حافيظي يكتب...خدعوك فقالوا باجيو قتل ايطاليا

صادف اليوم الذكرى 17 لاعتزال الاسطورة الايطالية Roberto Baggio، هذا اللاعب الذي يحظى باجماع جماهير كل الفرق بايطاليا و هذا قلما نراه في بلد المتناقضات "الفن و المافيا".
لن أتحدث عن مساره مع الاندية و سأكتفي بتناول قصة الضربة الترجيحية الشهيرة التي ضيعها ضد البرازيل والتبعات التي لحقتها، والتي غيرت وضعيته من بطل الى لاعب منبوذ اقترن اسمه للابد بتلك الفاجعة الكروية، حتى ذهب البعض الى وصفه بأنه "الرجل الذي مات واقفا" و عقب النهائي الشهير كتب احد المتطرفين على جدران الفاتيكان الجملة التي انتشرت في وقت لاحق في كل أرجاء العالم " سيغفر الرب للجميع الا باجيو"، وقيل ايضا بأن العبارة المكتوبة و الحملة الممنهجة ضد اللاعب جاءت نتيجة اعتناقه للديانة البوذية ما دفع الفاتيكان الى تحين و اقتناص الفرصة للنيل منه،وتم وصفه أيضا من قبل بعض المتشددين الكاثوليك ب"القديس المارق".

لعنة الضربة الترجيحية لازالت تلاحق باجيو حتى الان، بل عكرت عليه نومه حيث صرح مرارا بأن كوابيس نهائي كاليفورنيا لازمته لعدة سنوات.
ان المتتبع لمسار منتخب الازوري في نهائيات كأس العالم 94 يعي جيدا بأن لولا باجيو لما وصل الطاليان للنهائي، فالمنتخب الايطالي عانى خلال الدور الاول حين اكتفى بتحقيق 4 نقط فقط من خسارة و فوز و تعادل، و تأهل كأحسن ثالث بفارق الأهداف عن النرويج في مشهد جد غريب حيث عرفت مجموعة ايطاليا حصول الفرق الاربعة على نفس العدد من النقط و المتمثل في 4 !! في وضعية استثنائية لم تتكرر في اي مونديال لحدود الساعة.

شهد الدور الثاني توهج باجيو بتسجيله لخمسة أهداف في الأدوار الاقصائية ،فقد انقذ ايطاليا من الخسارة في دور الثمن على يد واحد من أبرز المرشحين لنيل لقب البطولة المنتخب النيجيري حين تمكن الساحر من ادراك التعادل لايطاليا في اخر انفاس المباراة ، قبل ان يعود مجددا ليسجل هدف التأهل في الاشواط الاضافية من علامة الجزاء واضعا بذلك حدا لطموح نسور نيجيريا.
مساهماته التهديفية لم تقف عند هذا الحد بل قرر حمل منتخب الزرق الى المربع الذهبي بعد تسجيله لهدف الفوز على اسبانيا في اخر لحظات المقابلة التي جمعتهما في ربع النهائي.
تمادى ابن كالدونيا و أصر على مواصلة الحلم المونديالي و نجح في الاطاحة بالحصان الاسود للمسابقة المنتخب البلغاري الذي كان يضم في صفوفه لاعب البارسا ستويشكوف و لاعب هامبورج ليتشكوف، ثنائية باجيو كانت كفيلة بمنح تأشيرة النهائي للازوري و ارسال بلغاريا للعب مباراة الترتيب ضد السويد.
اصطدمت ايطاليا في النهائي بالبرازيل المرشح الابرز لنيل اللقب بعد الاداء المبهر الذي بصم عليه طيلة البطولة، بالاضافة لجودة لاعبيه فالسيليساو كان يضم في صفوفه الثنائي الاسطوري روماريو و بيبيتو و القائد دونغا و مازينهو و الجدار ماورو سيلفا و الحارس تافاريل...
غلب على المقابلة طابع التحفظ و صنفت كأضعف نهائي على مستوى المردود نظرا لانتهاء أشواطها على وقع البياض ثم لانها كانت أول نهائي مونديالي يلجأ فيه الفريقان لضربات الترجيح.
خسرت ايطاليا اللقب بعد تضييع باجيو للضربة الخامسة، لكن ما يجب الانتباه اليه، هو اهدار كل من ماسارو و القائد باريزي لركلتين قبل تضييع باجيو للثالثة، لكن تم تكريس تلك الصورة النمطية في اذهان العامة بأن باجيو هو الذي جنى على ايطاليا لوحده و حملوه وزر الاخفاق في تناسي تام وتنكر لدوره المركزي و المحوري في صعود ايطاليا للنهائي بعد احتمالية خروجها من الدور الاول، لكن كما يقول اخواننا المصريين باجيو " حاسبوه لوحده عالمشاريب" و "شال الليلة لوحده".

 

بقلم...حسن حافيظي