تقرير إخباري: مفارقة غريبة.. شحّ في الماء وصادرات "لافوكادو" ترتفع بملايين الدولارات

لا شك أن المغرب يشهد تحديات كبيرة فيما يتعلق بأزمة المياه التي تواجه البلاد، وهذا التحدي يتزايد سواء في المرحلة الحالية أو خلال فترات الجفاف. تعد هذه الأزمة من أكثر القضايا إلحاحًا التي تحتاج إلى اهتمام وحلول جذرية من قبل الحكومة والمجتمع.

 

تاسع مصدر للافوكا

من ناحية أخرى، لاحظنا مؤخرًا أن المغرب قد احتل مرتبة متقدمة كتاسع أكبر مصدر لصادرات الأفوكادو عالميًا، وهذا وفقًا لتقارير إعلامية متخصصة. هذه المفارقة بين أزمة المياه واعتماد البلاد على صناعة الأفوكادو تطرح تساؤلات مشروعة حول السياسات والقرارات التي تتخذها الحكومة في هذا الصدد.

تعتبر زراعة الأفوكادو مصدرًا هامًا للدخل والتشغيل في البلاد، وهو قطاع يستفيد منه العديد من المزارعين والعمال. ومع ذلك، يجب أن ندرك أن إنتاج وتصدير الأفوكادو يتطلب كميات كبيرة من المياه، وهو ما يعني أن هذا القطاع يشكل ضغطًا إضافيًا على موارد المياه المحدودة.

 

ألف لتر للكيلوغرام

من الجدير بالذكر أن كل كيلوغرام من الأفوكادو يحتاج إلى كميات هائلة من المياه لإنتاجه، ويقدر بأنه يمكن أن يستهلك حوالي ألف لتر من المياه. وبناءً على ذلك، يصبح من المهم تقدير مدى استدامة مثل هذه الصناعة في ظل تحديات ندرة المياه.

تتجلى المشكلة عندما نأخذ في الاعتبار حجم الكميات المذكورة من المياه التي يحتاجها إنتاج الأفوكادو، وكيف يمكن أن تؤثر هذه الكميات على تفاقم أزمة المياه في البلاد. فالتصدير الضخم للأفوكادو يعني تخصيص موارد كبيرة من المياه لصالح هذه الصناعة، وهو ما يمكن أن يؤثر سلبًا على توفر المياه للاستخدامات الأخرى، مثل الشرب والزراعة الأخرى واستخدامات أخرى مختلفة.

تحتاج الحكومة إلى مواجهة هذه المفارقة بحكمة واعتبار، حيث ينبغي أن تتخذ قرارات تعزز من استدامة قطاع الأفوكادو وتوجهه نحو استخدام أفضل للموارد المائية. يجب أن تتضمن هذه الجهود تعزيز تقنيات الري المتقدمة وتشجيع المزارعين على استخدام ممارسات زراعية أكثر فعالية من حيث استهلاك المياه.

على صعيد آخر، يثير التوسع في استثمارات قطاع الأفوكادو، مثلما حدث مؤخرًا مع إدريس الراضي، تساؤلات حول توجيه هذه الاستثمارات والتأكد من أنها لا تأتي على حساب استدامة الموارد المائية وتفاقم أزمة المياه.

باختصار، يجب أن تكون سياسات الحكومة متوازنة ومستدامة، تأخذ في الاعتبار الحاجة الملحة لحماية موارد المياه وتوجيه الاستثمارات نحو القطاعات التي تسهم في تحقيق التنمية المستدامة بشكل عام، دون تجاوز حدود استدامة البيئة والموارد.

 

139 مليون دولار

وفي الفترة ما بين يوليوز 2022 وماي 2023، بلغت صادرات المغرب من الأفوكادو 45,000 طن بقيمة 139 مليون دولار، مما يعكس نجاحًا ملحوظًا لهذا القطاع.

تسعى المغرب لتنمية قطاع صناعة الأفوكادو وزيادة حصتها في الأسواق الدولية. وقد شهدت صادراتهم توسعًا جغرافيًا ملحوظًا حيث ارتفع عدد الدول المستوردة من 19 دولة قبل ست سنوات إلى 25 دولة حاليًا.

في ظل هذه المفارقة، يتطلب تحقيق استدامة قطاع الأفوكادو توازنًا بين احتياجات الإنتاج والتصدير وبين حفظ واستدامة موارد المياه. إذا كان كل كيلوغرام من الأفوكادو يحتاج إلى ألف لتر من الماء، فيجب أن يتم توجيه الجهود نحو تحسين تقنيات الري وتبني ممارسات زراعية فعالة تقلل من استهلاك المياه.

مع ذلك، يجب على الحكومة المغربية أن تتخذ خطوات جدية لمعالجة أزمة المياه والتأكيد على استدامة مواردها. يمكن أن يكون التركيز على زيادة الكفاءة في استخدام المياه في القطاع الزراعي، بما في ذلك زراعة الأفوكادو، هو خطوة هامة نحو تحقيق التوازن بين الاقتصاد والبيئة.

من الجدير بالذكر أن صناعة الأفوكادو تتزايد بشكل سريع كواحدة من أسرع منتجات الزراعة نموًا عالميًا، وهذا يرتبط بزيادة الطلب على الأطعمة الصحية. وبالرغم من التحديات المائية، تستمر المغرب في توسيع مساحات زراعة الأفوكادو، مما يتيح لها الفرصة لزيادة الإنتاج والتصدير.

 

السوق الألمانية

من الجدير بالإشارة أيضًا إلى تطور أهمية السوق الألمانية للأفوكادو المغربي، حيث تضاعفت الصادرات إلى هذا السوق بشكل ملحوظ. ويرجع هذا النجاح جزئيًا إلى تنوع مصادر الإمداد وتوجيه الجهود نحو تحسين جودة المنتجات وزيادة الكفاءة في عمليات الإنتاج والتصدير.

على الرغم من الإنجازات الحالية، يجب أن تكون الحكومة على دراية بأهمية التوجه نحو استدامة هذا القطاع، وضرورة النظر في تأثيره على موارد المياه والبيئة. التوازن بين النجاح الاقتصادي والمسؤولية البيئية هو التحدي الذي يجب التعامل معه بحذر وحكمة، لضمان استمرارية صناعة الأفوكادو المغربية في المستقبل.