أثارت التطورات الأخيرة في المشهد السياسي، تحديدًا في جهة سوس ماسة، جدلاً واسعًا بين المتابعين للشأن السياسي في المملكة. فقد فقد حزب التجمع الوطني للأحرار رئاسة جماعة أورير، إحدى أهم الجماعات في إقليم أكادير إداوتنان، بعد تصويت مثير للجدل من قبل أعضاء الحزب وحلفائه في الحكومة لصالح مرشح حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وهو ما قد يتسبب في أزمة في التحالف الحكومي.
وقد أثار هذا التحول المفاجئ انتقادات شديدة من قبل المكاتب الإقليمية لأحزاب التحالف الحكومي، والتي وصفت ما حدث بأنه "أسلوب البلقنة والتمرد الحزبي"، معتبرة إياه "تجريمًا دستوريًا وقانونيًا". وجاء في بلاغ مشترك للأحزاب الثلاثة، وهي التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال، أن تصويت أعضائها لصالح مرشح حزب الاتحاد الاشتراكي يعاكس توجهات الهيئات التقريرية داخل هذه الأحزاب.
وأعربت الأحزاب عن رفضها لما أسمته "البلقنة" و"عدم الانضباط الحزبي" من قبل بعض الأعضاء، مشيرة إلى أنهم استهانوا بثقة الناخبين وخالفوا مبادئ الانتماء السياسي. ووفقًا للمعلومات المتوفرة، كان هناك اتفاق مسبق على منح رئاسة جماعة أورير لحزب التجمع الوطني للأحرار، بدعم من حلفائه في الحكومة، لكن انقلب بعض الأعضاء على هذا الاتفاق.
وفي هذا السياق، أكدت الأحزاب الثلاثة عزمها على اتخاذ الإجراءات القانونية ضد الأعضاء الذين صوتوا لصالح حزب الاتحاد الاشتراكي، والسعي إلى تجريد هؤلاء الأعضاء من عضويتهم، حيث تعتبر أنهم "أساؤوا للواجب السياسي واختاروا تغيير انتمائهم الحزبي".
وقد انتخب أعضاء مجلس جماعة أورير محمد سعيد بوزاري عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية رئيسًا جديدًا للمجلس، حيث حصل على 15 صوتًا، بينما حصلت مرشحة التجمع الوطني للأحرار على 8 أصوات فقط. ويأتي هذا التطور بعد قرار محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش بعزل رئيس جماعة أورير السابق، لحسن المراش، ونائبيه من حزب التجمع الوطني للأحرار أيضًا، بسبب خروقات متعلقة بالتعمير والرخص غير القانونية، وفقًا لتقرير المفتشية العامة لوزارة الداخلية.
وتسلط هذه الأحداث الضوء على الديناميكيات المعقدة للسياسة المغربية، حيث يمكن أن تشهد تحالفات وتغيرات مفاجئة، مما يبرز أهمية الانضباط الحزبي والثقة في العملية الديمقراطية.