تهم برلمانيين ومسؤولين كبار.. ملفات ثقيلة أمام محاكم جرائم الأموال

أفادت مصادر مطلعة أن رئيس النيابة العامة هشام بلاوي أصدر تعليمات حازمة تقضي بإحالة جميع تقارير المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة لوزارة الداخلية، التي تكشف عن اختلالات ذات طابع جنائي، على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية والفرق الجهوية التابعة لها بعدد من المدن، إضافة إلى الفرقة الوطنية للدرك الملكي. هذه التوجيهات تأتي في سياق معالجة تراكم كبير من الملفات التي لم يُتخذ بشأنها أي قرار منذ سنوات، منها ملفات أنجزت بشأنها الأبحاث وأُحيلت تقاريرها على وكلاء الملك دون أن تعرف طريقها نحو المتابعة القضائية.

من بين هذه الملفات، تحقيقات أنجزتها الفرقة الوطنية حول مركز استقبال وتكوين بسيدي قاسم تحول إلى مرفق سياحي تنظم فيه حفلات، وملفات البرنامج الاستعجالي للتعليم المعروضة على محاكم جرائم الأموال بالرباط والدار البيضاء، إلى جانب ملف اختلالات مالية داخل شركة "مارتشيكا ميد" التابعة لوكالة تهيئة بحيرة مارتشيكا، والتي عرفت تجاوزات خلال فترة تسيير المدير العام السابق سعيد زارو. كما شملت التعليمات تسريع وتيرة الأبحاث في قضايا أخرى تهم مؤسسات عمومية ورؤساء جماعات ترابية، بينهم برلمانيون يمثلون أقاليم متعددة، وقد كانت موضوع تقارير رقابية صارمة تتعلق بتبديد المال العام وسوء التدبير.

رئيسة المجلس الأعلى للحسابات زينب العدوي، كانت قد صرّحت في عرض أمام مجلسي البرلمان أن النيابة العامة لدى المجلس أحالت 16 ملفاً تتضمن أفعالاً تستوجب عقوبات جنائية على أنظار رئيس النيابة العامة، وذلك بين سنة 2022 ونهاية شتنبر المنصرم، مبرزة أن هذه القضايا ترتبط بصفقات عمومية والتعمير، فضلاً عن تحقيق منافع شخصية بطرق غير قانونية أو استعمال وثائق مضللة للولوج إلى طلبيات عمومية.

وشددت المصادر على أن بلاوي وجّه تعليماته إلى الوكلاء العامين بمحاكم الاستئناف التي تضم أقساماً لجرائم الأموال، قصد الإسراع في اتخاذ القرارات بخصوص ملفات تهم مسؤولين كباراً، من ضمنهم رؤساء جماعات وبرلمانيون، يُشتبه في ضلوعهم في اختلاسات مالية وتبديد للمال العام. ويتعلق الأمر بعدد من القضايا المعروضة على الشرطة القضائية والدرك الملكي لم تُتخذ بشأنها بعد قرارات من النيابة العامة، رغم أن الأبحاث فيها استكملت منذ مدة، حسب "الأخبار".

وكشفت المصادر أن بعض البرلمانيين المعنيين بهذه الملفات يتهربون من المثول أمام التحقيق، مبرزين أعذاراً صحية مشكوك في صحتها، في وقت يظهرون في نشاطات رسمية ويتمتعون بصحة جيدة، مما يطرح تساؤلات حول جدية تعاملهم مع مسار العدالة. وأشارت إلى وجود ملفات مازالت مفتوحة منذ سنوات أمام قضاة التحقيق دون أن تُحسم، وأخرى جاهزة تنتظر فقط الإذن بتحريك المتابعة.

وزارة الداخلية بدورها دخلت على خط هذه المتابعات، إذ قام الوزير عبد الوافي لفتيت بإحالة ملفات على الوكيل القضائي للمملكة لطلب عزل رؤساء جماعات أمام المحاكم الإدارية، كما أحال ملفات أخرى على رئيس النيابة العامة تتضمن اختلالات جنائية، يُنتظر عرضها على محاكم جرائم الأموال بالمدن الكبرى. وتكشف تقارير الافتحاص عن حجم الخروقات الخطيرة التي تشوب تدبير عدد كبير من الجماعات، على الرغم من مرور نصف الولاية الانتدابية الحالية.

هذه الإجراءات، بحسب المصادر ذاتها، تندرج ضمن تنفيذ التعليمات الملكية القاضية بضرورة تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، إذ باشرت وزارة الداخلية معالجة الملفات التي توصلت بها من مؤسسات الرقابة، ومن بينها تقارير تكشف عن خروقات مالية وإدارية بعضها يرقى إلى مستوى المتابعة الجنائية، فيما تم تفعيل مسطرة العزل في أخرى طبقاً للقانون التنظيمي للجماعات الترابية.

وحصلت وزارة الداخلية على تقارير رقابية شاملة من المجلس الأعلى للحسابات تتعلق بتدبير الشأن المحلي داخل عدد من الجماعات، وقد شملت ملاحظات دقيقة تخص الشق المالي والمحاسبي، والصفقات العمومية، إلى جانب تجاوزات في التعمير وتدبير الممتلكات الجماعية والموارد البشرية. كما تلقت الوزارة تقارير أخرى أنجزتها السلطات الإقليمية ضمن إطار التتبع والمواكبة، تضمنت ملاحظات تشير إلى اختلالات مالية وإدارية متراكمة داخل مجالس جماعية محلية.