خارطة طريق ميراوي للإصلاح البيداغوجي للتعليم العالي بالمغرب

على خطى النموذج التنموي الجديد، ووفقا للإصلاحات الجديدة التي تعتزم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والإبتكار العلمي تنفيذها لإصلاح التعليم العالي والانفتاح على العالم،  تستعد الجامعة المغربية لاحتضان نموذح بيداغوجي جديد، ابتداء من سنة 2023.

نموذج تنموي جديد من المنتظر ان يرحب به البعض وينتقده البعض ، وهذا هو مسار إصلاحات التعليم العالي الذي ما يخرج من إصلاح حتي يدخل في إصلاح آخر ، لكن دون إحداث أي تغيير حقيقي وعميق لنظام التعليم العالي الذي يعد اليوم من أهم الأنظمة التي تضمن استمرارية الدول في ظل نظام دولي جديد يتشكل لا مكان فيه لدول لا تستثمر في منظومة التعليم عموما والتعليم العالي خصوصا.

الإصلاح الذي يراهن عليه اليوم الوزير ميرواي يقوم على ستة دعائم أساسية، يأتي في مقدمتها تكريس التميز الأكاديمي والعلمي،و الإدماج الترابي والتنمية الشاملة، الإدماج الاقتصادي والتنافسية، والإدماج الاجتماعي والاستدامة، وضع قطيعة من الزبونية في التوظيف الجامعي، إخراج نظام أساسي للأساتذة الجامعيين فيه جاذبية لإستقطاب خيرة الأطر العليا من داخل المغرب وخارجه للجامعات.

ويهدف الإصلاح البيداغوجي الجديد الذي قدمه وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار عبد اللطيف ميراوي، يوم الثلاثاء 26 أبريل، إلى إخراج الجامعة المغربية العمومية من أزمتها، سواء في الشق المتعلق بعدم ملاءمة تكوينات الطلاب مع متطلبات سوق الشغل، أو في الجانب المتعلق بالهدر الجامعي، حيث يتوقف 49 في المئة من طلبة سلك الإجازة عن الدراسة دون الحصول على أي شهادة.

نموذج منفتح....بأليات حديثة و أساليب مبتكرة 

النموذج الجديد للجامعة المغربية سيمكن الطلبة من المهارات والمعارف التي تمكنهم من مسايرة التغيرات السوسيو-اقتصادية والتكنولوجية المتسارعة، حيث يهدف النموذج إلى جعل الطلاب في مرحلة الإجازة “مواطنين مسؤولين ومستقلين يتمتعون بالمهارات التقنية واللغوية والسلوكية التي تساعدهم على التكيف مع متغيرات سوق الشغل”.

ويقوم الإصلاح الجديد، على إدخال تعديلات في سلكي الماستر والدكتوراه، حيث سيتم في الأول تشجيع تدريس وحدات معرفية باللغة الإنجليزية، في الوحدتين السابعة والثامنة والتاسعة، على أن يتفرغ الطالب في الوحدة العاشرة لإعداد مشروع بحث التخرج.

كما يتضمن التصور الأولي للإصلاح البيداغوجي، وحدة جديدة سميت بـ”الوحدة الممهننة”، وتهدف إلى تمكين الطلبة من الانفتاح على نشاط اقتصادي معين، مثل التأمين، واللوجستيك، والخدمات المصرفية…، والرفع من فرص الإدماج المهني، وتكوين كفاءات أكثر ملاءمة لمتطلبات سوق الشغل.

وتعزيزا لمشروع الإصلاح، سيتم إحداث منصة رقمية لتقوية قدرات طلبة سلك الإجازة، تهدف إلى تقديم الدعم البيداغوجي لهم من خلال دروس مصممة في التخصصات، ودروس إشهادية في مجال تقوية المهارات عبر الأنترنت، ودروس إشهادية في المهارات الرقمية عبر الأنترنت.

وسيعمل الإصلاح البيداغوجي الجديد، على خلق تكوينات جديدة لاستقطاب الطلبة الذين لم يُفلحوا في ولوج بعض المدارس العليا، مثل المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير (ENCG)، من خلال “جسور بين الأنظمة”، أو “جسور الفرصة الثانية”.

