في مساء السبت 26 نونبر 2022، وأنا أتابع مباراة المنتخب الارجنتيني ونظيره المكسيكي، بالتعليق والتفاعل والتحليل المباشر على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بجريدة بلبريس، لمحت تدوينة على جدار "الفايسبوك"، بينما كنت في طريقي لصفحة الجريدة، تدوينة إستوقفتني، وفصلتني عن المباراة التي كانت في دقائقها الاخيرة، وكانت نتيجتها مبتسمة لرفقاء ميسي بهدفين دون رد، فتحولت من التعليق على المباراة، إلى التعليق على تدوينة "ماكرون فرنسا وهو يتغزل بقطر مونديال العرب فيفا 2022". وقلت حينها جملة عفوية "شكرا قطر، لأنك أجبرت دولا عظمى على تقدير مجهوداتك العظيمة، واحترام هويتك، التي هي هويتنا المقدسة".
في التدوينة هناك ثلاث فقرات، يقول في الأولى "في عالمٍ يواجه سلسلة من الأزمات، من واجبنا الحفاظ على الروح الرياضية كونها مساحة لتقارب الشعوب حول القيم العالمية"، ويضيف في الثانية "تُقام بطولة كأس العالم في كرة القدم للمرة الأولى في المنطقة العربية، وتشهد على تغيّراتٍ ملموسة. وقد بذلت دولة قطر جهوداً مميّزة لإنجاح الحدث وتستمرّ في ذلك، ويمكنها الاعتماد على دعمنا" لحدود اللحظة فالأمور على ما يرام، والدعم الفرنسي لقطر و "إن جاء متأخرا"، فهو دعم يؤكد أن قطر نجحت في فرض أسلوبها ومنطقها في التنظيم.
في الفقرة الثالثة حاول ماكرون "المبدع في فنون التواصل السياسي"(من باب الافتراض والله أعلم) أن يدس السم في العسل، عندما كتب "لون العالم يرقص فرحاً بعد كلّ هدفٍ تحرزونه." وأضاف، "لذا، فلنرقص فرحاً سوياً! ومرّة أخرى" هيّا أيّها الزرق! "، هنا جاز لنا أن نطرح السؤال على ماكرون، ولنتخيل أعزائي القراء، اننا نجلس أمامه في جلسة مسائية في قصر الاليزيه، نحتسي فنجان قهوة دمشقي عربي، أوكأس شاي مغربي، ماذا تقصد" السيد الرئيس ماكرون "ب" لون العالم يرقص فرح "، وقد يجيب، لا، لا، أنا لا أقصد تلك الالوان الغريية التي ترفضها القوانين البشرية الطبيعية وثقافتكم المقدسة، بل أقصد" لون كرة القدم، لون الرياضة، لون الروح الرياضية، لا، أبدا، انا لا أحاول دس السم في العسل مثلما اعتقد البعض، ومنهم "كاتب هذا المقال"، انا لا أحاول مزج السياسة بالرياضة، وتمرير الخطاب السياسي "والرأي الاوروبي" في بعض القضايا عبر الخطاب الرياضي"المسيس".
انتهى جواب ماكرون المفترض، وانتهيت في تحليل هذه التدوينة إلى نفس الفكرة التي قلتها في البداية، لو حاول ماكرون دس السم في العسل، فكلامه مردود عليه، ولا تهمنا مختلف التاويلات التي لن تحترم هويتنا، وإن كان يتغزل بقطر ويقدر مجهوداتها، فذلك انتصار من بين انتصارات أخرى نحققها في هذه الايام بفضل مجهودات قطر في تنظيم المونديال.
أن تأتي متأخرا خيرا من أن لا تأتي، تدوينة كهاته، يجب أن ندونها بحبر من الفخر والاعتزاز كعرب وكمختلف الثقافات والديانات المتواجدة في المنطقة التي تعيش وتتعايش مع العرب، أمازيغ واندلسيين، يهودا ونصارى ومسلمين، نعم نختلف في الكثير من الاشياء، لكن المبادئ الإنسانية تجمعنا، وقطر استطاعت ان توحدنا وتسمع كلمتنا رغما عن انف الحاقدين والمتربصين والمتلاعبين بالخطابات والكلمات، فشكرا لقطر، ولتحيى هويتنا الأصيلة دائما وأبدا.
ما رأيكم في هذا الدرس من دروس مونديال قطر فيفا 2022؟