ارتفاع أسعار الأضاحي .. الجفاف و"الشناقة" والحكومة في دائرة المسؤولية
مع اقتراب حلول المناسبات الدينية، تزداد مخاوف المواطنين من استغلال بعض التجار والسماسرة لهذه المناسبات لرفع أسعار الأضاحي بشكل مبالغ فيه، ففي عيد الأضحى على سبيل المثال، يزداد الطلب على الأضاحي، مما يُشجع بعض السماسرة على استغلال هذا الطلب لرفع الأسعار بشكل غير مبرر.
وعلى خلاف السنوات الماضية، يأتي عيد الأضحى في هذه السنة مُحملا بتداعيات الجفاف الذي يضرب المغرب -للعام السادس على التوالي- بظلاله على قطاع المواشي، وهو ما يؤثر على أسعار أضاحي العيد في المملكة، وهو ما استساغه البعض من التجار و"الشناقة" لتبرير رفعهم من أسعار الأضاحي إلى مستويات غير معقولة.
ورغم أن العرض يفوق الطلب بالقطاع وفق وزير الفلاحة محمد صديقي، الذي أكد أن معروض المواشي يصل إلى 7.8 ملايين رأس، مقابل 6 ملايين طلب، فضلا عن تخصيص الحكومة دعما لمستوردي الأغنام، إلأ أن الأسواق الكبرى المخصصة للأضاحي بمختلف المدن تشهد غلاء غير مسبوق للمواشي، حيث تجاوزت المتوسطة منها بالأساس بـ3500 درهم فما فوق، وهو مبلغ قد لا يكون في مستوى دخل بعض الأسر، خصوصا منها الفقيرة وذات الدخل المحدودة، حسب ما عاينت جريدة "بلبريس" في بعض الأسواق خلال الأسبوع الماضي.
ومن جهتهم يشكو "الكسابة" من غلاء الأعلاف والمحروقات التي ساهمت هي الأخرى في ارتفاع تكلفة النقل، مما جعلهم أمام حل الرفع من سومة البيع هذه السنة على حد تعبيرهم، وغالبتيهم يتحدر من مناطق خنيفرة وتاونات وأزيلال، وقرى بمناطق دكالة وأربعاء الغرب.
برلمانيون يحملون المسؤولية للجفاف وتدعيات كورونا
أرجع عدد من البرلمانيين، ارتفاع أسعار المواشي مع اقتراب عيد الأضحى، إلى الجفاف والحروب الدولية وتداعيات كوفيد 19، متناسين أن استمرار تفسير ارتفاع الأسعار بالسياق الدولي لم يعد مقنعا، لأن القدرة الشرائية للمستهلك المغربي انهارت بشكل كبير،
عبد العزيز لشهب، رئيس لجنة القطاعات الانتاجية بمجلس النواب، قال في تصريحات إعلامية، أنه بطلب من عدد من الفرق والمجموعة النيابية، حضور محمد صديقي، وزير الفلاحة، إلى اللجنة واستمع لطلبات الفرق حول مواضيع أساسية تشغل بال الرأي العام الوطني، وأولها الاستعدادات التي اتخذتها الحكومة بمناسبة عيد الأضحى وكذا إجراءات الحكومة لمواجهة آثار الجفاف.
ويعرف المغرب جفافا عنيفا، حسب وزير الفلاحة، الذي يؤكد على حدوث صدمات مناخية سريعة، حيث لا تسمح الأنظمة الحالية بالتنبؤ بها، مؤكدا أن الجفاف هذه السنة مختلف عما كان عليه منذ سنوات، حيث إن ذلك أدى إلى تقليص مساحة الأراضي التي تتيح الكلأ الطبيعي.
وتؤكد المندوبية السامية للتخطيط الحكومية، على تأثر جهد إعادة تكوين القطيع، بعد التراجع الملحوظ الذي سجله خلال الثلاث سنوات الماضية، بسبب التدهور الذي عرفته المراعي والنقص الشديد في هطول الأمطار خلال الخمسة أشهر الأولى من الموسم.
استيراد الأغنام
لجأت الحكومة لمواجهة هذه الظروف لبرنامج دعم مربي الماشية للسنة الثالثة على التوالي للتخفيف من آثار الجفاف عبر مواصلة دعم الأعلاف وتوريد الماشية.
