في خطوة استفزازية غير مسبوقة للمملكة المغربية جلس بالجزائر ممثلا الجيش المصري والليبي إلى طاولة واحدة مع ممثل جبهة البوليساريو الانفصالية إلى جانب قائد الجيش الجزائري، السعيد شنقريحة، خلال اجتماع ما يسمى بـ”رؤساء أركان قدرة شمال إفريقيا”، من أجل التنسيق لأهداف غير معلنة.
وحضر الاجتماع الفريق أول محمـد علي الحداد، رئيس هيئة الأركان العامة لحكومة الوحدة الوطنية الليبية ومحمـد الولي أعكيك، عن جبهة البوليساريو الانفصالية، واللواء أركان حرب عصام الجمل، مساعد رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، وأحمد أحميدة التاجوري، الأمين التنفيذي لما يسمى قدرة إقليم شمال إفريقيا.
وهذا اللقاء الأول من نوعه الذي يجمع قادة عسكريين من ليبيا ومصر، مع قيادات عسكرية من جبهة البوليساريو، التي تنازع المغرب إقليم الصحراء، علما بأن الجبهة عضو في الاتحاد الأفريقي.
وبالإضافة إلى قائد أركان الجيش الجزائري الفريق أول السعيد شنقريحة، حضر الاجتماع كذلك مساعد رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية اللواء أركان حرب عصام الجمل، ورئيس هيئة الأركان العامة لحكومة الوحدة الوطنية الليبية الفريق أول محمـد علي الحداد، ورئيس أركان جبهة البوليساريو محمد الولي أعكيك.
وقد ناقش الاجتماع عدداً من الملفات المرتبطة بحالة التعاون العسكري وبناء القدرات لجيوش دول المنطقة، وآليات تطوير التعاون بين مكوناتها.
وليد كبير:كيف تقبل مصر وليبيا جلوس ممثل جيشيها مع ممثل حركة انفصالية إرهابية؟
تعليقا على هذه الخطوة الإستفزازية، قال المعارض المعارض الجزائري وليد كبير في تغريدة على التويتر، أنه تم تغييب تونس والمغرب وموريتانيا في هذا الإجتماع، الذي وصفه بالمشبوه.
وأكد أن هذا “اجتماع الـ11 للجنة رؤساء الأركان والاجتماع الـ10 لمجلس وزراء الدفاع للدول الأعضاء في قدرة إقليم شمال افريقيا على مستوى النادي الوطني للجيش الجزائري ببني مسوس”.
وتسائل المعارض الجزائري قائلا “كيف تقبل مصر وليبيا جلوس ممثل جيشيها مع ممثل حركة انفصالية إرهابية؟”.
نبيل الأندلوسي:خطأ أو سوء تصرف دبلوماسي تجاه المملكة المغربية
وعلق نبيل الأندلوسي، رئيس المركز المغاربي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية، قائلا إن الجزائر فشلت في إقناع كل من تونس وموريتانيا بالمشاركة في هذا الاجتماع المنعقد في إطار إحدى آليات الاتحاد الأفريقي وهي “قدرة إقليم شمال إفريقيا” التي تأسست سنة 2005، أي قبل عودة المغرب إلى المنظمة الأفريقية، وتضم هذه الآلية كلا من الجزائر ومصر وليبيا وتونس وموريتانيا وجبهة بوليساريو.
وبينما يرجع مراقبون غياب موريتانيا إلى تحسن علاقتها بالمغرب خلال السنوات الأخيرة، يبدو أن تونس حريصة على عدم إثارة التوتر من جديد مع المغرب بعد الأزمة الدبلوماسية التي نشبت في غشت الماضي إثر استقبال تونس لزعيم جبهة بوليساريو إبراهيم غالي للمشاركة في القمة الأفريقية – اليابانية، خاصة في ظل غياب مؤشرات حقيقية على دعم الجزائر لها في أزمتها الاقتصادية.
وأضاف الأندلوسي في تصريح صحفي أن “الحضور الليبي يمكن فهم أسبابه، خاصة في ظل الأوضاع التي يمر بها الشعب الليبي، والانقسام الداخلي الحاصل، والذي يستغله النظام الجزائري للتأثير على طيف من القيادة العسكرية الليبية”.
لكنه اعتبر أن الحضور المصري يحتاج إلى تحليل وقراءة لفهم الرسالة التي يريد النظام المصري إرسالها إلى المغرب، ولا يمكن الارتهان بالقراءة السطحية على أساس أن الاجتماع قد تم في إطار إحدى منظمات أو آليات الاتحاد الأفريقي، إذ أن اجتماع قياديين عسكريين يمثلون الجيش المصري مع فصيل انفصالي يهدد دولة عضو في جامعة الدول العربية يعد خطأ أو سوء تصرف دبلوماسي تجاه المملكة المغربية.
عباس الوردي:التغطية الإعلامية الكبيرة التي حظيت بها هذه الاجتماعات لا تعدو أن تكون حركة من حركات الجزائر
من جهته، أكد عباس الوردي، أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس، أن “الموقف المصري الرسمي من قضية وحدتنا الترابية موقف واضح سبق أن أكده وزير الخارجية المصري في عديد لقاءاته مع نظيره المغربي ناصر بوريطة، وهو أن القاهرة مع مغربية الصحراء”.
وأفاد الوردي، في تصريح صحفي، بأن “ما يجمع المملكة المغربية وجمهورية مصر العربية أكبر مما يمكن أن يزج بعلاقتهما في إطار جلوس ممثل كيان انفصالي إلى جانب مسؤول عسكري مصري”.
وشدد أستاذ القانون العام على أن التغطية الإعلامية الكبيرة التي حظيت بها هذه الاجتماعات، لا تعدو أن تكون “حركة من حركات الجزائر التي تحاول الزج بمجموعة من الدول التي لها علاقة استراتيجية مع المملكة في النزاع المفتعل حول الصحراء”، مضيفا: “ليست هذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها الجزائر بهذا الفعل، فقد سبق أن فعلت ذلك في عديد المناسبات والاجتماعات، على غرار قمة تيكاد في العام الماضي”.
وخلص المتحدث إلى أن “العالم بات يقف على أن الجزائر تدير حربا بالوكالة ضد المغرب، وعلى أن الدبلوماسية المغربية أصبحت مؤرقة للنظام الحاكم في الجزائر”.
نصر سالم:حضور مصر هذا الاجتماع هو جزء من دورها الأمني في القارة الأفريقية
وقال اللواء نصر سالم، رئيس جهاز الاستطلاع في الجيش المصري سابقا وأستاذ العلوم الإستراتيجية بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، إن “حضور مصر اجتماعا أمنيا رباعيا مع ليبيا والجزائر وجبهة بوليساريو هو جزء من دورها الأمني في القارة الأفريقية بعد أن تسلمت الرئاسة المشتركة لأعمال المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب مع الاتحاد الأوروبي من المغرب”.
وأضاف في تصريح صحفي أن “هناك اتفاقا مصريا مع الاتحاد الأوروبي على أن تكون مكافحة الإرهاب في أفريقيا أولوية أساسية خلال فترة رئاسة القاهرة للمنتدى، وبالتالي لا يحق لمصر بحكم وظيفتها أن تستبعد طرفا من الحوار حول مكافحة الإرهاب لمجرد أنها مختلفة معه سياسيا، أو لا تعترف بشرعيته (في إشارة إلى بوليساريو)، لأنها هنا تتعامل بوضعيتها الدولية والمهمة المكلفة بها في مجال مكافحة الإرهاب في أفريقيا، وتحديدا منطقة الساحل والصحراء التي أصبحت ساحة لاحتضان المتطرفين والتيارات المتشددة، ومنها يمكن أن يمثلوا تهديدا بالغا لشمال القارة”.
وشدد على أن مشاركة مصر في اجتماع أمني بحضور جبهة بوليساريو لا تعني اعترافها بها سياسيا، لكنها تتعامل من منظور دولي على أساس أنها دولة منفتحة على كل من يساعد في حفظ الأمن الإقليمي، لافتا إلى أن هذا الحضور غير موجه إلى طرف ما، بل هو حائط صد لمواجهة الإرهاب القادم من منطقة الساحل، وأن مصر تتحرك أيضا من منطق الحفاظ على الأمن الأفريقي والعربي والمصري، وفي هذه المسألة تتعامل بمرونة مع أي طرف يمكن أن يسهم بأي جهد في تقويض الإرهاب، حتى لو لم تكن له شرعية سياسية
عادل عبد الكافي:الحضور الليبي يأتي في سياق أمني مقلق مرتبط بتطورات الوضع في السودان
وقال عادل عبد الكافي، عقيد ليبي مستشار عسكري سابق للقائد الأعلى للجيش، علق على حضور محمد علي الحداد في هذه الاجتماعات بالقول إنه “يأتي في سياق أمني مقلق مرتبط بتطورات الوضع في السودان وحالة السيولة الأمنية التي تشهدها منطقة الساحل، والتي تشكل خطرا على أمن الدولة الليبية وعلى المنطقة ككل”.
وبالتالي، فالمؤسسة الأمنية الليبية، يضيف عبد الكافي، “تحاول ما أمكن التواجد في مثل هذه اللقاءات بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى”، معتبرا أن “الهدف منها أمني محض، وهو تبادل المعلومات الأمنية والعسكرية مع بعض دول الجوار بشأن المجموعات الإرهابية التي تنشط على الحدود الليبية”.
و أكد المتحدث نفسه أن حالة الضعف التي تمر منها بلاده، في ظل الانقسام السياسي والعسكري بين الشرق والغرب، “لا يمكن أن يكون معها لليبيا أي مواقف تجاه قضايا المنطقة، فهي تسعى، في ظل الإمكانيات المتاحة، للتواجد في مثل هذه المحافل لإيجاد موقع لها في المشهد الأمني، بعيدا عن أي تجاذبات سياسية مرتبطة بقضايا المنطقة”.
وعن موقف المؤسسة العسكرية الليبية من القضية الوطنية، رد عبد الكافي بأن “الليبيين لا يمكن أن ينكروا الدور المهم للمملكة المغربية في احتضان عدة حوارات سياسية ولقاءات للقيادات العسكرية من أجل حلحلة الأزمة الليبية والوصول إلى توافقات تنهي الاقتتال والتطاحن الدائر بينهم”.