوضح قائد المنطقة الجنوبية للقوات المسلحة الملكية خلال اجتماع مع قيادة المينورسو أن الطريق مخصص للاستخدام المدني ولا صلة له بالعمليات العسكرية، في خطوة تعكس دينامية ميدانية متواصلة على الأرض.

وفي ما يتعلق ببعثة المينورسو، أكد الأمين العام أنها تظل آلية أساسية في منع التصعيد ومصدرًا محايدًا للمعلومات لصناع القرار الدوليين، موصيا مجلس الأمن بتمديد ولايتها لمدة سنة إضافية إلى غاية 31 أكتوبر 2026، غير أن التقرير نبه إلى الصعوبات المالية التي تواجهها، إذ بلغت المتأخرات غير المسددة لحسابها الخاص 64.9 مليون دولار إلى حدود غشت 2025، من أصل ميزانية تبلغ 70.7 مليون دولار للفترة الممتدة من يوليوز 2025 إلى يونيو 2026، وهو ما يعكس تحديا ماليا قد يؤثر على استمرارية مهامها.

ChatGPT a dit :

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *