بعد التحية الأخوية،
هي رسالة في الإطار العام من النقاش، وليست بالمطلق نوع من الرد، أو حتى رد فعل كما قد يتوهم البعض، وليست أيضا بدرس للتلقين كما قد يوحى لك بذلك من يحترفون صناعة الهوة في العلاقات الإنسانية.
رسالة المبتغى منها ، بالأساس ، الوقوف عند عدد من الملاحظات الهادفة إلى وضع الحوار ، المفترض، حول الحزب و واقعه في قالب من الاختلاف الصحي في المواقف و الافكار.
لا أخفيك سرا ، أن حوارك الأخير مع جريدة إلكترونية ، و ما تضمنه من معطيات و مواقف و أحكام ، حفزني لكتابة هذه الرسالة ، خصوصا و قد كان العبد الضعيف موضوع سؤال عن الاقصاء و التغييب الذي يطال عددا من أبناء الحزب ، حتى لا أقول أطره كما جاء في السؤال، لأن الاتحاديين في انتمائهم و حقوقهم متساوون كما أومن بذلك، و كما عملت دائما على الدفاع عن ذلك.
طيب إذن ، فلتكون البداية مما وصفته بتقابل الارادتين فيما يتعلق بالموقع في المكتب السياسي أو المجلس الوطني و فعل التعيين المرتبط بذلك ، و الذي لا أتفق معه مطلقا و أعتبره سرطانا إجرائيا مسخ هوية الاتحاد و أفقده مشروعية الحديث أو الدفاع عن الديمقراطية. فقد كانت هناك بالفعل رسائل بمثابة جس للنبض ، و هو أمر أعتبره إيجابيا في جوهره ، و كان الرد من قبلي واضحا من حيث رفض الانخراط في مسار لا أتفق معه مطلقا ، بل وأعتبره خطيئة كبرى ، سواء في صورة الولاية الثالثة و الرابعة ، أو واقع الحزب الذي أصبح مقيدا بقواعد مزاجية أكثر منها قانونية أو تنظيمية عاكسة لقيمه و تاريخه.
لا يتعلق الامر ، أخي الكاتب الاول ، و لاحظ معي أنني أخاطبك بصفتك تلك ، بمسألة العرض و الطلب ، و لا بعودة أخوات و إخوة إلى تحمل المسؤولية من داخل الأجهزة الحزبية بعد سنوات من القطيعة ، و لا بالتوافق المزعوم داخل الحزب و الدينامية و الانبعاث و إعادة البناء و غير ذلك من الشعارات التي تظل حبرا على ورق سهل التآكل، و لكن بحقيقة كون الديمقراطية صارت هي الحلقة المفقودة في الاتحاد ، و في غيابها و فقدانها طفت عدد من الأعطاب و الامراض التي مست الجسد الحزبي ، و دفعت بالكثيرين ، و نسبتهم جد مهمة ، إلى الابتعاد و تفضيل عدم المساهمة في مسخ حزب القوات الشعبية .
عندما غابت الديمقراطية ، أو تم وأدها حتى يصح القول و الوصف، أصبحت أبواب الحزب مشرعة أمام العبث ، و تحطمت قوانينه على جدران الحسابات الشخصية طيلة سنوات ، و سمح للفاسدين بالترشح باسمه ، و باتت الانتقالات الشتوية و الصيفية لصيقة به ، و أصبح البعض يربط انتقاله للحزب بشرط العضوية في مكتبه السياسي، و في ظل كل ذلك لم يعد الاتحاد اتحادا . غابت المواقف، المبادرات ، البدائل، و ضعفت المدرسة في قدرتها و قوتها التأطيرية ، و لم يعد للحزب صدى داخل المجتمع ، لم تعد المصداقية و الصورة كما كانت، و لم يعد الأمل فيه قائما إلا من زاوية النقاش المرتبط بضرورة ذهابكم ليسترجع الحزب أنفاسه و أبنائه.
قاس الحكم الأخير؟ ربما هو كذلك ، لكنه يحتمل قراءات متعددة ، إذ لا يرتبط بالضرورة بالشخص ، و لكن، و هذا ما أراه شخصيا ، يرتبط بشكل جوهري بالسلوك و الخطاب، بالمسار و الاختيار ، و بوهم البناء بمعاول الهدم و من موقع المسؤولية. فهل ، و في إطار العرض و الطلب هذه المرة ، و تقابل و توافق الارادات ، يمكنكم الاقرار بأن ثمة أخطاء كثيرة صاحبت تدبيركم للحزب من موقعكم ككاتب أول ؟ بأن واقعه اليوم يعكس أزمة حقيقية في بنائه التنظيمي ؟ و بأن الاستفراد بالقرار أفرغ الاتحاد من حركيته الفكرية و قوته الاقتراحية و تفاعله المسؤول مع قضايا الوطن و المواطن ؟ و بأنّ المزاجية أصبحت عنوانا بارزا في حياته الداخلية؟ ثم هل أضيف أمور أخرى أعتبرها غير مساعدة على البناء؟
هي رسالة من أجل العمل على فتح نقاش حقيقي حول وضع الاتحاد اليوم و إمكانات إخراجه من نفق أدخل فيه قسرا بسبب الكثير من أبنائه ، موجهة لكم و من خلالكم لكل الاتحاديات و الاتحاديين ، و إن كنتم معنيين أكثر بها. أرسلها لكم رغم أن الكثيرين سيتساءلون باستنكار : لمن توجه رسالتك يا شقران!!!! و مع ذلك أبعثها لكم بأمل، و لعل أسرع جواب عليها ، قبل أن تسارع جوقة المصالح إياها بالرد بالسب و القذف، أن تعطي لمن يعنيه الامر الاذن بنشر لائحة أعضاء المجلس الوطني للحزب، و نشر القانون الاساسي و النظام الداخلي كإشارة أو رسالة بنفس منطق العرض و الطلب، مع العودة الهادئة لأرضية ترشحكم لمهمة الكتابة الاولى للحزب في مؤتمره الوطني التاسع و قراءة ما يجب بكثير من الحكمة و الرغبة في البناء.
ذ شقران أمام
مناضل اتحادي
رئيس الفريق الاشتراكي وعضو المكتب ا
لسياسي سابقا.