اليد الممدودة من المغرب للنظام الجزائري دائما مفتوحة وما عليه إلاّ أن يجرب
أثار تصريح وزير الخارجية الجزائر "عطاف أحمد" الجدل، والذي قال فيه أن نظيره المغربي "ناصر بوريطة"، رفض الرد على مهاتفته، على خلفية الزلزال الذي هز الحوز المغربي.
وأضاف الوزير أن المغرب رفض المساعدات المقدمة من السلطات الجزائرية، متهما المغرب بسوء النية، ورفض اليد الممدودة من السلطات الجزائرية.
وخلف هذا التصريح ردود فعل ساخرة، بالنظر إلى التحول الذي ظهر في خطاب الخارجية الجزائرية، الذي بدا شبيها بالخطاب المغربي، الذي ظل يمد يده للجزائر.
وتعتبر سياسة اليد الممدودة المغربية، إحدى أبرز المصطلحات التي بصمت الخطاب الموجه للجزائر، من هرم الدولة المغربية وفتح قنوات الإتصال، لكن دون رد.
فالخارجية الجزائرية نسيت أننا نعيش في عالم جل أحداثه توثق بالصوت والصورة، فالسلطات الجزائرية عبرت عن رفضها مرارا، وتدرعت بالاعتذار كشرط لعودة العلاقات.
كما أنها رفضت حضور المؤتمرات التي أقيمت في المغرب، من الأحداث الرياضية إلى المنتديات السياسية، بالرغم من الترحيب المغربي، إلا أن الجزائر ترفض.
وقد نسيت الجزائر أنها هي من أغلقت المجال الجوي في وجه المغرب، ورفضت تجديد اتفاقية مرور أنبوب الغاز عبر المغرب نحو إسبانيا.
أما الجريمة الكبرى ضد الإنسانية، هي حينما كان سكان القبائل يحترقون جراء حريق الغابات، قدمت المغرب طائرة مستعجلة لاخماد الحرائق، لكن الجزائر فضلت احتراق مواطن "قبايلي" على أن تقبل مساعدة من المغرب.
لماذا جريمة ضد الإنسانية؟ لأن الجزائر لا تمتلك طائرات من هذا الصنف، بينما المغرب قدم أسطولا من الطائرات تحت خدمة السلطات الجزائرية، للحيلولة دون احتراق أي مواطن، إلا أنها منعت تقديم مساعدة حاسمة في إطفاء الحرائق، وعلى وجه الاستعجال.
وبالرجوع إلى زلزال الحوز الذي هز المغرب، فالمغرب لم ترفض المساعدات الجزائرية، إنما وضعت بروتوكول خاص للحيلولة دون السقوط في كارثة إنسانية، تفقدها السيطرة على تدبير أزمة الإنقاذ وإخراج جثت الضحايا.
فتدبير أزمة الزلازل، تخضع لبروتوكول خاص وفق المعايير الدولية والتجارب المقارنة والرائدة في هذا الباب، والتي تستوجب تخفيف الضغط على المجال الترابي موضوع الكارثة، وأن تحدد السلطات المعنية خطة للتدخل بتريت دقيق.
فالسلطات المغربية رسمت خطة للتدخل من أجل الإنقاذ وانتشال الضحايا وتقديم المساعدة والدعم، في مناطق جبلية وعرة، كل ممراتها لا يمكنها استيعاب مستوى معين من ضغط التدخلات، ما يهدد بشلل ضد المساعي الاستعجالية.
أما رفض المساعدات، فإن المغرب تقدم بالشكر لكافة دول العالم التي وضعت فرقها رهن إشارة المغرب، حيث أنها تفهمت خصوصية الوضع، بالإضافة إلى الفائض في المساعدات التي قدمها أفراد الشعب المغربي.
فالجزائر شأنها شأن دول العالم، شملها الامتنان المغربي لكافة دول العالم، بينما الجزائر ذهبت لتسيس الزلزال، والركوب عليه، دون مراعاة الظرفية الكارثية والإنسانية، ووظفت الكارثة لصالح عدائها للمغرب، وإظهاره كدولة سيئة.
فسوء النية الحقيقة، هي سخافة السلطات الجزائرية التي فتحت الأجواء للمغرب فيما يخص الملاحة الجوية الإنسانية، رغم أنه ليس له أي أثر على أرض الواقع، لكون دول العالم مسموح لها بالمرور بالمجال الجوي الجزائري إلا المغرب.
فهل يقبل المنطق والعقل أن تستعمل الطائرات والمروحيات المغربية المجال الجزائري، من أجل التنقل في المغرب وداخل المغرب وضمن المجال الجوي المغربي؟
فالجزائر وفرنسا هما الدولتين اللتين أقامت الدنيا ضد المغرب أثناء كارثة الحوز، دون مراعاة الظرفية الإنسانية، وأبانتا عن سوء النية، لأنهما الدولتين اللتان سوقتا لنفسهما على أنها تقدمان المساعدة؛ ما يبين البعد السياسي عوض أن يكون إنساني، بالنظر إلى حجم التجييش الإعلامي.
وما يظهر ويؤكد نفاق الجزائر، هو أن الزلزال تزامن مع مقتل مغربيين عزل، على يد البحرية الجزائرية، بعد دخول المياه الإقليمية الجزائرية بالخطأ، لكونها لصيقة بالمياه المغربية، حيث تم قتلهما دون تحذير أو توقيف أو محاولة فرار.
فهل هته ازدواجية في المواقف؟ أم نفاق؟ أما ماذا؟ قتل مغاربة عزل، ورفض لاخماد الحرائق، وإغلاق المجال الجوي، واحتضان وتسليح جماعة إرهابية ضد المغرب، ومحاولة تقسيم المغرب، والتعرض للمصالح المغرب مع دول العالم؛ ثم تقديم المساعدة للمغرب بكاميرات مشغلة ومكبرة الصوت، للتسويق للجزائر عوض أن يكون إنسانيا.
أما المكالمة الهاتفية كما قال "أحمد عطاف"، فإنه كلف ما يعني أن ذلك كان بأمر، أي أنها مكالمة لا ترقى لإجراء ديبلوماسي محسوب، لأن الملك هو الممثل الأسمى للدولة، ومن كلف الوزير لتقديم العزاء لوزير الخارجية، كان عليه مهاتفة الملك، وإلا أنه يعاني من ضعف الشخصية أمام الملك، الأمر الذي دفعه لتكليف عطاف.
كما أن اليد الممدودة ليست عبر القنوات الإعلامية أو الإعلاميين المحسوبين على الكابرانات، بل عبر قنوات الإتصال التي دعى إليها الملك؛ بينما صدق الارادة السياسية تكون بالاستجابة للدعوة الملكية، وليس بتجاهل قنوات الحوار الرسمية الممدودة، والذهاب للقنوات الإعلامية، فطريق الحور مفتوحة في اتجاه الرباط.
ما على الجزائر إلا أن تجرب قنوات الاتصال الدبلوماسية، إن كانت حقا تسعى للتعاون المشترك مع المغرب، وعودة العلاقات إلى الطريق الصحيح، لأن المغرب يده ممدودة تنتظر استجابة الجزائر فقط، أملا في خروج عاقل يوما ما من صلبها، للبحث عن نقاط التقاطع والتوافق مع المغرب.