ميثاق الشرف الموقع بين أخنوش والمنصوري وبركة تحت المحك
أكدت مصادر خاصة أن عزيز أخنوش، رئيس الحكومة ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، يتابع تحركات وتصريحات حلفائه في الأغلبية الحكومية، فاطمة الزهراء المنصوري، زعيمة حزب الأصالة والمعاصرة، ونزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، بنوع من القلق والحذر، وبعدم الرضى عن تصريحاتهما تجاه التحالف الحكومي، ولمواقفهما الصامتة من الهجوم الممنهج الذي يستهدفه ويستهدف حزبه وحكومته.
لاحظ المهتمون بالشأن الحزبي خلال الأسابيع الأخيرة استهداف حزب الحمامة، خصوصًا رئيسه عزيز أخنوش، بأشكال من الانتقادات والهجومات، أحيانًا بنيران صديقة وأخرى بنيران الخصوم. هجومات يختلط فيها الشخصي مع المؤسساتي، والذاتي مع الموضوعي، دون مبالاة زعيمي حزبي التحالف الحكومي.
ورغم ذلك، يواجه رئيس الحكومة عزيز أخنوش كل هذه الانتقادات والهجومات – التي تتجاوز أخلاق السياسة – بالنزول إلى الميادين والعمل على تنفيذ تعاقداته مع المواطن، وتفعيل برنامجه الحكومي في ظروف استثنائية اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا ومناخيًا، وطنيًا ودوليًا. بل إن عزيز أخنوش لا يتهرب من الإعلان عن تحمل مسؤولياته في الأوضاع العامة التي تمر بها البلاد، ويعمل كل ما في جهده لضمان العيش الكريم للمواطن، داعيًا كل أعضاء الحكومة من وزراء وكتّاب دولة إلى الالتزام بمضمون التصريح الحكومي، وتنزيله بشكل سليم على أرض الواقع، والدفاع عنه وتسويق ما أنجزته حكومته.
لكن المتتبع الدقيق يلاحظ عدم التزام كل مكونات الحكومة بالدفاع عن المنجزات الحكومية والتسويق لها بنفس العزيمة وبنفس الوتيرة التي يدافع بها عزيز أخنوش عن الحكومة ومنجزاتها.
صحيح أن حكومة أخنوش مكونة من ثلاثة أحزاب، ولها ميثاق شرف، لكن حينما يتم الهجوم على رئيس الحكومة وتقزيم العمل الحكومي، يصمت نزار بركة وفاطمة الزهراء وباقي الوزراء وباقي مناضلي الأحزاب الثلاث، ويتوارون إلى الخلف، وكأن حكومة أخنوش هي حكومته لوحده. بل إن أمين حزب الاستقلال نزار بركة مارس دور المعارض للحكومة مؤخرًا، بعد انتقاده بشكل مثير للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المغرب، على خلفية ما تعرفه البطالة في البلاد من مستويات مرتفعة جدًا خلال السنوات الأخيرة، حيث وصلت حسب الإحصاءات الرسمية إلى 21.3%، مع تسجيل معدلات أعلى لدى الشباب بنسبة 39.5%، والنساء بنسبة 29.6%.
وجاء النقد الحاد لتصريحات بركة، الذي يشغل منصب وزير التجهيز والماء في حكومة أخنوش، خلال كلمته في مهرجان خطابي نُظم السبت الماضي بمناسبة الذكرى 81 لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، حيث أكّد أن هذه الأرقام تعكس أزمة مركبة متعددة الأبعاد تعاني منها البلاد، وتؤدي إلى تزايد شعور الشباب باليأس والقلق وفقدان الثقة في المؤسسات والمستقبل.
وأعادت انتقادات أمين حزب علال الفاسي لحكومة عزيز أخنوش التساؤلات حول مصداقية التماسك والانسجام بين الأحزاب الثلاثة المكونة للأغلبية الحكومية والبرلمانية في المغرب، ومدى الالتزام بمضمون ميثاق الشرف الموقع بين أخنوش وبركة والمنصوري.
وأمام هذا الوضع، كان لحزب الأصالة والمعاصرة الشجاعة الفكرية لإثارة هذا الموضوع في بلاغ مكتبه السياسي الأخير، قائلًا: «وبالنظر للمستجدات السياسية والتنظيمية الطارئة، ولعدد من التحولات والمتغيرات الاجتماعية والثقافية المستجدة التي تقتضي التنسيق المشترك والتشاور الدائم بين فرقاء القيادة الجماعية للأغلبية، فإن المكتب السياسي يدعو إلى التفعيل الدائم لمضمون ميثاق الأغلبية، وبخاصة على مستوى احترام عقد دورات اجتماع مجلس الرئاسة للتباحث والتفاعل الفوري مع المستجدات».
إنه نقد واضح من طرف قيادة البام لرئيس الحكومة أخنوش بعدم احترامه عقد دورات اجتماع مجلس الرئاسة لمضمون ميثاق الأغلبية.
ولم تقف الانتقادات للحكومة عند حزبي البام والاستقلال، بل إن القيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار ووزير العدل السابق محمد أوجار لم يتردد في توجيه انتقادات لاذعة لوزراء الحكومة التي يقودها حزبه، داعيًا إياهم، خلال استضافته في برنامج "نقطة إلى السطر" على قناة "الأولى"، إلى تحمل مسؤولياتهم بشكل أكبر في مواجهة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، ومواجهة الفساد وإعادة اقتسام الثروة.
وحسب عدة مؤشرات، فإن أخنوش واعٍ بأن التحالف الحكومي في آخر مراحله، ومدرك أن تفاقم الأزمة الاجتماعية والاقتصادية يحاول قادة التحالف الحكومي الركوب عليها. الأمر الذي جعل أخنوش يضع خطة استراتيجية تواصلية أعلن عنها بعنوان: "المسار التنموي: تنزيلًا لبرنامج الحزب – الحصيلة والآفاق ودينامية الحزب".
على كل حال، كلما اقترب زمن الانتخابات تظهر مؤشرات نهاية المراحل، وهذه النهايات التي يُلجأ فيها لكل آليات الحروب السياسية من أجل التموقع.
اليوم، التحالف الحكومي على مفترق طرق، وأخنوش يجد نفسه محاصرًا بين طموحات حلفائه الذين باتوا يعيدون تموضعهم السياسي، تمهيدًا لمرحلة قد تتغير فيها المواقع، وبين هجومات خصومه من أحزاب المعارضة، وبين شارع ساخط على أوضاعه الاجتماعية والاقتصادية.
فاطمة الزهراء المنصوري، المنسقة الوطنية لحزب الأصالة والمعاصرة، لم تعد تسعى إلى المشاركة في تحالف حكومي، بل تطمح إلى تصدره وقيادة الحكومة المقبلة.
على الجانب الآخر، نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، يؤكد أن “حزب الميزان” مصمم على العودة إلى قيادة الحكومة المقبلة.
هناك شارع يغلي ويندد بغلاء المعيشة، وبفشل حكومة أخنوش في مواجهة اللوبيات وسماسرة الفساد.
أمام هجوم النيران الصديقة، وضربات الخصوم، وغليان الشارع، فإن عزيز أخنوش يتابع ويراقب كل هذه الأمور بكثير من الحذر، وسيختار التوقيت المناسب للرد وللتأكيد على أنه هو الرجل المناسب لقيادة حكومة المونديال، خصوصًا بعد عودة ترامب إلى قيادة الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يبقى أخنوش المرشح المفضل عنده لقيادة حكومة 2026. مع الإشارة إلى أن المنافس الحقيقي لأخنوش لن تكون المنصوري بل نزار بركة، لكون حزب البام سيكون خارج التنافس على قيادة حكومة المونديال لأسباب ذاتية وموضوعية يعرفها الجميع.