الخبير المهدي فقير لـ 'بلبريس':" ارتفاع نسبة الشيخوخة يهدد استدامة الاقتصاد الوطني ومستقبل الرعاية الاجتماعية"

في ظل الأرقام المقلقة حول التداعيات المحتملة لارتفاع نسبة الشيخوخة في المغرب، وهي الظاهرة التي يتوقع أن تهيمن على الهرم السكاني العالمي بحلول سنة 2050، أكد المهدي فقير الخبير الاقتصادي والأستاذ المحاضر ،  لــ"بلبريس"، أن "مخرجات ونتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى تؤشر بشكل كبير إلى تغييرات جذرية وكبيرة في البنية الديمغرافية والسكانية، وكذلك في البنية المجالية لبلادنا."

وفيما يتعلق بالتحول في البنية الديمغرافية، أوضح الخبير المهدي فقير أن الحديث عن زحف الشيخوخة يؤثر بشكل كبير على الفرصة الديمغرافية ويطرح تساؤلات حول السياسات العامة المتعلقة بالتحضير لهذه المرحلة العمرية المتقدمة، وقال: "إن ارتفاع نسبة الشيخوخة سيؤثر بشكل كبير على الإنتاج العام، وسيطرح مسألة الاستدامة وكذلك أنظمة التحول الاجتماعي، إضافة إلى التأثير على منظومة الرعاية الاجتماعية. كما يثير تساؤلات حول حصيلة المشروع المجتمعي لبلادنا، الذي يعتمد على التكافل والتآزر في مواجهة هذه الضغوط التي تنذر بتغيرات مقلقة وغير محمودة."

وفيما يخص البنية المجالية، تطرق ذات المتحدث إلى تكريس ظاهرة التمدن، بحيث أن ارتفاع نسبة المقيمين في المدن يعوق التنمية القروية ويحد من فرص التنمية المجالية في القرى والبوادي. كما تساءل حول مفهوم التركيز المجالي في وقت أصبحت فيه هذه الظاهرة تؤثر بشكل كبير على فرص التطور، وتؤثر على سيرورة منظومة النمو في عدد من الجهات، خاصة في المناطق التي تعاني من قلة السكن وعدم تركيز الأنشطة الاقتصادية.

وأشار الخبير الاقتصادي المهدي فقير إلى أن ارتفاع نسبة الشيخوخة في المغرب بدأ منذ سنوات دون أن يتم وضع استراتيجية حقيقية للتعامل مع هذه الظاهرة، خاصة وأن الأمر سيصبح أكثر تعقيدًا في السنوات القادمة.

وأوضح أن هذه الظاهرة كلفت دولًا أخرى الكثير، إذ فقدت بسببها مواقعها الريادية في المجال الاقتصادي، محذرًا من أن المغرب سيواجه نفس التحديات في المستقبل في تدبير النمو الديمغرافي.

ونبه المهدي فقير إلى أن ارتفاع نسبة الشيخوخة سيكون له تأثير كبير على الاقتصاد الوطني وقطاع الصحة، مشيرًا إلى أن المسألة تتجاوز الاقتصاد لتصل إلى السياسة العامة للدولة. وأضاف أن هذا التحول سيؤدي إلى انخفاض عدد السكان النشيطين وارتفاع نسبة البطالة، حيث سنواجه مواطنين غير قادرين على العمل بسبب تدهور صحتهم.

تجدر الإشارة إلى أن النتائج التفصيلية لعملية الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024، التي أجريت في شتنبر الماضي، كشفت عن ارتفاع نسبة الشيخوخة في المجتمع، حيث انتقلت نسبة الأشخاص الذين يتجاوزون 60 عامًا من 8٪ في سنة 2004 إلى 9.4٪ في سنة 2014، لتصل إلى 13.8٪ في سنة 2024، أي بمعدل نمو سنوي يقدر بـ 4.6٪، متجاوزة معدل النمو الإجمالي للسكان الذي يبلغ 0.85٪.