قال المحلل السياسي سعيد خمري، في تصريح خص به "بلبريس"، إن خلفيات التصريح الأخير لنزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال ووزير التجهيز والماء، تبقى صعبة التحديد، لكنه اعتبر أن التوقيت والسياق السياسيين يمنحان مؤشرات دالة.
وأوضح خمري:
"يصعب التكهن بخلفيات تصريح نزار بركة، لأنه سبق أن قام بتصريحات انتقادية للحكومة التي هو عضو فيها، مما يجعل من الصعب التنبؤ بشكل دقيق بدوافعه، لكن، ونحن على أبواب السنة الأخيرة من عمر الحكومة، يمكن تفسير الأمر بنوع من التنافس أو التسابق الانتخابي."
وأضاف:
"هذا بطبيعة الحال مؤشر على غياب التناغم والانسجام داخل مكونات الحكومة، فالمفروض أن الحلفاء في الحكومة يشتغلون وفق تعاقد تضامني، يَستند إلى البرنامج الحكومي الذي توافقت عليه الأحزاب، وبالتالي، لا يمكن لبركة، بانتقاداته، أن يُعفي حزب الاستقلال من مسؤولية المشاركة في السياسات العمومية المنفذة."
يأتي هذا التصريح عقب كلمة قوية ألقاها نزار بركة خلال المؤتمر السادس للاتحاد العام للفلاحين بالمغرب، يوم الأحد 22 يونيو الجاري، حيث وجّه انتقادات مباشرة للسياسة الفلاحية للحكومة، معتبراً أنها تُكرّس منطق الريع وتخدم مصلحة كبار الفلاحين والمستوردين.
وقال بركة:
"الإشكال الحقيقي اليوم هو أن المستفيدين الأساسيين من هذه السياسة هم كبار الفلاحين والمستوردين… هذا هو الواقع."
وأشار إلى أن نجاح النموذج الفلاحي الوطني يمر بالضرورة عبر دعم الفلاحين الصغار، الذين يشكلون، بحسبه، 95 بالمئة من النسيج الفلاحي بالمغرب، داعيًا إلى إنصافهم وتمكينهم من آليات الاندماج والتنمية.
ورغم اعترافه بوجود "عوامل موضوعية" كبّلت القطاع، من بينها توالي سنوات الجفاف وتداعيات جائحة كورونا، شدد بركة على ضرورة إصلاح النموذج القائم ووضع الفلاح الصغير في قلب السياسات الفلاحية.
وتُعد هذه الخرجة الانتقادية الجديدة حلقة إضافية في سلسلة تصريحات مماثلة أطلقها بركة من داخل الحكومة، أبرزها تلك التي أثار فيها الجدل خلال نشاط حزبي في فبراير الماضي، حيث انتقد بشدة فشل الحكومة في التحكم في الأسعار، واعتبر أن الدعم المخصص لاستيراد الأضاحي لم يترجم إلى أسعار معقولة للمواطن.
ورغم أن بركة أكد في كلمته أن "الاتحاد العام للفلاحين بالمغرب ليس جهازًا تابعًا لحزب الاستقلال"، بل يمثل الفلاحين الصغار ومربي الماشية، إلا أن مضمون خطابه، كما يرى محللون، يعكس موقفًا سياسيًا أكثر منه تقنيًا، ويفتح باب التأويلات بشأن تماسك الأغلبية وحسابات الانتخابات المقبلة.