علمت مصادر مطلعة أن وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة تستعد لإطلاق سلسلة من التغييرات الإدارية والتعيينات الجديدة في مناصب المسؤولية، تشمل عدداً من مديري الوكالات الحضرية، في إطار مخطط لإعادة الهيكلة وتعزيز الشفافية والحكامة داخل القطاع.
وتأتي هذه الخطوة، التي تشرف عليها الوزيرة فاطمة الزهراء المنصوري، تماشياً مع التزامات سابقة قطعتها أمام لجنة الداخلية بمجلس النواب، بشأن تعيين 12 مديراً جهوياً جديداً، وتحديث آليات تدبير الوكالات الحضرية، بما يعزز دورها في خدمة التنمية والاستثمار، ويقطع مع الممارسات التي أضعفت ثقة الفاعلين في القطاع.
وتتزامن هذه التحركات مع تصاعد النقاش حول ما وُصف بـ”اختلالات متراكمة” في بعض الوكالات الحضرية، التي تتهمها أطراف برلمانية واقتصادية بالتقاعس عن تسهيل الاستثمار، وبتعقيد المساطر الإدارية، وهو ما أدى إلى توجيه انتقادات لاذعة للوزارة الوصية على خلفية تأخر عمليات التفتيش وعدم تفعيل آليات المراقبة بفعالية.
في هذا السياق، كشفت مصادر برلمانية أن أحد رؤساء الفرق النيابية شرع، قبيل الدخول البرلماني المرتقب في أكتوبر المقبل، في التنسيق مع فرق أخرى للمطالبة بمهمة استطلاعية لبعض الوكالات الحضرية، بغرض الوقوف على مدى احترامها لقواعد الشفافية وتكافؤ الفرص في تدبير ملفات التعمير.
غير أن دعوة هذا الفريق البرلماني لم تسلم من الجدل، حيث اعتبرتها بعض الأصوات محاولة لتصفية حسابات شخصية مع مسؤولي وكالات حضرية رفضوا، حسب مصادر متطابقة، “الخضوع لضغوطات غير مشروعة” من بعض المنتخبين، من بينهم فاعلون في القطاع العقاري.
وبين مطالب الإصلاح وتصفية الحسابات السياسية، تتعالى الدعوات من داخل وخارج الإدارة بضرورة إطلاق إصلاح شامل للوكالات الحضرية، يُفضي إلى جعلها رافعة حقيقية للتنمية ومواكبة التحول العمراني، بدل أن تبقى رهينة شبكات الولاءات أو التجاذبات الحزبية.
وترى مصادر مهنية أن أي إصلاح حقيقي يجب أن يمر عبر تطهير إداري واسع، خصوصاً على مستوى بعض المصالح والمديريات التي راكمت ممارسات تتعارض مع مبادئ الشفافية، ومنها ما ارتبط باتهامات حول “التلاعب في تصاميم التهيئة”، ما يستدعي، حسب المتابعين، مراقبة صارمة وتدقيقاً داخلياً معمقاً من طرف الوزارة.
ويبقى الرهان الأساسي اليوم أمام الوزارة هو ترسيخ مناخ سليم للاستثمار، ورفع العراقيل الإدارية التي تؤخر المشاريع وتؤثر سلباً على جاذبية المجال الترابي، خصوصاً في ظل الانتظارات الكبيرة المرتبطة بإصلاح المنظومة الحضرية وتحقيق العدالة المجالية.