اختتم المبعوث الأممي الخاص للصحراء المغربية ستافان دي ميستورا، الأحد، جولته الإقليمية بزيارة إلى مدينة تندوف حيث التقى زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي، وذلك في إطار مساعيه لجمع المعطيات حول تطورات الملف قبيل جلسة مجلس الأمن المقررة في أكتوبر المقبل.
وكان الوسيط الأممي قد بدأ جولته يوم السبت 20 شتنبر بمدينة العيون، حيث التقى برئيس البعثة الأممية ألكسندر إيفانكو وناقش معه مستجدات النزاع في لقاء قصير ومحدود.
وانتقل دي ميستورا بعد ذلك إلى نيويورك حيث التقى على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة وزير الخارجية ناصر بوريطة وعمر هلال السفير الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة.
وتأتي هذه الجولة في سياق الجهود الأممية لتجميع المعطيات والمستجدات من جميع الأطراف المعنية تمهيدا لإعداد تقرير شامل سيرفعه المبعوث الأممي إلى الأمين العام أنطونيو غوتيريش.
ويرى مراقبون أن الأمم المتحدة مطالبة بالتحرك لطي هذا الملف الذي طال أمده وتحميل الأطراف مسؤولياتها خاصة الجزائر، دون الدخول في روتين دبلوماسي لا يقدم نتائج ملموسة. كما يشددون على ضرورة عدم الاكتفاء بالإجراءات الشكلية التي لا تساهم في إيجاد حل نهائي للنزاع.
وفي هذا الصدد، قال المحلل السياسي خالد الشيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة وجدة، في تصريح لـ”بلبريس”، إن استقبال دي ميستورا لوزير الخارجية المغربي مرفوقا بالسفير الدائم في نيويورك “يعكس تصور المبعوث الأممي لضرورة التواصل مع المغرب”. وأضاف الشيات أن هذه اللقاءات “أصبحت شبه روتينية في الشأن الدبلوماسي، حيث يكرر المغرب نفس المقتضيات والآليات والأدوات لتصوره للحل النهائي”.
واعتبر الشيات أن عدم الاستجابة المغربية السابقة قد تكون نتيجة لرفض المملكة “أن تكون جزءا من دورة روتينية أو سنوية يقوم بها دي ميستورا للمنطقة لاستكشاف إمكانيات التوصل إلى حل عادل لهذه القضية”.
وأشار إلى أن الجزائر والبوليساريو تحرصان على “تكرار نفس المواقف مع دي ميستورا” رغم الواقع الجديد منذ 2020 فيما يتعلق بعودة البوليساريو لما تسميه “الكفاح المسلح”.
وانتقد الشيات “تغاضي الأمم المتحدة” أحيانا عن هذه الأفعال في التقارير التي يرفعها دي ميستورا للأمين العام، معتبرا أن “اعتبارها خارج النسق الأممي أشياء لا يحبذها المغرب”. ودعا إلى أن يكون لدى الأمم المتحدة “قناعة لكي تفرض على الأقل تصوراتها للحل التي تقوم على السلمية”.
وشدد أستاذ العلاقات الدولية على ضرورة إدانة “كل الأنواع والأشكال التي تعبر عن هذا النوع من الهروب إلى الأمام باستعمال القوة بشكل أكبر وأوضح”.
كما دعا الشيات إلى “تحميل الأطراف كلها مسؤوليتها، وأن تتحمل الأمم المتحدة مسؤوليتها أيضا كما قال جلالة الملك”.
وتعكس هذه التحركات الدبلوماسية المكثفة حرص الأمم المتحدة على إبقاء زخم المفاوضات حيا، رغم الجمود الذي يطبع الملف منذ سنوات طويلة. غير أن فعالية هذه المساعي تبقى مرهونة بإرادة الأطراف المعنية للانخراط في عملية تفاوضية جدية تستهدف إيجاد حل سياسي مقبول ومستدام.
كما يظل الدور الأممي محل تساؤل حول مدى قدرته على تجاوز الطابع الروتيني للمبادرات والانتقال إلى مرحلة العمل الفعال الذي يفرض على الأطراف تحمل مسؤولياتها كاملة في إنهاء هذا النزاع الطويل.