عكست الأحداث والوقائع المتتالية طوال الفترة الأخيرة توجها جديدا لدى الفنانين المغاربة حيث أضحى من العادي تقديم العزاء عبر نشر صورة الراحل وكسب عدد من اللايكات والتعليقات على حساب الأموات، دون تكبد عناء الحضور للجنازة.
الحال كما هو عليه في جنازة هرم الكوميديا المغربي عبد الرحيم التونسي المعروف ب (عبد الؤوف)، الذي لم يحضر جنازته سوى 4 فنانين ليجزيه الأخيرين بتعزية فايسبوكية وتأثر مصطنع.
كل هذا يجعلنا نطرح مجموعة تساؤلات حول حياة الفنان وعلاقاته الفنية؟ وهل أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي كفيلة بتقديم التعزية و إظهار كمية من التعاطف الزائف؟ أم أن فن التظاهر أصبح يطغى على إنسانية الفنانين المغاربة الذين يستغلون الموت لكسب لقمة عيش من إشهارات مواقع التواصل؟ أو أن كلمة (فنان) أصبحت متاحة للجميع ؟
بشرى المرابطي : العالم الافتراضي خلق مشاعر مزيفة
وفي هذا الصدد قالت بشرى المرابطي أخصائية نفسية وباحثة في علم الاجتماع، في تصريح أدلت به لجريدة بلبريس الإلكترونية، إن “ما أقدم عليه بعض الفنانين يختلف بمدى نجومية الفنان ومدى علاقته بالفنانين، حيث نلاحظ توافد عدد منهم على جنازة الأكثر نجومية، وهذا يظهر عدم تعاملهم بنفس الطريقة والتعامل الذي ينبغي أن يكرم به الفنان المغربي”، مؤكدة أن “هناك نوع من التمييز والتهميش، وهو ما يعكس عدم النضج الكافي المفترض في الفنانين حيث يجب أن يكون هناك نوع من التضامن والإلحام وأن موت أي فنان فيه تماس مع العمل الفني بذاته بغض النظر عن الشخص وفيه رسالة للجمهور والمسؤولين”، مبرزة أن “هذا السلوك يعيد إنتاج التمييز والتهميش”.
وأوردت المرابطي أن “المبالغة في تعاطف الفنانين عبر مواقع التواصل الاجتماعي موجودة في جميع المجتمعات وأن السبب يرجع للعالم الافتراضي وما يتطلبه من تحسين صورة الشخص والتفاعل اليومي في العالم الذي جعل حتى الأحاسيس تبتعد عن ماهو حقيقي إلى ماهو مزيف”، مشددة أن “رغبة الإنسان في الحضور اليومي في مواقع التواصل والتفاعل مع الأحداث الصغيرة والكبيرة في المجتمع تدفعه لتصنع مشاعر معينة وتصنع التضامن والحزن والألم من أجل أن يحظى بعدد من الإعجابات والتعليقات، لأن كثرة المشاهدات والايكات هي تعبير عن حيوية ذلك الحساب”، مؤكدة أن “العالم الافتراضي دفع بالمشاعر المزيفة إلى أبعد مدى حيث بدأنا نعيش أشياء غير حقيقية “.