الجامعي… هل ينجح مشروع وزير العدل داخل مؤسسات الصقور؟

يترقب المهنيون والسياسيون عرض مشروع مراجعة قانون المسطرة الجنائية أمام مجلس الحكومة يوم الخميس 21 مارس. ويعتبر المحامي عبد الرحيم الجامعي هذا المشروع فرصة لإنهاء أكثر من عشر سنوات من الانتظار والمراجعات المتكررة التي لم تجد طريقها إلى التنفيذ الفعلي.

وقد جاء تعليق الأستاذ عبد الرحيم الجامعي على مشروع المسطرة الجنائية، في مقال مفصل تحت عنون “خيارات مشروع المسطرة الجنائية.. هل ينجح مشروع وزير العدل داخل مؤسسات الصقور؟”.

ويشير الجامعي إلى أن مشاريع سابقة للمسطرة الجنائية فشلت بسبب ضعفها، وتناقض مضامينها، وخلط الاعتبارات الأمنية بالحقوقية، وتأثرها بالحسابات السياسية والإيديولوجية. ويؤكد أن المشروع الجديد يجب أن ينطلق من قاعدة أساسية: المسطرة الجنائية هي سلاح للأمن الاجتماعي وليست عصا قمع بيد الدولة.

أول المستجدات الكبرى هي تعزيز قرينة البراءة وحماية الحق في الحياة. وينص المشروع على منع الاعتقال الاحتياطي قبل صدور الحكم النهائي، خصوصاً للنساء والأطفال واليافعين دون 21 سنة، مع تسجيل جميع إجراءات الاستنطاق وإتاحة مشاهدتها أمام المحكمة، وإلغاء عقوبة الإعدام وتقليص الحد الأعلى للعقوبة إلى 25 سنة.

ثانياً، يركز المشروع على حماية الحرية عبر إعادة تنظيم الحراسة النظرية. ويمنع أي حراسة دون إذن مكتوب مسبق من النيابة العامة، ويقصر مددها في الجنح إلى 24 ساعة وفي الجنايات إلى 48 ساعة، ويضع قيوداً على ربط الإفراج المؤقت بموافقة النيابة أو سحب القرار بعد منحه.

ثالثاً، مراجعة فلسفة الاعتقال الاحتياطي هي أولوية. ويشدد الجامعي على ضرورة تحديد الأسباب بدقة ومنع أي تأويل، مع تقليص مدته أمام قاضي التحقيق: أسبوع في الجنح وشهر في الجنايات، وجعل القرار قابل للطعن، ووضع الاعتقال في إطار فلسفة حمائية بعيدة عن التخويف والعقاب قبل الحكم.

رابعاً، تقوية الحق في الدفاع تمثل محوراً أساسياً. وينص المشروع على إلزامية حضور المحامي منذ بداية الحراسة النظرية، وحقه في المرافعة أمام جميع المحاكم، مع توفير مترجم محلف عند الحاجة، وإتاحة الاطلاع على ملف التحقيق ورفع آجال الطعون لضمان المساواة بين الأطراف.

خامساً، المساواة بين أطراف الدعوى تشكل ضرورة دستورية. ويؤكد المشروع تمكين المتهم من نسخة من ملف التحقيق، وضمان تساوي آجال الطعون مع النيابة العامة، ومكافحة أي امتيازات غير مبررة لبعض الموظفين أو الجهات في المسطرة.

في الختام، يشدد المحامي عبد الرحيم الجامعي على أن محاربة الجريمة يجب أن تسير جنباً إلى جنب مع احترام حقوق الإنسان والمقومات الأساسية للمحاكمة العادلة. وأي إغفال لهذه المبادئ يُعد تقصيراً جماعياً من جميع الجهات المعنية في بناء منظومة عدالة جنائية قوية وعادلة يستحقها الوطن والمواطنون.

الرباط: 21 مارس 2024

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *