حرب بلا نهاية: إسرائيل تقصف والمدنيون يدفعون الثمن

في تصعيد غير مسبوق، شهدت مناطق شمال قطاع غزة ليلة من أكثر الليالي دموية منذ أسابيع، حيث كثّفت القوات الإسرائيلية قصفها الجوي والبري بشكل عنيف، بالتزامن مع صدور أوامر بإخلاء جماعي للسكان، فيما تتجه الأنظار نحو واشنطن حيث تُعقد محادثات سياسية تهدف إلى التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار. السكان المحليون وصفوا الليلة بأنها أشبه بـ"زلزال مستمر"، حيث لم تهدأ أصوات الانفجارات ولا سُحب الدخان، فيما توالت أنباء عن سقوط قتلى وجرحى. وقال صلاح، وهو أب لخمسة أطفال من غزة، إنهم قضوا الليل بين صرخات الأطفال وانهيار المباني: "في الأخبار يتحدثون عن هدنة قريبة، ولكننا لا نرى سوى الموت والدمار".

القوات الإسرائيلية توغلت شرق حي الزيتون في مدينة غزة، وقصفت بالمدفعية والطائرات عدة مواقع، بما فيها أربع مدارس كانت تأوي مئات العائلات النازحة. مصادر طبية أفادت بأن 25 شهيدًا على الأقل سقطوا خلال الساعات الأخيرة، بينهم عشرة في حي الزيتون وحده، بينما لا يزال عدد غير معلوم تحت الأنقاض. الجيش الإسرائيلي لم يصدر أي تعليق فوري، مكتفيًا بتكرار مزاعمه بأن الفصائل الفلسطينية تتعمد الاحتماء بالمدنيين، وهو ما تنفيه تلك الفصائل بشكل قاطع.

وفي الوقت الذي اشتدت فيه نيران المعركة، كان مسؤولون إسرائيليون يتوجهون إلى العاصمة الأمريكية حيث من المنتظر أن يجتمع الوزير رون ديرمر، أحد المقربين من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بمسؤولين في البيت الأبيض للبحث في ثلاث ملفات رئيسية: تطورات الوضع في غزة، الملف النووي الإيراني، وإمكانية تحقيق اختراق دبلوماسي إقليمي. دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي أطلقها الأحد، إلى "إنجاز الصفقة في غزة وإعادة الرهائن"، أضافت زخمًا كبيرًا للمحادثات الجارية، فيما أشارت مصادر دبلوماسية إلى أن واشنطن تضغط بشكل مكثف لإقرار هدنة قبل مزيد من التصعيد.

في المقابل، تؤكد الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حماس، أن أي حديث عن وقف القتال يجب أن يُبنى على انسحاب كامل للاحتلال من قطاع غزة ووقف شامل للعدوان، بينما تصر إسرائيل على ربط نهاية الحرب بـ"تفكيك حماس وتجريدها من سلاحها"، وهي شروط وصفتها الحركة بأنها تعجيزية ومرفوضة. وعلى الرغم من استمرار الوساطة التي تقودها كل من قطر ومصر، لم تُحدد بعد أي جولة جديدة من محادثات التهدئة.

هذه التطورات تأتي بعد مرور قرابة تسعة أشهر على اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر 2023، حين شن مقاتلو حماس هجومًا مفاجئًا داخل إسرائيل أسفر عن مقتل حوالي 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وأسر 251 آخرين، في أكثر يوم دموية في تاريخ الدولة العبرية. وبينما ترتفع أصوات في المجتمع الدولي للمطالبة بوقف فوري للقتال، تتسارع الأحداث على الأرض بوتيرة تنذر بالمزيد من الدماء ما لم يتم التوصل إلى حل سياسي عاجل.