أبرز عشر محطات في قراءة وتحليل الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش

وجه الملك محمد السادس خطابا جديدا مساء السبت 30 يوليوز 2022، بمناسبة الذكرى الثالثة والعشرين لتوليه عرش المملكة المغريية، خطاب يأتي في سياق إنتظارات كثيرة تربطه بالرأي العام الوطني " الممثل في الشعب"، نظرا لخصوصية هاته الفترة.

في هذه الورقة التحليلية، إستعرض أبرز معالم تحليل هذا الخطاب وقراءة مضامينه، وفق مؤشرات خطابية تم التركيز عليها في مراحل مختلفة من عملية بناء المعنى في الخطاب.

1- خطاب التكامل بين الرجل والمرأة من أجل أسرة مغربية متماسكة، في محاولة منه لإرجاع المياه إلى مجاريها فيما يخص العلاقة المضطربة بين الرجل والمرأة لأسباب متعددة، تؤدي في نهاية المطاف لعدم تماسك الأسرة وبالتالي تفكك قيم المجتمع ومؤسسته الأولى من مؤسسات التنشئة الإجتماعية ، وقد أشار إلى الجانب السوسيولوجي في خطابه، والقانوني ايضا، والذي اكد من خلاله أن مدونة الأسرة معدة للأسرة وليس للرجل او للمرأة.

2- خطاب الأصالة والمعاصرة والتجديد، حيث يدعوا للرجوع للنصوص الاسلامية والانفتاح المعقلن، مؤكدا أن الهوية المغريية وخصوصيات المجتمع المغربي لا يمكن طمسها، كما أن المرجعية الاسلامية لا يمكن تجاوزها، لكن هذا لا يعني الانغلاق وعدم قبول الآخر ، بل يفتح الباب دائما للإنفتاح المعقلن والتجديد العقلاني.

3- خطاب الأمل، في ظل ظروف صعبة يعيشها المغاربة، بسبب الغلاء المعيشي. هذا الغلاء الذي عبر المغاربة عن رفضهم له عبر وسائل الإحتجاج الرقمية الجديدة، من خلال نشر هاشتاغات وغيرها، ليتأتي خطاب العرش متفاعلا مع هذه المطالب في المعنى الضمني والغير مباشر للخطاب.

4- خطاب التحذير، لمن يستغل أزمات المغاربة ليزداد غنا، في إشارة مباشرة للشركات والأشخاص اللذين يزدادون غنا رغم الأزمة الخانقة التي يعيشها المغاربة في السنوات الأخيرة.

5- خطاب الوحدة الداخلية، بين جميع المغاربة بمختلف قبعاتهم للتعاون والتكافل من أجل تجاوز الأزمة، وهنا يقوي مشاعر الإنتماء، وضرورة التحلي بروح الوحدة الوطنية ،سواء تعلق الأمر بالانسان المغربي الوزير أو الإنسان المغربي النجار على سبيل المثل، مؤكدا أن لكل دوره في الخروج من الأزمة.

6- خطاب الوحدة الخارجية، بين الشعبين المغربي والجزائري، وقد تعمد الخطاب التركيز أولا على الوحدة بين الشعبين قبل أن يمر للحديث على العلاقات الديبلوماسية بين البلدين.

7- خطاب الحكمة، الموجه للرئاسة الجزائرية، في تأكيد متكرر لما سمي " بخطاب اليد الممدودة سابقا" ، في إطار المجهودات الديبلوماسية التي يبدلها المغرب من أجل وحدة المنطقة المغاربية عموما وربط علاقات حسن الجوار مع الجزائر بصفة خاصة، فعكس الخطابات الرئاسية الجزائرية التي تعادي المغرب، حاول الملك بعث إشارات تواصلية لإعادة ترتيب الأوراق.

8- خطاب الثقة، والذي يؤكد من خلاله ان الملك على دراية بما يجري في البلاد، وملتزم بمسؤوليته تجاه شعبه، ويحاول من منطلق مسؤوليته العمل على توجيه مختلف المؤسسات لخدمة المواطن.

9- خطاب الصمود، " على المستوى الشخصي" و" المؤسساتي، الصمود على المستوى الشخصي واضح، فرغم الحالة الصحية المتدهورة للملك، إلا أنه ملتزم بالمواعيد الكبرى، ليبعث إشارات ضمنية للشعب وللمؤسسات، للتحلي بروح الصمود من أجل مصلحة الوطن.

10- خطاب التطلع لغد أفضل ، رغم الأزمات المحيطة بالبلاد داخليا وخارجيا، في أفق فتح صفحات جديدة على كافة الأصعدة، أهمها تجاوز الأزمة الاقتصادية الداخلية والتواصلية بين النساء والرجال، وتجاوز الأزمة الديبلوماسية الخارجية مع الجارة الجزائر.

هو تحليل مختصر لخطاب يمكن أن نقول عنه الكثير، لكن يبقى الجوهر الأساسي لعملية بناء المعنى في أي خطاب، هو الأساس الذي يجب التركيز عليه في أي قراءة أو تحليل، وجوهر خطاب العرش هذه السنة، تركيزه على توحيد الجهود كعادة المغاربة من أجل تجاوز مختلف الأزمات، والتكامل الداخلي بين المواطن والمسؤول والرجل والمرأة من أجل تماسك أسري ومؤسساتي، والتكامل الخارجي بين الشعبين الجزائري والمغربي وبين المؤسستين الملكية المغربية والرئاسية الجزائرية من أجل بناء مستقبل أفضل.