رفضت وزارة الداخلية، خلال آخر لقاء جمع وزيرها عبد الوافي لفتيت، الجمعة الماضي، بزعماء الأحزاب السياسية، الاستجابة لمطلب بعض الأحزاب برفع عدد مقاعد مجلس النواب، في خطوة أكدت تمسّك الدولة بالمحافظة على الإطار العام المؤطر للقوانين الانتخابية دون تغييرات جذرية.
ورغم التوافق العام وروح النقاش التي وصفها مصدر حزبي حضر الاجتماع بـ”الإيجابية”، فإن لفتيت لم يحسم نهائيًا في جميع المقترحات المرفوعة إليه ضمن المذكرات الحزبية، التي شملت قضايا حساسة مثل تمثيلية النساء ومغاربة الخارج، وإعادة العمل بلائحة الشباب.
لا زيادة في عدد النواب ولا تقسيم جديد
مصدر من داخل اللقاء صرّح أن وزارة الداخلية تتجه إلى تثبيت الوضع القائم، دون مراجعة التقسيم الانتخابي أو توسيع البرلمان، وهو ما اعتبره البعض تراجعًا عن وعود بتعزيز التمثيلية السياسية للفئات المهمشة.
كما لم تحظَ دعوات حزب التقدم والاشتراكية المتعلقة بتوسيع حالات التنافي، بمنع الجمع بين رئاسة الجماعة والنيابة البرلمانية، بقبول شامل، إذ تقترح الوزارة تنزيل هذا الإجراء فقط في المدن التي يتجاوز عدد سكانها 30 ألف نسمة.
لا “ميثاق شرف”.. والمشبوهون قادمون
في المقابل، فشلت الأحزاب في الاتفاق على توقيع “ميثاق شرف” يمنع ترشيح الفاسدين والمشبوهين المتورطين في نهب المال العام، في موقف يكشف غلبة منطق المقاعد على قيم الشفافية والنزاهة. بل الأدهى أن بعض القيادات الحزبية ــ حسب مصادر مطلعة ــ تستعد لإعادة تزكية نفس الأسماء التي تلاحقها شبهات، فقط لضمان فوز انتخابي مضمون.
لا لوائح سوداء.. ولا نية للتطهير
وعلى عكس ما تم الترويج له، لم تتسلم الأحزاب أي لوائح “سوداء” بأسماء الممنوعين من الترشح، ولم يصدر عن وزارة الداخلية أي توجيه رسمي بمنع أشخاص محددين. الأمر الذي يفتح الباب أمام “الديناصورات الانتخابية” للعودة مجددًا إلى المشهد، رغم تورط بعضها في ملفات فساد ثقيلة.
الواقع يشير إلى أن المؤسسات الحزبية لن تحرم هؤلاء من الترشح، بل على العكس، ستسارع إلى احتضانهم، خوفًا من هجرتهم إلى أحزاب منافسة، وهو ما ينسف كل حديث عن “تنقية” المشهد السياسي أو تحديثه.
برلمان الفساد.. لا يزال قائمًا
وبينما تقترب انتخابات 2026، يظل حلم برلمان نظيف ومعبر عن الإرادة الشعبية بعيد المنال. فالمؤسسة التشريعية ما زالت تعجّ بعدد من النواب المتورطين في قضايا فساد مالي وإداري، بل إن أكثر من 30 نائبًا سابقًا يوجدون حاليًا خلف القضبان.
الأدهى أن المشهد الحزبي لا يبدو معنيًا بإيقاف هذا النزيف، بل يسير نحو إعادة إنتاج الوجوه نفسها التي تورطت سابقًا في المتاجرة بـ”الذهب الأخضر” و”المال الأسود”، ما يجعل من الديمقراطية مجرّد عملية حسابية قائمة على الكراسي، لا على القيم والمبادئ.