غير منطقي وغير مفهوم.. جامعة محمد الخامس بدون رئيس معين لأكثر من سنتين
حسب جل المهتمين بمنظومة التعليم العالي، تعيش جامعة محمد الخامس وضعا غير عادي وغير مفهوم ومقلق بسبب التأخر في تعيين رئيس جديد بعد انقضاء اكثر من سنتين، وهي مدة زمنية تكاد تعادل نصف ولاية رؤساء الجامعات، والغريب في الأمر أن يتم هذا التأخير في ظل الإصلاح الجامعي.
بل ،الأخطر من ذلك أن الكل يعلم أن عدم تعيين رئيسا للجامعة وفق المساطر المعمول بها يطرح إشكاليات حقيقية على مستويات التدبير والحكامة، لأن عدم تعيين الرئيس يرهن مشاريع تطوير الجامعة وكل المؤسسات التابعة لها، ويوقف كل ديناميكيتها وطموحاتها في تحقيق ذاتها، الأمر الذي يحتم على الجامعة وكل المؤسسات التابعة لها الدخول في حالة شرود وانتظارية قاتلة ومدمرة بالنسبة لمواردها البشرية والإدارية.
صحيح أن هناك جهودا جبارة تبذل من طرف رئيس الجامعة بالنيابة، لكن صلاحياته تبقى محدودة في كل ما يتعلق بمواجهة الإشكاليات القائمة أو الطارئة لتأمين استمرار المرفق الجامعي إداريا وأكاديميا.
صلاحيات محدودة بالنسبة للاستثمار والتجهيز والمشاريع الكبرى المبرمجة على المدى المتوسط أو البعيد، لكون المدة الزمنية التي يخولها له النص القانوني لا تتعدى ثلاثة أشهر مع إمكانية تجديدها عند الاقتضاء في حالات استثنائية.
واليوم، بالنسبة لجامعة محمد الخامس، فقد مضى أكثر من 21 شهرًا على تدبيرها برئيس بالنيابة في ظروف صعبة، وإلى حد اليوم، فإن تعيين رئيس للجامعة ما زال بدون أجل معلن أو ظهور مؤشرات مباشرة أو غير مباشرة عن قرب تعيينه، فالانتظارية القاتلة والإشاعات المغرضة هي السائدة في الموضوع.
هذا الوضع غير العادي أصبح مزعجًا ومقلقًا للجميع، ويثير الكثير من الغضب والاستياء داخل أوساط الجامعة وحتى من خارجها، خاصة وأن الأمر يتعلق بأقدم جامعة مغربية، مما أثر سلبًا على المؤسسات التابعة لها، حيث إنها تُدار بعمداء ونواب عمداء ومديرين بالنيابة.
هذه الوضعية أثرت على 8 مؤسسات جامعية أخرى تابعة للجامعة والتي يتم تسييرها أيضًا بالنيابة، في غياب تعيين شخصيات لها مشروع للنهوض بالتعليم في الجامعة، وتشير مصادر إلى أن هذه الوضعية جعلت الجامعة تضيع ما يناهز 120 منصبًا ماليًا خلال سنتين لم يتم تدبيرها بسبب الفراغ على مستوى الرئاسة، كما ضاعت أموال استثمارات على الجامعة تقدر بحوالي 86 مليون درهم.
وبعد التعديل الحكومي وتعيين الميداوي وزيرًا للتعليم العالي، يسود ترقب في أوساط الجامعة لطريقة تعامل الوزير الجديد مع قرار اللجنة العلمية التي عينها وزير التعليم العالي السابق، والذي أحاله على رئيس الحكومة.
هل سيلتزم بقرار لجنة ميراوي؟ هل سيتم تعيين المرشح الأول الذي انتقته لجنة شهر يونيو؟ هل سيعين لجنة جديدة؟ هل سيفتح مباراة جديدة للترشح لرئاسة جامعة محمد الخامس؟ هل سيتوافق مع رأي الحكومة حول شخصية للخروج من هذا المأزق؟ ومتى سيتم تعيين رئيس أم الجامعات المغربية؟
أقول هذا الكلام ،لأن الوضع أصبح متجاوزًا لحدود الفهم والمنطق والعقل، والكل أصبح يتساءل: كيف لحكومة في القرن 21 تريد تنظيم كأس العالم أن تعجز عن تعيين رئيس أعرق جامعة في المملكة؟ ما سبب هذا التأخير؟ من المسؤول عن هذا البلوكاج؟ لماذا هذا الصمت وهذه السرية حول موضوع يتعلق بالشأن العام؟ لماذا يخرق رئيس الحكومة ووزير التعليم العالي حقًّا دستوريًّا يتعلق بحق المواطن في الوصول إلى المعلومة المتعلقة بهذا البلوكاج؟ لماذا هدر كل هذا الزمن الجامعي؟
والآن، الوزير السابق للتعليم العالي ميراوي رحل، والوزير الميداوي الجديد نُصِّب، فهل سيتم الإفراج عن تعيين الرئيس الجديد لجامعة محمد الخامس في أقرب مجلس حكومي على يد الوزير الجديد؟
رحمةً بأساتذة وإداريي وطلبة جامعة محمد الخامس وبالمؤسسات التابعة لها والتي تعاني من فراغ مؤسساتي؛ أخرجونا من الانتظارية القاتلة والإشاعات المغرضة المدمرة.