سعدون: عكس المتوقع..دعاوى ثبوت الزوجية تحولت إلى أداة لشرعنة الزواج العرفي

من المقرر أن تنتهي اليوم الثلاثاء، رسميا الفترة الانتقالية لتوثيق زواج الفاتحة في المغرب، حسب ما أعلنته وزارة العدل، في انتظار هل ستجدد الوزارة الوصية الفترة مرة أخرى أم لا، سيما وأن الفترات السابقة لم تؤتي أكلها، ولازال الزواج بـ"الفاتحة"، مستشريا في عدد من المناطق.
"بلبريس"، تفتح النقاش حول هذا الملف الذي عمر لسنوات دون أن يجد طريقه إلى الحل، حيث صارت الفترة التي تخصصها الوزارة الوصية من أجل تقنين الزيجات الغير مقننة، لحماية الزوجات والأبناء، فترة للتلاعب بالقانون.
وفي هذا الإطار، أكد أنس سعدون، عضو نادي قضاة المغرب، في حديث مع "بلبريس" على أن المادة 16 من مدونة الأسرة، وُضعت لكي تجعل الأصل في إثبات العلاقة الزوجية هو عقد الزواج المكتوب، وذلك للقضاء على ظاهرة "زواج الفاتحة" الذي كان منتشرا في أنحاء كثيرة من المغرب، مستدركا أن تطبيق هذه المادة أفرز واقعا معاكسا، حيث تحولت إلى أداة لشرعنة "الزواج العرفي"، والتحايل على القانون من خلال تشجيع تعدد الزوجات وتزويج القاصرات، ومحاولة فرض سياسة الأمر الواقع على القضاء، وهكذا تم تجريد الفقرة الأولى من المادة 16 من كل حماية لها، وعرضها لخرق قانوني مستمر، بدليل استمرار زواج الفاتحة على نطاق واسع يعاكس روح الفقرة الأولى التي اعتبرت عقد الزواج الوسيلة المقبولة لإثباته.

وأضاف المتحدث ذاته، أن لغة الأرقام، تبرز بشكل جلي هذه الملاحظة، حيث ارتفعت نسب ثبوت الزوجية بصفة غير منطقية، بل كشفت الأرقام على أن نسبة مهمة من دعاوى ثبوت الزوجية تتعلق بحالات زواج حديثة أبرمت بالمدن، وأحيانا من طرف أشخاص متعلمين.
من جهة أخرى، أبرز سعدون أن وضعية أغلب الأسر المبنية على أساس علاقات زواج غير موثقة (زواج الفاتحة) تتصف عموما بالهشاشة التي تؤثر كثيرا على وضعية المرأة التي تبقى مجردة من أي حماية قانونية، إذ أنه بمجرد حدوث خلاف بسيط بين الزوجين، أو بين عائلتيهما يمكن طرد الزوجة من بيت الزوجية، وتجريدها من كل حقوقها، وهو ما يؤدي إلى تعميق وضعية الهشاشة والتهميش والعنف الذي تتعرض له الزوجات..

ومن الناحية السوسيولوجيّة، أكد عبد الهادي الحلحولي، أستاذ علم الاجتماع، أن ما يميز ظاهرة تزويج القاصرات من الناحية السوسيولوجية هو أنها تشتغل داخل سجلات المجتمع التي هي في الغالب الأعم، متداخلة، وأن فهمها يقتضي تفكيك نفس السجلات التي تتراوح بين سجل الثقافة واللغة والدين والسياسية والاقتصاد.
وأبرز الحلحولي أن مسألة الزواج واستراتيجياته بشكل عام لازالت تشتغل وفقها.

على الرغم من التطور الذي عرفته النصوص القانونية وجدتها؛ مشددا أن الظاهرة لازالت في ارتفاع ، الشيء الذي يطرح السؤال حول مدى تجدر الظاهرة في سجلات الثقافة التي تظل صعبة الذوبان، بل والأكثر من ذلك لم يتوقف الأفراد والجماعات عن إنتاج آليات جديدة، وأكثر مقاومة للنص القانوني حتى يتسنى لهم تحقيق ما يصبون إليه، ألا وهو فعل الزواج من قاصر.
وأضاف المتحدث ذاته، أن خير دليل على هذا القول هي مسألة ثبوت الزوجية التي يوظفها الأفراد للتحايل على المنع الذي يتعرضون إليه عندما يرغبون الزواج من قاصر، بمعنى أن الفرد لا يقف مكثوف الأيدي أمام الواقع الاجتماعي، بل يقاومه بشتى الوسائل.