احتجاجات “جيلZ”ترغم وزراء الحكومة الخروج من “صمت القبور”

أرغمت حركة احتجاجات شباب “جيل زد” وزراء الحكومة إلى الخروج للعلن في برامج وحوارات مصورة مكثفة، سواء على وسائل الإعلام العمومية أو الخاصة.

فبعد ما وصفه مراقبون بـ”صمت القبور” الذي خيم على الحكومة ووزرائها منذ بداية الاحتجاجات، انتظرت الأخيرة إلى حين بلوغ الاحتجاجات ذروتها ورفعها مطالب إقالة أعضاء الحكومة، ليباشر وزراؤها خرجات إعلامية مكثفة للرد والتوضيح والتبرير.

هذه الخرجات التي كان يفترض أن تخرج بها الحكومة ووزراؤها قبل اندلاع الاحتجاجات، تظهر بالأساس، حسب متابعين، أن الوضع التواصلي للحكومة لا يشتغل إلا تحت الضغط، وهو ما قد يفسره كثيرون على أنه “يكرس ضعف التواصل المؤسساتي الذي طالما كان السمة البارزة في العمل هذه الحكومة وحذرت منه فعاليات سياسية وحقوقية كثيرة”.

فبعد قرابة 6 أيام من الاحتجاجات، ارتأى رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أن يخاطب الشباب المحتج عبر كلمة رسمية ألقاها من وسط المجلس الحكومي، عبر فيها عن تفهم الحكومة لمطالب الشباب، ونوه بدور السلطات في تأطير الاحتجاجات.

وبعد خرجة رئيس الحكومة، بادر الوزراء للخروج تباعا على القنوات العمومية والخاصة، في مشهد تحولت معه الحوارات الإعلامية إلى ساحة مبارزة وتقريع لوزراء، و”جلسات محاكمة” علنية يحضر فيها الشباب ليحاوروا المسؤولين مباشرة وأمام الملأ.

فقد أخرجت احتجاجات “جيل زد” فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، والمهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، في لقاء حزبي مع شبيبة الحزب، عبروا فيه عن تفاعلهم مع الحركة الشبابية وتفهمهم لمطالبهم، علاوة على خروج بنسعيد في حوار صحفي مطول أكد فيه على ضرورة الاستماع لصوت الشباب.

وفي سياق متصل ظهر وزير التجهيز والماء، نزار بركة في برنامج “نكونوا واضحين” على القناة الثانية، محاورا الشباب، مبديا استعداده كوزير للمحاسبة عن أي خطأ أو تقصير صدر منه، داعيا الشباب إلى الاحتكام إلى المؤسسات الدستورية والحزبية من أجل إغناء النقاش وإسماع صوتهم عبر القنوات المعروفة.

بدوره الناطق الرسمي للحكومة، مصطفى بايتاس، خرج في لقاء على “قناة ميدي1” ليدافع عن الحصيلة الحكومية والإنجازات، في مشهد رآه متابعون شبه منسق من الحكومة التي كانت تتابع الاحتجاجات بصمت شديد أثار في وقت سابق الكثير من التساؤلات العريضة.

وعلى نفس النهج خرج كل من  يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، ولحسن السعدي، كاتب الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، كريم زيدان، الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار والالتقائية، و وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، الذين أكدوا على “تحمل الحكومة لمسؤوليتها وعدم تهربها من المحاسبة”.

بينما اختار كل من عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، وعبد الجبار الرشدي، الخروج على قنوات دولية، حيث ظهر وهبي على شاشة العربية، مؤكدا على أن ما يشهده المغرب من احتجاجات يدل على دينامية المجتمع ويعكس الديموقراطية، فيما الرشيدي خرج على قناة “المشهد” في مداخلة وصفها كثيرون بـ”المتزنة”، مشددا على “مشروعية مطالب الشباب وأن حرية التظاهر والتجمهر والتعبير حقوق مكفولة دستورية داعيا الشباب إلى اللجوء للمؤسسات”.

آخر هذه الخرجات والتي شهدت إشادة واسعة من طرف متابعين انتقدوا صاحبها سابقا، هي خرجة وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين الهراوي، أمس الإثنين، والذي بسط خلال برنامج خاص على القناة الثانية، بمعطيات رقمية دقيقة عن قطاع الصحة وكشف معطيات كانت مقنعة في كثير من الأحيان، حسب متابعين، وتجنب بشكل شبه تام إلقاء اللوم على حكومة سابقة، كما جرت به العادة في خرجات حكومية متتالية.

وأظهرت هذه الخرجات الإعلامية المتتالية أن الحكومة وجدت نفسها مرغمة على الخروج للرأي العام الداخلي والخارجي من أجل إزالة الغموض عما يجري بالمغرب، وموقف الحكومة من هذه الاحتجاجات، خاصة مع ما رافقها من ادعاءات من خصوم المملكة.

ورغم أن هذه الخرجات جاءت متأخرة، حسب مراقبين، إلا أنها تبقى محمودة في مجملها، لأنها تعيد صلة الوصل بين المواطن والحكومة عبر الإعلام العمومي والخاص، فيما تبقى الأيام القادمة هي الكفيلة في أن تظهر صدقية هذه الخرجات والوعود التي قطعتها الحكومة ووزراؤها على نفسها أمام الرأي العام بشقيه الوطني والدولي.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *