في خطوة تحمل أكثر من رسالة، شرعت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار في إسقاط أولى رؤوس التسيّب الجامعي، بعد أن أذِن الوزير عز الدين الميداوي بفتح مساطر العزل في وجه عدد من كبار مسؤولي الجامعات، على خلفية تقارير تفتيشية وأبحاث إدارية وأمنية كشفت اختلالات مستفحلة في التدبير.
مصادر مطلعة أفادت أن القرار طال عميدي كليتين بارزتين، الأولى تابعة لجامعة ابن زهر بأكادير والثانية لجامعة عبد المالك السعدي بتطوان، في وقت تتجه فيه الأنظار إلى متابعات قد تشمل أسماء إدارية أخرى في هرم التسيير الجامعي.
ولم يكن الإعفاء مجرد تدبير تأديبي، بل إعلان صريح بتحوّل جذري في طريقة التعامل مع ما وصفته مصادر “بلبريس” بـ"منظومة الريع الجامعي"، والتي ظلت لعقود بمنأى عن المراقبة الصارمة رغم الشبهات المتكررة.
وفي حالة أكادير، مثّل سكوت العميد عن ممارسات وصفها موظفون بـ"المخجلة" بمثابة تورط صامت، خاصة في ملف الدبلومات المشكوك في قانونيتها، وهو ما عجّل بفتح تحقيق أمني حول بعض الترشيحات.
أما في تطوان، فقد رُصد غياب غير مبرر للعميد خلال فترة الامتحانات، إلى جانب مخالفات تتعلق بالإجراءات الإدارية، في مشهد يلخص نمطًا متكررًا من غياب المساءلة. ولم يكن استضافة رئيس الحكومة السابق سعد الدين العثماني في نشاط طلابي بدون تنسيق رسمي سوى القطرة التي أفاضت كأس الغضب.
هذا الحراك لم يأت من فراغ، فالوزير الميداوي، الذي واجه البرلمان مؤخرًا بخارطة طريق لإصلاح القطاع، وضع المحاسبة على رأس أولويات الإصلاح، معلنًا عن نية إنشاء مجلس استراتيجي جديد للجامعات مهمته ضبط إيقاع الحكامة وربط الأداء بالشفافية.
كما صادق مجلس الحكومة على مرسوم يعدل الإطار القانوني للتكوين الجامعي، ويفتح الباب أمام تعليم مرن يجمع بين الحضوري وعن بعد، في انسجام مع التجارب الدولية الأكثر نجاعة.