الرباط وباريس تتفقان على تسريع ترحيل المهاجرين وتعزيز التنسيق الأمني

شهدت زيارة العمل التي يقوم بها وزير الداخلية الفرنسي، برونو ريتايو، إلى المغرب، محطة بارزة في مسار التعاون الأمني والهجري بين الرباط وباريس، حيث أكد المسؤول الفرنسي أن الأشهر الأخيرة سجلت تحسنا ملحوظا ونتائج إيجابية كبيرة في جهود محاربة الهجرة غير النظامية، خاصة على مستوى عمليات الترحيل.

وأبرز ريتايو، في ندوة صحافية مشتركة مع نظيره المغربي عبد الوافي لفتيت، أن المغرب لعب دورا محوريا في تحقيق هذه النتائج، مؤكدا أن مساهمة وزير الداخلية المغربي كانت شخصية ومباشرة في هذا الملف.

وكشف الوزير الفرنسي أن مدة معالجة ملفات الترحيل بين المغرب وفرنسا تراجعت من 26 يوما إلى 18 يوما فقط، معربا عن أمله في تحقيق تحسن أكبر في هذا الإطار مستقبلا.

وأشاد المسؤول الفرنسي بجهود المغرب في تفكيك شبكات تهريب البشر، مبرزا أن تفكيك السلطات المغربية لـ332 شبكة لتهريب المهاجرين يشكل إنجازا بالغ الأهمية، مضيفا أنه تم الاتفاق مع الجانب المغربي على إحداث مجموعة مختلطة تُعنى بتحديد هويات المهاجرين غير النظاميين والتأكد من جنسيتهم المغربية، في خطوة اعتبرها تقدما نوعيا، خاصة أمام العراقيل التي يفرضها غياب وثائق الهوية أثناء عمليات الترحيل.

وعلى صعيد آخر، أشار بلاغ لوزارة الداخلية المغربية إلى أن لقاء لفتيت وريتايو شكل مناسبة لاستعراض القضايا ذات الاهتمام المشترك، وبحث آفاق تعزيز التعاون الثنائي، في سياق يتماشى مع إعلان الشراكة الاستثنائية المعززة، الموقع بين الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال زيارة الأخير للمغرب في أكتوبر 2024.

وسجل الجانبان المكانة المركزية التي يحظى بها ملف الأمن والهجرة داخل العلاقات الثنائية، مؤكدين أن هذا التعاون مرشح لأن يتعزز أكثر، في ظل الموقف الفرنسي الداعم للوحدة الترابية للمملكة، والمشدد على أن حاضر ومستقبل الصحراء يندرجان بشكل كامل ضمن السيادة المغربية.

وأكد الوزيران أن التعاون في قضايا الأمن والهجرة يجري ضمن دينامية متميزة، قوامها الثقة المتبادلة، والقراءة المشتركة للتحديات الإقليمية والدولية، والتقارب في وجهات النظر بخصوص القضايا الاستراتيجية الكبرى.

ومن أجل ترسيخ هذه الدينامية وتطويرها، اقترح عبد الوافي لفتيت إرساء إطار جديد وشامل للشراكة والتعاون بين وزارتي الداخلية بالبلدين، يقوم على مراجعة عدد من الاتفاقيات الثنائية، ويرتكز على اعتماد خارطة طريق جديدة تشكل لبنة أساسية في مسلسل هذا التعاون.

وأشاد الوزيران في هذا السياق بنتائج التعاون الأمني القائم بين البلدين، وخاصة في ما يتعلق بتبادل المعلومات والتنسيق الوثيق بين الأجهزة المعنية، وهو ما أتاح احتواء فعالا للتهديدات الإرهابية، وتفكيك شبكات إجرامية وإرهابية خطيرة.

وذكّر وزير الداخلية المغربي بالمقاربة الشمولية والإنسانية التي يعتمدها المغرب في تدبير ملف الهجرة، تحت التوجيهات الملكية، مبرزا أهمية مجموعة الهجرة المختلطة الدائمة بين المغرب وفرنسا، كآلية مرجعية لمعالجة التحديات والرهانات المشتركة.

كما جدد لفتيت التزام المغرب بالعمل على إرساء مرجع مشترك لتدبير قضايا الهجرة، سواء على المستوى الإجرائي أو على مستوى المعطيات الإحصائية.

وفي ختام الاجتماع، اتفق الوزيران على ضرورة توسيع وتطوير مجالات التعاون الثنائي، ليشمل مجالات جديدة، خاصة الوقاية المدنية وتدبير الأحداث الكبرى، بما يستجيب لتطلعات البلدين في بناء شراكة متينة ومتجددة.