وقال صديقي "نظرا لاستمرار الجفاف لجأت الحكومة لفتح باب الاستيراد بصفة مؤقتة واستثنائية، لزيادة المعروض والمساهمة في الحفاظ على القطيع الوطني واستقرار الأثمان".
وعن الإجراءات التي تسهل عملية استيراد الأغنام، تحدث صديقي عن "إعفاء استيراد الأغنام من الرسوم الجمركية والضريبية على القيمة المضافة، ومنح دعم لاستيراد الأغنام الموجهة للأضاحي بـ500 درهم للرأس بين 15 مارس و15 يونيو"، مضيفا أن "الاستيراد بلغ حتى الآن 220 ألف رأس، في انتظار أن يصل حجم الاستيراد إلى 250 ألف رأس خلال اليومين القادمين، وصولا إلى 600 ألف رأس بحلول عشية عيد الأضحى".
وفي المقابل، انتقدت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية بمجلس النواب، تحويل الحكومة لاستيراد الأغنام إلى إجراء سنوي، معتبرة أن الاصل هو أن يظل استثنائيا، لمعالجة إشكالات معينة تتعلق بتوفير أضاحي العيد.
وطالب عضو المجموعة، عبد الصمد حيكر، وزير الفلاحة والصيد البحري، محمد صديقي، بالكشف عن لائحة المستوردين، وعدد المسجلين وعدد المستفيدين الفعليين من الدعم، وتوزيع هذه الرؤوس على كل مستورد.
وأوضح حيكر، الذي كان يتحدث في اجتماع لجنة القطاعات الانتاجية، المنعقد يوم الأربعاء 5 يونيو الجاري، والمخصص لمناقشة عدد من المواضيع بحضور وزير الفلاحة والصيد والبحري، أن الدعم البالغ 500 درهم عن كل رأس غنم، استفاد منه المستوردون المغاربة، وحتى المنتجون من خارج المغرب، مشيرا إلى أن الاسعار قبل رمضان كانت في حدود 4 أورو للكيلوغرام، وعندما تقرر الدعم، ارتفع الثمن إلى 5 أورو، وبالتالي فإن جزءً من خيرات البلاد يستفيد منها المنتجون الأجانب، في حين أن الدعم كان يجب أن يوجه للفلاحين والكسابة المغاربة، حسب تعبيره.
عضوة المجموعة سلوى البردعي، أكدت هي الأخرى في الاجتماع ذاته، أن الحكومة تستورد وتعفي من الضريبة وتخصص الدعم المالي، غير أن الأثمنة في الأسواق مرتفعة جدا، وليست في استطاعة المغاربة الذي يعانون من التضخم، مستغربة كيف أن المغرب يستورد الأغنام من بلد جار يعاني أيضا من الجفاف، لكن الأسعار لديه غير مرتفعة، مطالبة بحماية المواطن من “الشناقة” والمضاربين.
وأظهر استطلاع للرأي أجراه “المركز المغربي للمواطنة” انقسامًا بين المغاربة حول الاحتفال بعيد الأضحى هذا العام، حيث عبّر 48% منهم عن رغبتهم في عدم الاحتفال، بينما أبدى 44% منهم رغبتهم في ذلك.
ويعكس هذا الانقسام الصعوبات الاقتصادية التي يعيشها الكثير من المغاربة، حيث يرى 57% من المشاركين في الاستطلاع أن إلغاء العيد هذا العام سيخفف عنهم ضغطًا كبيرًا.
وتشير نتائج الاستطلاع إلى أن ارتفاع أسعار الأضاحي يُشكل هاجسًا كبيرًا للمغاربة، حيث يتوقع 85% منهم أن تكون الأسعار هذا العام مرتفعة مقارنة بالعام الماضي.
ويُرجع 64% من المشاركين ارتفاع الأسعار إلى اهتمام الحكومة بمصالح الكسابة ومربي الماشية على حساب المواطن، بينما يرى 82% منهم أن الحكومة كان عليها تقديم دعم مالي مباشر للأسر المعوزة لاقتناء الأضحية بدلاً من دعم مستوردي الأغنام.
وتُظهر نتائج الاستطلاع أيضًا أن العامل الديني هو الدافع الرئيسي لالتزام 82% من المشاركين بعيد الأضحى، بينما يرى 12% منهم أن دافعهم اجتماعي.
وعلى الرغم من الانقسام حول الاحتفال، إلا أن 75% من المشاركين يعتبرون عيد الأضحى أهم مناسبة لتعزيز الروابط العائلية بين المغاربة.