وستتيح هذه الآلية للطلبة الحاصلين على دبلوم الدراسات الجامعية العامة (DEUG)، أو ما يعادله، الولوج، بعد الانتقاء، إلى التكوينات الموازية، مثل العلوم السياسية، والدراسات الاستراتيجية والدبلوماسية، والتنمية المستدامة، والطاقات المتجددة، والتصميم.

فضاء للطالب متنوع...وبمهارات لغوية ورقمية متعددة

 يولي الإصلاح البيداغوجي الجديد أهمية خاصة للجانب اللغوي والرقمي، ذلك أن الطلبة الذين سيسجلون أنفسهم في سلك الإجازة سيخضعون لاختبار لتحديد المستوى اللغوي، واختبار رقمي، ويتعين أن يتوفروا على مهارات القوة والمواطنة (المهارات الدراسية، والمهارات الحياتية، والمهارات المهنية وريادة الأعمال).

ويرتبط حصول الطالب على دبلوم شهادة الإجازة بتطويره للمهارات اللغوية والرقمية التي اختُبر فيها عند التسجيل، حيث يتعين أن يكون لدى الطالب عند التخرج مستوى “B1″ في اللغة الإنجليزية، و”B2” في لغة التدريس، وأن يُتقن برامج التطبيقات المكتبية الأساسية، ومفاهيم الترميز (Codage). وفي الجانب المتعلق بمهارات الحياة والمواطنة، أن يتوفر على مهارات التواصل، والمواطنة.

وفي سلك الماستر، يُشترط نيل الطالب للدبلوم ببلوغ المستوى “C1″ في اللغة الإنجليزية، و”C2” في لغة التدريس، وأن يحصل على إشهاد في المهارات الرقمية يتضمن مقدمة في التسويق عبر الأنترنت، ومقدمة في الأمن السيبراني. وفي الشق المتعلق بمهارات القوة والمواطنة، أن يتملّك مهارات في التعامل مع الضغط، وتقنيات الصياغة، والإبداع، والإشراف والعمل الجمعوي.

أما الدكتوراه، فينقسم التكوين (3 سنوات) إلى تكوين علمي، وتكوين اختياري في الهندسة البيداغوجية، بهدف تكوين “جيل جديد من الطلبة والأساتذة الباحثين وفق معايير دولية وملتزمين بالاستجابة للأولويات الوطنية”.

وتسعى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار إلى مواءمة الإصلاح البيداغوجي الجديد مع أهداف النموذج التنموي الجديد، حيث يروم المشروع الإصلاحي تعزيز الإدماج المهني للخريجين، وذلك من خلال انفتاح الجامعة على المحيط الاقتصادي، وتعزيز قدرات الطلبة لجعلهم يتمتعون بحس الابتكار والمبادرة المقاولاتية.

ويتضمن التصور الأولي للإصلاح البيداغوجي، وحدة جديدة سميت بـ”الوحدة الممهننة”، وتهدف إلى تمكين الطلبة من الانفتاح على نشاط اقتصادي معين، مثل التأمين، واللوجستيك، والخدمات المصرفية…، والرفع من فرص الإدماج المهني، وتكوين كفاءات أكثر ملاءمة لمتطلبات سوق الشغل.

ولهذا الغرض، سيتم إحداث منصة رقمية لتقوية قدرات طلبة سلك الإجازة، تهدف إلى تقديم الدعم البيداغوجي لهم من خلال دروس مصممة في التخصصات، ودروس إشهادية في مجال تقوية المهارات عبر الأنترنت، ودروس إشهادية في المهارات الرقمية عبر الأنترنت.

ويتواصل تكوين الطلبة في الشق المتعلق بتنمية حس الابتكار والمبادرة المقاولاتية، في سلكي الماستر والدكتوراه، في مجال ريادة الأعمال، والابتكار، والمسؤولية الاجتماعية والبيئية، والذكاء الصناعي، والابتكار البيداغوجي…

مغرب الثقافات والحضارات....محور الإصلاح البيداغوجي

ويولي الإصلاح البيداغوجي الجديد أهمية للجانب المتعلق ببناء قدرات الطلبة لتملّك “حس وطني”، والعيش المشترك، حيث سيتم تدريس مجموعة من الوحدات في مجال التاريخ، والثقافة، والمواطنة والحسّ المدني.

