السياسة والسياسي وعالم السياسية : بداية ونهاية

السياسية ممارسة للديمقراطية عبر بوابة البنية التمثيلية التي تكرس لتوجه الأنظمة الدولية المقارنة لنهج منظام دولة الحق والقانون، غير أن الاختلاف المفاهيمي لجملة من الباراديغمات لينم عن لازمة عنوانها ضرورة التحديد المفاهيمي والتطبيقي للنظريات السياسية المرتبطة اولا بالدساتير الدولية من جهة وكذلك بالوسائل البنيوية والنخب القادرة على صناعة الفارق فيما يتعلق بمنسوب العمل السياسي وذلك في أفق بلوغ أهدافه الاستراتيجية والتي يشكل تدبير قضايا الشأن العام أولوية أولوياته.

إن مطارحة هذه المعادلة الثلاثية الابعاد والتي تنطلق من السياسة الى السياسي ثم الى عالم السياسة ليس من قبيل الصدفة بل القصد من الاختيار حاضر وذلك في اتساق تام مع التحولات المحورية التي تعرفها الخريطة السياسية الدولية والداخلية للدول والتي اصبحت تسائل ماهية صمود الايدولوجيات الحزبية والسياسية لعصر الذكاء الاصطناعي والرقمنة وما والاها من معالم الحداثة اللامتناهية والتي اصبحت ترخي بظلالها على مجريات الحصاد السياسي للاحزاب السياسية ومن بين الامثلة التي نسوقها في هذا الباب ماعرفته الانتخابات الرئاسية الامريكية
الاخيرة من متغيرات جذرية قادها زعيم تيسلا والتكنلوجيا الى جانب الرئيس الامريكي الحالي دونالد ترامب إيلون ماسك

واقع تغيرت فيه المعادلة السياسية الامريكية وخاصة بين الولايات القارة والمتأرجحة هذين الاسين اللذين خرجا عن المألوف وساهما في فوز فوق العادة وبنتيجة ساحقة للرئيس الامريكي دونالد ترامب ، اضف الى ذلك التدبدب السياسي في كل من فرنسا وبريطانيا وسلة عريضة من دول العالم العربي التي ومنذ اطلالة ما يسمى بالربيع العربي وهي تعيش على وقع المفاجئات السياسية وعلى أساس ذلك فمن يؤثر في الاخر في ظل هذا الوضع السياسي الدولي المتأرجح هل السياسة كمصدر للعمل السياسي ام النخب السياسي كفاعلين سياسين أم عالم السياسية ؟
حبكة نعم حبكة معقدة في ظل زمن الطفرة التكنولوجية وريادة العالم الازرق ، واقع لا يمكننا تجاهله في تدبير هذه المعادلة السياسية ذات الصبغة الثلاثية الابعاد ، وهو مايدفعنا لمطارحة نقطتين مركزيتين في هذا السياق ، ويتعلق الامر ب :

المرتكز الاول : وهو اديولوجي صرف هل سيصمد ام لا في ظل هذا التسونامي المعلوماتي ذي السرعة المتواترة،

– المرتكز الثاني : ويرتبط بصفة خاصة بالبرنامج السياسي للنخب السياسية المنتمين للعالم السياسي بشقيه التقليدي او حديث العهد باقتحام منبر الحداثة وعالم العولمة التكنولوجية

أسان مركزيان واعتبارا من كنهيهما التراكمي والمستقبلي ينمان في طياتهما وباسقاطهما على النموذج السياسي المغربي بصفة خاصة على ان هناك تياران يسيران بسرعتين مختلفتين ، أحدهما تراكمي يحاول جاهدا عدم التنصل من اديولوجيته ومحاولة اقحامها بحذر في عالم المتغيرات المعاصرة ويتعلق الامر بالاحزاب الاولى بالمملكة المغربية وثانيهما يسير بسرعة متنامية وفي اطار بنية واحدة عنوانها العصرنة ، فمن يسير ياترى من هذين الطيفين على خطى تابثة نحو تولي زمام الامر والتدبير المباشر لقضايا الشأن العام ونحن على مقربة من تنظيم الاستحقاقات التشريعية لسنة 2026 ؟.

إن الجواب على هذه الاشكالية يراوح مكانه بين الثابت والمتحول ، نعم معادلة رياضية تواكبها لغة الالكوريتم الرياضي المعلومياتي ، نعم انها البرمجة السياسية التي اصبحت تشكل نقطة فارقة في تقييم العلاقة بين السياسية والسياسي عبر بوابة العالم السياسي ، هذا الاخير الذي لم يعد يؤمن بالحدود المرتبطة بجدران الاحزاب السياسية وانما اصبح يتجاوزها من خلال منظومة المنصات الرقمية السياسية التي اصبحت تنهل مقوماتها المركزية في شقيها الحاضر والمستقبل فيما يصطلح على تسميته بالماركوتينك السياسي التكنلوجي التينك تانكي اقنع ام لم يقنع؟.
نعم ، واقع سياسي صعب المنال بفعل تقلباته اللامتناهية في الزمكان هذه الاخيرة التي تساهم في رفع الوعي التكنلوجي والممارسة

الالكترونية الى اعلى درجات وهو ما نستشفه من خلال ارتفاع مؤشر التفاعل الرقمي المواطن ، هذا الاخير الذي اصبح يتحدث من وراء الشاشة ويشبك علاقاته مع غيره في توجه اقل ما نقول بشأنه على ان العالم الافتراضي قد اصبح معادلة صعبة من اللازم التفاعل معها وبصورة انية من لدن الاحزاب السياسة المغربية وذلك في توجه تستطيع من خلاله رسم خطى النجاح السياسي للمنظومة الحزبية ، وهذا لايصدق معه قول البعض الذي يدعوا الى التنحي عن الايدولوجيات السياسية بل على العكس من ذلك فالتاريخ السياسي مقترن بفلسفة سياسية يدرس ثناياها علم السياسية ، نعم علم والعلم لا يعارض التجديد والحداثة وفي نفس الان لا يطمر التاريخ ويسطو عليه .

ان ضمان اتساق ولحمة هذه المعادلة الثلاثية لا يمكن ان يستقيم من وجهة نظرنا الا من خلال الانفتاح الحزبي السياسي المغربي على العالم الافتراضي وضمه الى الممارسة الحزبية وعدم التعامل معه على اساس الوافد الجديد وانما على مرتكز المواكب في افق التحديث والتغيير المحافظ على الهوية الوطنية والاديولرجيات الحزبية هذه الاخيرة التي من المعول عليها صناعة الفارق ولنا في النقد الذاتي للزعيم علال الفاسي خير معين في مواكبة الاصالة بالحداثة .

 الدكتور العباس الوردي استاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط و المدير العام للمجلة الافريقية للسياسات

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *