مع اقتراب عيد الفطر المبارك، تحلّ الفرحة ضيفةً خجولة على بيوت مغربية كثيرة، فرحة تخبو أمام نار الأسعار المشتعلة التي طالت كل شيء، بدءًا بالمواد الغذائية الأساسية وصولًا إلى ملابس العيد التي لطالما كانت رمزًا للبهجة والتجديد.
هذا العام، أصبح شراء كسوة العيد للأطفال والكبار مهمة شاقة ومؤرقة، تفوق القدرة الشرائية للعديد من الأسر، خاصةً في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المغرب.
جولة بسيطة في بعض أسواق العاصمة الاقتصادية، تكشف حجم المعاناة. الأسر تتوافد على المحلات، لكن سرعان ما يصطدمون بواقع الأسعار الملتهبة، حيث يرتفع سعر القطعة الواحدة بشكل صاروخي.
"في السابق، كنت أشتري ملابس العيد لأطفالي بمبلغ لا يتجاوز 700 ، أما الآن فلا يكفي حتى لطفل واحد" تقول سيدة وام لثلاثة أطفال، بمرارة تعكس حال الكثيرين.
الأمر لا يقتصر على المحلات التجارية الكبرى، فحتى محلات الجملة والأسواق الشعبية لم تسلم من موجة الغلاء، ما اضطر العديد من الأسر لتأجيل شراء بعض الحاجيات أو البحث عن بدائل أرخص.
و مؤخرا تم الكشف عن التفاوت الصارخ في أسعار منتجات علامات تجارية معروفة بين المغرب ودول أخرى. تبين أن بعض المنتجات تباع في المغرب بأسعار تفوق نظيرتها في دول أخرى بنسبة كبيرة، هذا الاكتشاف أثار سخط المستهلكين المغاربة، الذين يرون فيه استغلالًا غير مبرر للسوق المحلية.
الأمر يزداد تعقيدًا مع كون شركات معروفة هي المسؤولة عن استيراد وتوزيع هذه المنتجات في المغرب، ما يطرح تساؤلات مشروعة حول تضارب المصالح واستغلال النفوذ لتحقيق مكاسب شخصية.
في ظل هذا الارتفاع الجنوني في الأسعار، تجد الأسر المغربية نفسها مضطرة للبحث عن بدائل.
الملابس المستعملة والأسواق الشعبية والباعة الجائلون أصبحوا ملاذًا للكثيرين، حيث الأولوية هي توفير ملابس جديدة للأطفال لإدخال الفرحة على قلوبهم، بغض النظر عن جودة أو مصدر هذه الملابس.
وبدأ ارتفاع الاسعار في العام الماضي وليس وليد اليوم، وتضاعف هذه السنة بسبب المضاربين وارتفاع اسعار المواد الاساسية ، فيما سلع اخرى لم يتغير سعرها بسبب الاقبال غير الكبير عليها .
حتى الملابس التقليدية التي غالبا ما كانت تقبل عليها الاسر صغيرها وكبيرها لم تزدهر هذا العام كما السابق ، الناس اثقلتهم الاسعار فلم يعودوا يفكرون في خيارات أكثر ، يقول يوسف صاحب محل لبيع الملابس التقليدية.
المنتجات المستوردة، التي كانت تعتبر بديلًا مناسبًا بجودتها وأسعارها المعقولة، لم تسلم من القيود المفروضة على الاستيراد، ما يثير الشكوك حول وجود تدخلات لحماية مصالح الشركات المحلية على حساب المستهلك. على الرغم من معاناة المستهلكين، يبرر بعض التجار ارتفاع الأسعار بارتفاع تكاليف الإنتاج والتوريد.
لكن يبقى السؤال: هل هذا التبرير كاف لتبرير هذا الارتفاع المهول في الأسعار؟ وهل يتم استغلال الظروف الاقتصادية لتحقيق أرباح طائلة على حساب فرحة العيد للأسر المغربية؟