فاطمة البركيبي
السياسة فن الممكن..قول مأثور ولكن السياسة فكر حركي يتطلب نوعا من الحركة وقدرة كبيرة من المناورة ومن الصدق ... ليس فقط خطابا دوغمائيا يبتغي المصلحة.. بل يخدم مصلحة وفئات عريضة من المواطنين الذين يلتحقون بالأحزاب بغية تغيير نمط من السياسات السائدة والوجوه التي عمرت ردحا طويلا من الزمن... أو عائلات تتقلد مناصب في الهيئات السياسية كمنصب للوراثة... عبد الصمد أعرشان خلف والده على رأس حزب الحركة الشعبية الديمقراطية وامحند العنصر منذ سنة 1986 و هو أمين عام و وزير و يستعمل نفس الخطاب المستهلك و اليوم هو يخطط ليعود على رأس حزب السنبلة..و نبيل بن عبد الله الذي عاد من جديد على رأس حزب الكتاب.. و ابن كيران الذي تربع ولايتين على رأس الحزب ولا يزال يريد البقاء لولا تصدي إخوانه له بالمرصاد وحتى النفس الأخير.. أما زعماء الأحزاب الصغرى فهم معمرون... في أحزاب ذات نفوذ صغير لا تحصل على مقاعد بالبرلمان لكنها بالمقابل تتهافت على دعم وزارة الداخلية في الانتخابات و تستفيد بمئات الملايين و هي وجوه تتكرر و تظهر فقط كلما تم استدعاءهم لأداء مهمة مستعجلة... هذه فقط نماذج من نماذج أخرى.. تحفظها سجلات التاريخ الحزبي بالمغرب. كل هاته التكتلات و التجمعات السياسية و الأعداد الهائلة السائرة في الانتشار والمتناسلة و ذات البعد التكاثري مثل السكن الصفيحي لم نجد لها حلا سوى تواجدها غير المجدي في الساحة السياسية المغربية و تنتظر من وزارة الداخلية الضوء الأخضر لتخرج بيانا حول القضية الوطنية و تعود لسباتها من جديد.
والسؤال الأكيد أي دينامية للفعل السياسي مع هذه الوجوه التي أصبحت تصيب المغاربة بالغثيان يحفظون كلامهم وصورهم وحركاتهم ومنوراتهم في كل المحطات حتى أضحى النظر إلى الوجوه يبعث على الكثير من عدم الرضى... لا دينامية مع هؤلاء الساسة لأنهم يحافظون على مصالحهم ولايهمهم تجديد الخطاب السياسي ولايهمهم تجديد آليات العمل الحزبي ولا يهمهم أن تتدفق دماء شابة في هذه الأحزاب ويؤلفون القصص في كل مرحلة انتخابية بفكرة تشبيب الحزب والانفتاح على الطاقات الشابة حتى وهن العظم...
أي دينامية للفعل السياسي ولقدرة الأحزاب التي تعتريها أقنعة هؤلاء الساسة وهم يمارسون فعل الوصاية وفعل التوريث وفعل كسب مزيد من الوقت لصالح أحزاب وهنة ومقرات لا تشتغل سوى في المواسم الانتخابية.
هؤلاء الساسة لا يكتبون مقالات.. ولايتواصلون.. ولايكتبون مذكراتهم همهم فقط أن يصلوا إلى البرلمان على نعش أحزاب تموت يوما بعد يوم.. هؤلاء الساسة ومن شابههم من عائلاتهم السياسية وخطابهم المتكرر بنفس ايقاع التخوين وبنفس تجزئ الحزب وتقويض أركانه والدفع به إلى مهاوي الضياع والانقسامات هم المسؤولون عما وصلت له الخطاب السياسي من شعبوية قاتلة ومن وجوه بأقنعة تلبسها في كل ترحال سياسي.
لاسياسة مع هؤلاء الساسة سوى في قبر الأفكار الجديدة والتواصلية مع فئات عريضة من الشعب المغربي الذي أصبح يبحث بفضل وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الاخبارية ووفرة المعلومات وتداولها عمن يتواصل معه بأفكار جديدة ويفتح له باب الحوار والانصات له وتجاوز النظرة الضيقة للأشياء بل ومنحه فرصة التسيير وتمكين الشباب من الانخراط في الاحزاب المغربية ليس بأهداف سياسوية بل لانضاج أفكار تخدم مدنا وقرى وتشيع فكرة التطوع وأن العمل السياسي ليس فقط انتخابيا حصريا بل هو فعل للتفكير في مشاكل المجتمع من منطلقات مختلفة همهما الأول هو خدمة المواطن... لاتستقيم الحياة السياسية في المغرب مع طائفة المعمرين الذين عمروا طويلا وأشاعوا الخراب في الفعل السياسي حتى تحول لفعل للنفور...