بعد أن نال مشروع "قانون المسطرة المدنية" موافقة مجلس النواب، أضرم هذا التطور توترات غير مسبوقة بين السلطة التشريعية والنقابات القانونية بسبب ما أثاره من تعديلات جوهرية مست بـ"حقوق المحامين" وشكلت تهديداً مباشراً لـ "استقلالهم المهني وحقوق الدفاع"، حسب قولهم.
وتعقد جمعية هيئات جمعية المحامين بالمغرب اجتماعا هاما اليوم لمناقشة تداعيات هذا المشروع واتخاذ المواقف المناسبة، وذلك في خطوة تصعيدية بعد إعلانهم عن إضراب وطني شل محاكم المملكة لمدة ثلاثة أيام ضد مشروع القانون “يتضمن بنودا غير دستورية ولا يوفر التقاضي العادل للمواطنين ويضعف كذلك وزن المحامين ضمن مجال العدالة بالمملكة، ويضعف دور الدفاع هو الآخر”.
وبهذا الخصوص، أكد النقيب الزياني رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، في تصريح لـ"بلبريس"، بأن "هذا المشروع مخالف للدستور وإذا احيل على المحكمة الدستورية في اطار الرقابة الدستورية فانه سينهدم في بنيانه وعدد كبير من مواده" .
وأشار النقيب الزياني إلى أن الخلاف حول هذا المشروع يتصل بشكل كبير بمخالفة بعض مقتضياته للدستور، مما يشكل، حسب قوله، "تراجعاً خطيراً على مستوى البناء القانوني والحقوقي في البلاد".
وأوضح النقيب الزياني أن مشروع القانون المطروح يُعدّ "تراجعاً عن المساواة أمام القانون"، ويحدّ من إمكانية اللجوء إلى العدالة والتقاضي، مما يضرّ بحقوق المواطنين وبالعدالة بشكل عام، مؤكدا أن "الجمعية تأخذ مواقفها وتصريحاتها بناءً على أسس مؤسساتية وديمقراطية وحقوقية ودستورية، وأن مشروع قانون المسطرة المدنية يجب أن يتماشى مع تطلعات البلاد".
وعبر الزياني عن رفضه "التام" لما وصفه بـ "الردة" القانونية في هذا المجال، مشيرا إلى أن "هناك مشاكل متزايدة تتعلق بتضخم عدد القضايا ونقص القضاة وكتاب الضبط، ولكن هذه المشكلات لا يجب أن تنعكس سلباً على حقوق المواطنين، بل يجب معالجتها بطرق موضوعية دون المساس بدور المحامين أو تقليصه".
كما أكد النقيب أن مكتب جمعية المحامين قرر التوقف لثلاثة أيام احتجاجاً على ما وصفه بـ"الاعتداء الصارخ" على مهنة المحاماة، مشيراً إلى أن هذا الإضراب ليس من أجل مصلحة المحامين فقط، بل من أجل مصلحة العدالة والمواطنين أيضاً.
وقال المتحدث باسم جمعية هيئات المحامين بالمغرب إن قرار الإضراب جاء نتيجة للسرعة غير المبررة التي رافقت عملية إقرار المشروع، بالإضافة إلى التجاهل التام لملاحظات المحامين والمحاميات، مؤكدا أن التفسيرات المقدمة لهم كانت غير صحيحة ولا تعكس بوضوح المخاوف الحقيقية المتعلقة بالمشروع الجديد .
وشدد على أن الجمعية ليست فئوية ولا تدافع فقط عن مصالحها الخاصة، بل تسعى إلى حماية حقوق المواطنين وضمان عدالة نزيهة وفعالة، لافتا إلى أن تقليص دور المحامي بهذا الشكل يهدد قدرة المواطن على التعامل مع المحاكم المتخصصة، وقد يكون له تأثير سلبي كبير على جودة المنتوج القضائي في البلاد.
وأكد النقيب أن الجمعية ملتزمة بتقديم المساعدة القضائية لجميع المواطنين والمواطنات، وأنها تسعى للحفاظ على المكانة الاعتبارية والرمزية للمحاماة في البلاد، معربا عن أمله في أن تدعم الدولة قطاع المحاماة وتعمل على تطويره لمواجهة التحديات الراهنة.