وتهم وحدات التاريخ، تاريخ المغرب، والمؤسسات المغربية، وتاريخ العلاقات الدولية للمغرب، والمغرب في قلب حوار الثقافات، بينما سيدرس الطلبة في وحدات المواطنة والحس الإنساني، ثقافة السلامة واللاعنف والوئام، والمواطنة الرقمية والأمن السيبرياني، والمسؤولية الاجتماعية والبيئية.

وتتضمن وحدات الثقافة، التراث الموسيقي المغربي، والتراث المعماري المغربي، والتراث غير المادي، والفن المعاصر، والتصميم.

وقال عبد اللطيف ميراوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، إن الشباب المغربي يجب أن يكون معتزا بالتراث الموسيقي المغرب، “وليس عيبا أن يكون الطالب المغربي بعد حصوله على شهادة الإجازة لديه تصور حول التراث الموسيقي المغربي”.

نهايةالزبونية والسياسوية في توظيفات أساتذة الجامعات

من القضايا التي يشتغل عليها ميراوي مسطرة توظيف الأساتذة الجامعيين وطريقة إجتياز مباريات الإلتحاق بسلك التدريس بمؤسسات التعليم العالي، التي يقال جولها الكثير بالنسبة لشفافيتها ولمصداقيتها، وخضوعها لمنطق“الزبونية والمحسوبية” .

لذلك عملت وزارة التعليم العالي و البحث العلمي والابتكار على وضع  إجراءات ومساطر جديدة وصارمة وتفعيلها لإعادة الثقة في الجامعة المغربية ،و إنصاف  الكفاءات الجامعية التي تستحق ولوج التدريس والبحث بالجامعات .

ولضمان مبدأ تكافؤ الفرص، تم وضع سلسلة من الإجراءات والمساطر، من أهمها وضع إطار هيكلي بمعايير صارمة لتوظيف أساتذة الجامعات، إحداث لجان التوظيف مع اعتماد شبكة موحدة لتنقيط ملفات المترشحين، وتحديد معايير وشروط لكل مترشح.

نظام أساسي جديد للأساتذة الباحثين أكثر جاذبية

وحسب تصريحات الوزير ميراوي فإن هذه الهيكلة الجديدة لا تخص معايير وشروط التوظيف بالجامعات ، بل ستشمل مشروع النظام الأساسي المرتقب للأساتذة الباحثين، الذي سيضع معايير وشروط  ستضبط مسار التدرج والترقي المهني على أساس معايير الجودة والتميز العلمي، لتصبح مهنة الأستاذ أكثر جاذبية وتحفيزا على الفعالية من أجل استقطاب أحسن الكفاءات، بما في ذلك كفاءات مغاربة العالم

وحسب الوزير ، فتعديل النظام الخاص بالأساتذة الباحثين وتحسين وضعيتهم الاعتبارية والمادية، يندرج ضمن أولويات الوزارة وذلك من خلال إرساء إطار قانوني محفز يرتكز على ثقافة الأداء والمردودية، مشددا على أن الوزارة “تتفهم انتظارات هذه الفئة من الأساتذة وتعتبرها مشروعة وتشيد، دائما، بمجهوداتهم المتواصلة والحثيثة، من أجل الإرتقاء بجودة منظومة التعليم العالي”.

بصفة عامة، هذه أهم مرتكزات خارطة طريق الوزير ميراوي لإصلاح التعليم العالي ، خريطة تبقى مجرد مشروع  يتطلب انجاح على الأقل أربع دعائم: أولا- ارادة سياسية حقيقية ومقاومة كل أشكال جيوب المقاومة.ثانيا٠ توفير الموارد المالية اللازمة لأن لكل إصلاح كلفة.ثالثا-الرهان على موارد بشرية من مديرين مركزيين ورؤساء جامعات وعمداء وأساتذة مؤهلين ومقتنعين بإصلاح وتأهيل الجامعة المغربية، رابعا -توفير السياق السليم لأجرأة هذا الإصلاح الاستراتيجي.