يوم الجالية..هل تسد الرقمنة الفجوة بين الخطاب وتحديات الواقع؟

يشكل اليوم الوطني للجالية المغربية المقيمة بالخارج الذي يخلده المغرب اليوم الأحد 10 غشت تحت شعار ورش الرقمنة تعزيز لخدمات القرب الموجهة لمغاربة العالم محطة سنوية لتأكيد الارتباط الوثيق بين المملكة وأبنائها في المهجر والاعتراف بدورهم الحيوي كسفراء للوطن ومساهمين أساسيين في اقتصاده.

لكن وراء هذا الاحتفاء تبرز إكراهات حقيقية طالما شكلت تحديا لأكثر من خمسة ملايين مغربي تتصدرها التعقيدات الإدارية في القنصليات وصعوبة الولوج إلى المعلومة المتعلقة بفرص الاستثمار فضلا عن التحدي الأكبر المتمثل في الحفاظ على الهوية الوطنية واللغة العربية لدى الأجيال الشابة التي نشأت في بيئات ثقافية مختلفة.

ورغم هذه التحديات شهدت السنوات الأخيرة تحقيق إنجازات ملموسة حيث سعت الدولة إلى الانتقال من مرحلة التشخيص إلى مرحلة الفعل.

فعلى الصعيد الإداري بدأت بوادر التحول الرقمي تظهر عبر إطلاق خدمات قنصلية إلكترونية وتكثيف عمل القنصليات المتنقلة للوصول إلى المواطنين في المناطق النائية.

استثماريا تم إحداث صناديق دعم ومواكبة خاصة وتخصيص شبابيك موحدة في المراكز الجهوية للاستثمار لتوجيه حاملي المشاريع من مغاربة العالم كما تعمل مؤسسات متخصصة على تكثيف البرامج الثقافية والتعليمية الموجهة للشباب لترسيخ ارتباطهم بوطنهم الأم.

ولتعزيز هذه المكتسبات وتجاوز العقبات المتبقية يمكن للحكومة أن تستفيد بشكل استراتيجي من الرقمنة لتكون الجسر الدائم الذي يربط الجالية بالوطن على جميع المستويات.

مقاربة أحادية لواقع متعدد الأوجه

في هذا السياق يؤكد الباحث في شؤون الهجرة خالد مونة في تصريح لجريدة بلبريس، أن هناك جاليات متعددة من أجيال مختلفة وبمتطلبات مختلفة أيضا مشيرا إلى أن المقاربة الرسمية ما زالت قائمة على أساس واحد هو تجانس هذه الفئات بدون النظر إلى اختلاف الأجيال التي تشكل هذه الفئة من المغاربة.

ويضيف مونة أن محدودية الرؤية على المستوى السوسيولوجي تعيق عملية التواصل بين مختلف الفئات العمرية خصوصا التي نشأت وترعرعت في المجتمعات الغربية مؤكدا أن المقاربة تبقى موسمية مبنية على أساس عودة الجالية في فصل الصيف وأن هناك نوعا من التفاوت بين الخطاب والعمل الملموس.

ويوضح الباحث أن مغاربة العالم في تواصل مستمر مع المغرب بلد الأصل مشيرا إلى أن الرقمنة ساهمت في هذا التواصل بحيث يعمل العديد من مغاربة الجيل الجديد في تقديم المغرب والدفاع عن قضاياه عبر وسائل التواصل الاجتماعي لكنه ينبه إلى أنه من حيث الإدارة هناك بطبيعة الحال تقدم ملموس إلا أن الإشكال ليس في الرقمنة بل في الموارد البشرية والعقليات السائدة ضاربا مثالا على ذلك بقوله حينما يتواصل المواطن المغربي أكان مقيما بالمغرب أو بالخارج مع الإدارة عبر الإنترنت لا يتوصل بأي جواب.

من الموسمية إلى التفاعل الدائم

هذه التحديات وفق الباحث ذاته،  تتطلب إعادة النظر في الاستراتيجية الحالية والانتقال من المقاربة الموسمية إلى رؤية شاملة تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل جيل وتستثمر الإمكانيات الرقمية لبناء علاقة دائمة ومتجددة مع أبناء المغرب في العالم، فالأمر يستدعي ثورة حقيقية في طرق التفكير والتعامل مع هذه الشريحة الحيوية من المجتمع المغربي التي تحمل في طياتها إمكانيات هائلة للتنمية والتطوير إذا ما تم استثمارها بالشكل الأمثل عبر آليات عصرية تتماشى مع متطلبات العصر الرقمي وتحقق التواصل الفعال والمستدام مع الوطن الأم.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *