البيان المشترك للقمة الثنائية.. اسبانيا تجدد دعمها للوحدة الترابية وترسم مسار وشراكات أوسع مع الرباط

اختتمت اليوم الخميس 2 فبراير الجاري، بالرباط أشغال الدورة الـ12 للاجتماع رفيع المستوى بين المغرب وإسبانيا، تحت الرئاسة المشتركة لعزيز أخنوش، رئيس حكومة المملكة المغربية وبيدرو سانشيز، رئيس حكومة المملكة الإسبانية.

واتفق الطرفان في بيان مشترك لهما على الالتزام باستدامة العلاقات المتميزة بينهما، والعمل على إثرائها باستمرار في إطار معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون والحوار السياسي.

وأعرب الجانبان عن التزامهما باستدامة العالقات الممتازة التي جمعتهما على الدوام، مؤكدان رغبتهما في إثرائها باستمرار، مشيران إلى أنهما يدرجان تعاونهما في إطار معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون والحوار السياسي المعزز المنبثقة عن البيان المشترك الصاد ر في 7 أبريل 2022، القائمة على مبادئ الشفافية والحوار الدائم، والاحترام المتبادل، وتنفيذ الالتزامات والاتفاقيات الموقعة من قبل الجانبين، والتي تم التطرق فيها إلى القضايا ذات الاهتمام المشترك، بروح من الثقة، بعيدا عن الأعمال الأحادية أو الأمر الواقع.

واتفق الطرفان على أهمية البيان المشترك الصادر في 7 أبريل الماضي، الذي ينص على مبادئ الشفافية والحوار الدائم والاحترام المتبادل وتنفيذ الالتزامات والاتفاقيات الموقعة من قبل الجانبين، بروح الثقة وبعيداً عن الأعمال الأحادية أو الأمر الواقع.

وبخصوص قضية الصحراء، جددت إسبانيا موقفها الذي ورد في الإعلان المشترك بتاريخ 7 أبريل 2022، عقب اللقاء بين الملك محمد السادس ورئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز.

وجاء في الإعلان المشترك لـ 7 أبريل الماضي أن إسبانيا تعتبر أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي التي قدمها المغرب سنة 2007 هي الأساس الأكثر جدية وواقعية وصدقية لحل النزاع حول الصحراء.

كما أن إسبانيا اعترفت في الإعلان المشترك لـ 7 أبريل 2022، بأهمية قضية الصحراء بالنسبة للمغرب، وبالجهود الجادة وذات المصداقية للمغرب في إطار الأمم المتحدة لإيجاد حل متوافق بشأنه.

كما شدد البيان الختامي على الدور المركزي للاتحاد من أجل البحر الأبيض المتوسط باعتباره المنظمة الوحيدة التي تضم كافة بلدان المنطقة على قدم المساواة.

البعد الدبلوماسي-الإستراتيجي

ومن خلال الوثيقة ذاتها، أكدت حكومتا المغرب وإسبانيا على التمسك بالحفاظ على العلاقة بين المملكة المغربية والاتحاد الأوروبي وتعزيزها، وأعربتا عن رغبتهما في زيادة تطوير الوضع المتقدم للرباط لدى الاتحاد.

أشارت إسبانيا والمغرب إلى أنهما تتعاونان بشكل نشيط من أجل النهوض بالمبادرات الكبرى للبرنامج الاقتصادي والاستثمارات لفائدة الجوار الجنوبي للاتحاد الأوروبي، ولاسيما في مجال التمويل المشترك للاستثمارات المبرمجة من طرف صندوق الاستثمار الاستراتيجي بالمغرب بهدف مواكبة وتسريع الانتقال الأخضر وتطوير أنظمة الحماية الاجتماعية للمجموعات الأكثر هشاشة ومساهمة المغرب في برنامج البحث آفاق أوروبا وتمويل بنياته التحتية الرقمية، وتطوير الطاقات المتجددة، والمبادرة المغربية “الجيل الأخضر” وتنمية المناطق القروية.

كما أكد البلدان على أهمية تعزيز التعاون بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط مجددان التأكيد على التزامهما بمواصلة بناء فضاء مشترك للسالم والازدهار والاندماج، مرحبان بتعاونهما في إطار الحوار في غرب البحر الأبيض المتوسط ” 5 + 5 .”

وتجدد إسبانيا والمغرب، يضيف البيان المشترك، التزامهما اتجاه أشغال مجموعة التعاون للشركاء المتوسطيين في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، التي تجمع 63 دولة من ثالث قارات حول تصور شامل للأمن، مجددان التعبير عن التزامهما من أجل السلام والاستقرار والتنمية المستدامة، وحقوق الإنسان، ولا سيما في إطار الأمم المتحدة، مشددان على التزامهما الخاص بمحاربة الإرهاب الدولي، وهو الأمر الرئيسي، على حد تعبيرهما، للأمن والاستقرار بالمنطقة الأورو متوسطية وعلى الصعيد العالمي.

وعبر البلدان عن إدانتهما الشديدة للأعمال الإرهابية، سواء كانت داخل أو خارج أراضيهما، وكذا لجميع أشكال العنف التي تهدد حقوق وحريات المواطنين، معربان عن ارتياحهما للنتائج التي تم تحقيقها في مجال محاربة الإرهاب، كما اتفقا على تكثيف تعاونهما في مجال محاربة الهجرة غير الشرعية، ومراقبة الحدود ومكافحة الشبكات وإعادة قبول الأشخاص في وضع غير قانوني، ومشيران ويشير إلى أن محاربة الشبكات الإجرامية للهجرة غير القانونية يتطلب أيضا التذكير بالمسؤولية المنوطة بدول الجوار وبلدان المنشأ، والاتحاد الأوروبي من أجل التصدي لهذه الظاهرة.

كما عبرا عن ارتياحهما لتعاونهما وتنسيقهما خلال “عملية عبور المضيق/مرحبا”، بعد الجائحة سنة 2022، حيث مكنت هذه العملية المشتركة من تسهيل تنقل نحو ثالثة ملايين مسافر و700 ألف عربة، وهو ما يجعل منه إحدى أكبر برامج تدبير تنقل الأشخاص في العالم.

البعد الاقتصادي

في الشق الاقتصادي، التزم الطرفان بإنعاش التبادلات التجارية والاستثمارات وتنفيذ مشاريع تنموية مشتركة في إطار شراكة رابح رابح، مستفيدين في ذلك من الميثاق الجديد للاستثمار الذي اعتمده المغرب مؤخراً.

وعلى مستوى حركة الأشخاص اتفق الطرفان على مواصلة المضي قدماً بطريقة منظمة، مع التطبيع الكامل لحركة الأشخاص والبضائع، بما في ذلك المقتضيات الملائمة للمراقبة الجمركية ومراقبة الأشخاص على الصعيدين البري والبحري، أخذاً بعين الاعتبار خلاصات الاختبار النموذجي الذي تم القيام به في 27 يناير الماضي؛ ويواصلان هذه السلسلة من الاختبارات وفقاً للجدول الزمني المتفق عليه للتغلب على كل عراقيل محتملة.

وأشارت الوثيقة ذاتها إلى أنه بهدف الاستفادة من العلاقات الاقتصادية والتجارية المتميزة القائمة بين المغرب واسبانيا، وتنشيط التجارة والاستثمارات الثنائية التي بلغت مستويات غير مسبوقة، فقد تم الاتفاق على تجديد البرتوكول المالي القائم من خلال مضاعفة الموارد المتوفرة لتبلغ ما مجموعه 800 مليون أورو، كما سيتم استخدام الآليات المالية القابلة للاسترداد وغير القابلة للاسترداد من أجل دعم المشاريع ذات الأولوية التي يتعين تطويرها من طرف الحكومة المغربية، ولاسيما في ميادين البنيات التحتية والطاقات المتجددة والماء والتطهير وتجهيزات التعليم والصحة والقطاعات الإنتاجية.

كما أكد الطرفان على أهمية التعاون في المشاريع المنفذة بهدف ضمان اقتصاد خال من الكربون، والذي يوفر إمكانيات كبرى للمستثمرين من خلال مشاريع في الطاقات المتجددة واستراتيجية النجاعة الطاقية، مع الحاجة إلى تطوير الربط بشكل أكبر من بنيات تحتية وغيرها وتسهيل التنقل بين البلدين، مشيدان بالتوقيع على مذكرة تفاهم في مجال البنيات التحتية للنقل تروم تعزيز التعاون القطاعي.

كما رحب الطرفان بتعاونهما الممتاز في مجال الماء، وجددا التأكيد على اهتمامهما بتعزيزه بشكل أفضل، خاصة في مجال تحلية المياه والتدبير المندمج للموارد المائية وإعادة استخدام المياه العادمة، مشيدان بالتوقيع، في أبريل 2019، على مذكرة اتفاق للنهوض بأنشطة التعاون في مجال الأرصاد الجوية وعلم المناخ بين المديرية العامة للأرصاد الجوية والوكالة الوطنية للأرصاد الجوية في المملكة الإسبانية، والذي تمت في إطاره بلورة خطة عمل لتنزيله على أرض الواقع، ستدخل حيز التنفيذ قريبا.

كما اتفق الطرفان على تعميق التعاون في المجال الفلاحي من خلال إضفاء الطابع الرسمي على التعاون التقني الثنائي في مختلف المجالات بما في ذلك التبادل في ميدان التعليم والتكوين المهني والاستشارة الفلاحية والنهوض بالاستثمار الفلاحي وتقاسم التجارب في مجال الأمن الصحي والصحة النباتية، والبحث في مجال الاقتصاد في الماء، وتوسيع التعاون اللامركزي، وتطوير التعاون الثلاثي المغرب – إسبانيا لفائدة البلدان الإفريقية، حيث تم تحيين مذكرة التفاهم القائمة من أجل توسيع مجالها لتشمل الصحة النباتية، بما يضمن توفير التغطية الضرورية لهذا القطاع الهام من العمل.

كما سجل الطرفان بارتياح التوقيع على مذكرة تفاهم في مجال السياحة، خلال الاجتماع رفيع المستوى الثاني عشر بين المغرب وإسبانيا، والذي سيعطي زخما ودفعة جديدة لعالقات التعاون السياحي بين البلدين، ال سيما فيما يتعلق بالترويج والاستثمار والتنافسية والاستدامة والجودة والتنمية الترابية وكذا في مجال التعاون اللامركزي ورصد وتحليل النشاط السياحي.

 المجال الثقافي والروابط الإنسانية:

أشاد البلدان بتنظيم المملكة المغربية، في نونبر 2022 بفاس، للمنتدى العالمي التاسع لتحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة، الذي شكل لحظة قوية لتسليط الضوء على كونية هذه القيم، كما اتفقا على وضع مبادلاتهما في مجالات التعليم والثقافة والرياضة في صلب عالقات التعاون القائمة بينهما.

وفيما يخص مجال التعليم، التزم الطرفان بالعمل على تشجيع تبادل الوثائق المتعلقة بالبرامج المدرسية الجاري بها العمل، بهدف تسهيل التصديق والاعتراف بالتعليم والشهادات المسلمة للتلاميذ، مع تعزيز تعاونهما من أجل تشجيع تنقل الطلبة، كما التزم الطرف الإسباني بدراسة التدابير الكفيلة بتبسيط المساطر الإدارية للطلبة المغاربة في إسبانيا.

وأوضح البيان أن الطرفان سيتخذان الإجراءات الضرورية لتحفيز الجامعات الإسبانية العمومية والخاصة على فتح فروع لها في المغرب، مشيرا إلى أن هذا الأخير يشهد توجها قويا نحو التعليم الدولي وحيث تستقبل الجامعات المغربية أكثر من 20 ألف طالب إفريقي يستفيد أزيد من 11 ألف منهم من منح للدراسة.

وأشاد الطرفان بالمستوى الممتاز للتعاون القائم بينهما فيما يتعلق بتنفيذ برنامج تدريس اللغة العربية والثقافة المغربية في إسبانيا، ملتزمان بتقويته من خلال تمكينه من الوسائل البشرية والمادية الضرورية، مع ضرورة اعتماد اتفاق يتعلق بشكل حصري بهذا البرنامج، ويشكل أساسا لتطويره وأيضا الحفاظ على استدامته.

كما التزم الطرفان بالنهوض بتعاونهما في المجال الرياضي، وخصوصا في مجال رياضة القرب، والإدماج عن طريق الرياضة، والرياضة من مستوى عال، مع تعزيز تعاونهما فيما يتعلق بالتحول الرقمي، ودعم تحسين جودة الخدمات العمومية للمواطنين، وتقوية قدرات الموظفين في المجال الرقمي وإدماج مقاربة النوع الاجتماعي في الوظيفة العمومية.

من جهة ثانية، اتفق الطرفان على البدء في تحديث اتفاقية الإنتاج السينمائي المشترك الموقعة في عام 1998 ، وصياغة اتفاقية للإنتاج المشترك السمعي البصري، مع تعاونهما من أجل ضمان احترام حقوق المؤلف والحقوق المجاورة في جميع المجالات من خلال فتح قنوات التواصل بين الهيئات المختصة بهما وتبادل الخبرات والمعلومات ولاسيما تلك المتعلقة بتأثير التكنولوجيات الجديدة.

كما أكد الطرفان على تقاسمهما نفس الأهداف والاهتمامات في مجال الحماية الاجتماعية، والتي يمكن ترجمتها من خلال إرساء أسس عالقات تعاون تقنية واسعة تساهم في تعزيز نظامهما للضمان الاجتماعي، معتبران أنه بإمكان هذا التعاون أن يساهم في تسهيل تبادل المعارف والممارسات الحميدة والبحث التقني، معربان عن ارتياحهما للتعاون المثمر والمتنوع في مجال الصحة والذي تجسد بمرور الوقت ، على المستوى الثنائي والإقليمي ومتعدد الأطراف، واتفقا على إضفاء دينامية جديدة وتحيين المشاريع التي تم الشروع فيها سابقا.


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.