بروفيلات وزراء حكومة اخنوش ... مرآة لشكل الحكومة المرتقبة

بلبريس

يتنظر الراي العام تشكيلة حكومة رئيس الحكومة المكلف عزيز أخنوش التي تتشكل في ظل صمت رهيب ، وكأنها سر من اسرار الدولة  في حين انها شأن عام من حق الشعب المغربي ان يعرف عنها كل شيء .وحسب ما يتداول، فهناك ازمة نخب وازمة بروفيلات  حيث تواجه الاحزاب مشاكل في توفرها على بروفيلات للاستوزار تكون في مستوى تحديات المغرب السياسية والاقتصادية و الاجتماعية والدبلوماسية الراهنة.

الراي العام ينتظر من رئيس الحكومة المكلف فرض معايير صارمة على الاحزاب في اقتراح مرشحيها للاستوزرار، وهو اول اختبار لاخنوش الذي ليس امامه الا خيار واحد هو تشكيل حكومة مصغرة بوزراء اقوياء ينجزون اكثر مما يتكلمون. وبالمناسية فالمغاربة لن ينسوا قط الخدعة الكبيرة لما سمي بـ "حكومة الكفاءات'' في عهد رئيس الحكومة السابق العثماني والتي تحولت لحكومة وزراء "الرداءة" باستثناء البعض.

رئيس الحكومة امامه تحديات كبرى، خصوصا وعوده الانتخابية الساحرة، لذى فهو بحاجة الى وزراء يتميزون بالكفاءة والنجاعة والفعالية والمردودية، وهي مبادئ لا ترتبط بمعايير السن او العمر، بل ترتبط بالتجارب وبالمسارات وبالقناعات، والا كيف نفهم تواجد رؤساء شيوخ على اقوى الدول بالعالم وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية، نموذج ترامب وبايدن الخ...

وعلى هذا الاساس يجب ان لا يسقط اخنوش في فخ مفاهيم خاطئة وخادعة ونسبية وهي النخب الشابة، بل يجب ان يختار وزارءه وفق ما في مضامين الخطابات الملكية التي تحدثت عن الشروط التي يجب توفرها في اختيار المسؤولين لتدبير الشأن العام خصوصا منهم الوزراء والوزراء المنتدبين للحكومة المرتقبة، وهي كالتالي:

– أن يتم اختبار الوزراء على أسس الكفاءات المؤهلة لتنزيل الجيل الجديد من الاصلاحات. ويجب أن نزن كثيرا مفهوم “كفاءات” ''compétences .

فالكفاءات التي يتحدث عنها جلالة الملك هي التي عليها:" أن تدرك ومنذ اللحظة الأولى أن من بين مسؤولياتها التاريخية، إعمال النموذج التنموي، الذي ينتظر تحويله إلى استراتيجيات شاملة، تحقق الطفرة الكفيلة بتحويل المغرب إلى قوة حقيقية في محيطها الجيوسياسي، إلى جانب تعزيز المسار التنموي والمؤسساتي". انها كفاءات بمهام تاريخية لتحويل المغرب لقوة حقيقية في محيطها الجيوسياسي، وليس بكفاءات هواة في" التدبير والحكامة وتحمل المسؤولية والسياسة''.

–كفاءات ذات طاقات وقدرات ومؤهلة للتخطيط وللتنفيذ لتحويل النموذج التنموي الجديد إلى استراتيجيات شاملة لكونه مشروعا استراتيجيا للتنمية المستدامة والعدالة المجالية .

- كفاءات متشبعة بقيم وبثقافة مجتمعات المعرفة والاعلام والاقتصاد المعرفي، ومدركة لتحديات الثورة التكنولوجية والرقمية .

- كفاءات مواطنة مدركة لتحديات مغرب القرن 21  الذي تغيرت فيه عدة مفاهيم وقيم وتصورات، في ظل تشكل نظام دولي جديد مبني على الاقتصاد المعرفي والتواصل الرقمي والمؤسساتي، لا مكان فيه للدول الضعيفة والامية .

- كفاءات قادرة على الانجاز والفعل واتخاذ القرار منذ التنصيب البرلماني والمصادقة على البرنامج الحكومي الذي سيقدمه رئيس الحكومة، وليس كفاءات هواة لا تدرك قيمة الحكامة الزمانية .

-ضرورة قيام رئيس الحكومة المعين بالقطيعة مع المناهج التقليدية السابقة التي اعتمدها الوزراء الاولون او رؤساء الحكومات السابقة التي اعاقت التنمية بالبلاد عبر اختيار الوزراء من محيط الرئيس او الزعيم او من المقربين او المقربات ، او من حاشيته المحيطة على حساب الكفاءات الحقيقية، واقصاء الكفاءات المزعجة للزعيم او الرئيس .

وعليه، هناك شبه اجماع  اليوم 30حول كفاءة رئيس الحكومة المعين عزيز اخنوش  وصدقه وجديته ورغبته في العمل الجاد ، لكن المشكل يكمن في محيطه وفي كيفية اختيار فريقه الحكومي سواء تعلق الامر بوزراء حزب التجمع الوطني للأحرار، او بوزراء حزب الاصالة والمعاصرة ،او بوزراء  الاستقلال، لذى عليه ان يكون صارما في اختيار الاحسن والافضل من البروفيلات من الاحزاب الثلاث وفق معايير (les     critères) صارمة ، مستحضرا دعوة صاحب الجلالة في اخر خطاباته قائلا: ‘إن الانتخابات ليست غاية في حد ذاتها، وإنما هي وسيلة لإقامة مؤسسات ذات مصداقية٬  تخدم مصالح المواطنين، وتدافع عن قضايا الوطن".

مضيفا جلالته: ''لأننا نؤمن بأن الدولة تكون قوية بمؤسساتها، وبوحدة وتلاحم مكوناتها الوطنية. وهذا هو سلاحنا للدفاع عن البلاد، في وقت الشدة والأزمات والتهديدات''.

لقد صدق جلالة الملك، المغرب مستهدف في خياره الديمقراطي وفي نموذجه التنموي، وفي سياسة ورؤية ملكه المتزنة والاستراتيجية والتي جعلت من المغرب دولة صاعدة اقليميا تتموقع بخطى ثابتة في نظام دولي جديد لا مكان فيه لدولة ضعيفة بمؤسساتها.

لذا نقول ،ستواجه حكومة اخنوش المرتقبة عدة نحديات صعبة لكنها ليست بالمستحلبة اذا توفق اخنوش في اختبار وزراء من طراز عالي يكونون في مستوى تطلعات الشعب المغربي الذي اوصل اخنوش للسطة وعاقب بقساوة حزب رئيس الحكومة العثماني.