الخشاني: إلغاء دروس العربية بمورسيا خطوة عنصرية وخطاب جحود

قررت سلطات إقليم مورسيا الإسباني إلغاء برنامج تعليم اللغة العربية والثقافة المغربية (PLACM)، في خطوة وُصفت بالانتكاسة في مسار إدماج أبناء الجالية المغربية والمهاجرين عمومًا داخل المنظومة التعليمية الإسبانية، وجاء هذا القرار تحت ضغط حزب “فوكس” اليميني المتشدّد، والذي أعاد النقاش حول صعود الخطابات الإقصائية في بعض الأقاليم الإسبانية، على الرغم من الخطاب الرسمي الصادر عن الحكومة المركزية في مدريد، الداعي إلى تعزيز قيم التعايش والاندماج.

في هذا السياق، اعتبر الدكتور محمد الخشاني، الخبير في قضايا الهجرة، أن “سلطات مورسيا معروفة بميلها إلى الخطاب المتطرف الذي يتجلى في سياسات تنبذ الآخر وتعكس نزعات عنصرية وإسلاموفوبيا”.

وأضاف الخشاني، في تصريح خص به “بلبريس”، أن “المفارقة الصارخة تكمن في أن هذا التوجه يتناقض مع الخطاب الرسمي لرئيس الحكومة بيدرو سانشيز، الذي أكد في خطابه الأخير أن مستقبل إسبانيا بين خيارين: إما التعايش مع المهاجرين للحفاظ على الازدهار والنمو، أو الانغلاق ونبذهم بما يعنيه ذلك من تهديد للفقر والتراجع”.

وأشار المتحدث إلى أن إقليم مورسيا “كان من أفقر المناطق الإسبانية، غير أن المهاجرين، وخاصة المغاربة ومهاجري جنوب الصحراء، ساهموا بشكل مباشر في تحويله إلى منطقة مزدهرة ومصدّر رئيسي للمنتجات الفلاحية نحو الاتحاد الأوروبي”، وبرأيه، فإن “التنكر لهذه الحقيقة يعكس جحودًا سياسيًا واجتماعيًا من قبل السلطات المحلية التي تخدم أجندات يمينية متطرفة”.

وفي تحليله لخلفيات القرار، اعتبر الخشاني أن صعود حزب فوكس “ما هو إلا امتداد للحزب الشعبي الذي أنجب خطابًا يمينيًا متشددًا”، موضحًا أن “هذه الأحزاب تتحرك وفق مواقف غير عقلانية شبيهة بتلك التي تُغذّي النزعات الإقصائية في أماكن أخرى مثل إسرائيل، حيث يُغيب العقل ويُستبدل بالتحريض والعداء”.

وشدد الخبير في قضايا الهجرة على أن الهجرة ليست خيارًا ظرفيًا بل “ضرورة اقتصادية وديمغرافية واجتماعية لإسبانيا وأوروبا ككل”، مضيفًا أن “المستقبل لن يكون ممكنًا من دون المهاجرين”، لكنه نبه في المقابل إلى أن “خلق هذا المستقبل يتطلب توفير ظروف التعايش وضمان حقوق المهاجرين، بدل المضي في مبادرات عنصرية لا تُنتج إلا التوتر والانقسام داخل المجتمع”.

ويذكر أن المغرب وإسبانيا كانا قد أطلقا برنامج تعليم اللغة العربية والثقافة المغربية (PLACM) منذ سبعينيات القرن الماضي، في إطار اتفاقية ثنائية، وطبّقته السلطات التعليمية في إحدى عشرة جهة إسبانية لفائدة أبناء الجالية المغربية والطلبة الإسبان الراغبين في التعرف على العربية والثقافة المغربية.
ودمجت مؤسسات تعليمية هذا البرنامج داخل جداولها الدراسية الرسمية، فيما اعتمدت أخرى صيغته الاختيارية خارج ساعات الدراسة، ولعب البرنامج على مدى عقود دورًا حاسمًا في صون الهوية الثقافية واللغوية لأبناء المهاجرين، ورسّخ قيم التعايش والاحترام المتبادل داخل المدارس الإسبانية.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *